أيمن نور

الأحزاب «الفضائية» السياسية سابقاً

الإثنين، 14 نوفمبر 2011 07:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا لم يعد أحد فى مصر راضياً بدوره؟! رجال الأعمال، أصبحوا رجال إعلام!! ينفقون مليارات فى إقامة الفضائيات!!

ورجال الإعلام أصبحوا رجال أعمال، يتقاضون الملايين ويؤسسون المشروعات!!

وكلاهما يتوحم على السياسة.. التى باتت مهنة من لا مهنة له!!

مصر هى الدولة الوحيدة التى تقيم فيها الفضائيات أحزابا!! وأحياناً تتحول الفضائية لحزب وربما تيار.

رجل الأعمال الناجح فى كل بلدان العالم، يهتم بأعماله، ويساند رجال السياسة بماله، أما فى مصر فيتوحم رجل الأعمال على السياسة، ويمارس رجل السياسة البزنيس، مما أفسد السياسة والبزنيس معاً!!

لو رضى كل منا بدوره لاستقامت أمور كثيرة فى مصر الآن.

لو رضى المجلس العسكرى بدوره كناقل للسلطة وأمين على الثورة، لما دخلنا فى تلك الأزمات بفعل رغبات تتصل بالمستقبل، شفت عنها ممارسات مختلفة وخطيرة، وآخرها بعض نصوص ذلك الإعلان الدستورى التى تنقل الجيش من دور إلى دور، أو إلى موزع أدوار!!

لو رضى رجال الأعمال بدورهم، لخدموا مصر أكثر، من خلال أعمالهم ومشاريعهم، ودعمهم المالى للإعلام والسياسة بدلاً من أن يتحولوا إلى ساسة بلا خبرة وإعلاميين بلا علم، فيفسد عملهم ويفسدون السياسة والإعلام.

لا أعرف مالك قنوات الـCBC الذى اشترى العديد من القنوات الأخرى، وربما لم أشرف يوماً بلقاء الرجل، أو التعرف عليه، لكننى سعيت منذ ساعات للاتصال به لأشكره على موقفه المحترم الذى أعلن عنه بدعوة كل الأحزاب للحصول على مساحات إعلانية «مجانية» بقنواته، دون تفرقة أو تفضيل أو تمييز!!

ما حملنى على البحث عن الرجل وشكره، إنه ليس لديه مشروع سياسى أو حزبى، وربما كانت دعوته هى محاولة لإيجاد توازن لوضع شديد الخلل بفعل عدم العدالة فى الفرص بين فضائيات تملك أحزابًا، وتروج لها صباح مساء، وأحزاب تقصى من خارطة الفضائيات لأهواء سياسية!!

ما استوقفنى فى الدعوة التى شاهدتها على CBC تلك العبارة الاستهلالية وهى: «من أجل عدالة حزبية»!!

فما أحوجنا إلى هذه العدالة، حتى لا تتحول الأحزاب إلى صناديق استثمار، وفروع لشركات قابضة بالمال.

يمكنك أن تصنع نجماً سينمائياً.. فكثير من المنتجين صنع نجوماً من عدم ولو لفترات محدودة.. مديرو الدعاية يسقطون الأضواء على النجم المرتقب.. يصورونه من زوايا تخفى عيوبه، وتبرز جماله، يضعون الابتسامة على وجهه، ويضعون النكت على لسانه فتحسبه الريحانى أو هنيدى، ويروون عنه القصص والمغامرات، متوهمين أنه «دون جوان» عصره!!
لكن السياسة ليست سهلة كالسينما، فالناس فى السياسة يبحثون عما وراء الصورة وسرعان ما تنكشف الحقيقة، بعيداً عن الأضواء، والكاميرات، والأموال والنصوص المكتوبة، والأخبار المكذوبة!!

يمكن أن يقبل الناس على مشاهدة فيلم كتبه سيناريست جيد، وأخرجه مخرج خلاق، ومثله بطل مقلد، يقول ما كتب له كالببغاء، ويؤدى الحركات كما رسمت له، ويتدخل المونتاج لتبدو كما أراد المخرج أو تصورها خياله المبدع.

لكن الناس لا يمكن أن يقبلوا على السياسى لو كان رجلاً تافهاً، لا قيمة له، ولا فكر، ولا رأى، ولا موقف، ولا تاريخ، ولا مستقبل!!

فالكواليس تحمى النجم السينمائى، والكاميرات والأضواء تخدع الناس وتبهرهم، لكن السياسى الذى يلتحم بلحم الناس ويعبر عن آلامهم، وأوجاعهم ويخطط ويدافع عن مستقبل أبنائهم ينكشف فى أول احتكاك.. فاللمبات المغشوشة يمكن أن تحتفظ بقيمتها مادامت فى علبها الكرتونية، لم تختبر بعد، لكنها إذا ما طالها التيار تفقد فوراً كل قيمة، وتتحول إلى زجاجات ضارة غير مؤهلة أو قادرة على الاستقبال أو الإرسال، هياكل خربة!! وكذلك السياسى المغشوش، لا رسالة له، ولا هدف، ولا دور، ولا قيمة!!

سمعت يوماً مغامراً يدق أبواب العمل السياسى بإلحاح رغم الفشل الذى يلاحقه من مكان لمكان، وهو يبرر أسباب إلحاحه بأنه سعى للشهرة منذ طفولته عن طريق كرة القدم فلم ينجح، فدق أبواب الفن.. فلم تفتح!! فراح يبحث عن ضالته فى السياسة!!

عجبت وهذا المغامر يعدد المزايا التى تؤهله لدخول الساحة السياسية بقوة، بينما هى جميعاً مؤهلات ومبررات لتطهيرها من أمثاله!! لم أسمع منه مبرراً واحداً مقبولاً يخرج عن دائرة رغبته وشهوته فى أن يشير الناس إليه بالبنان!!

فى البلدان المتقدمة العمل السياسى ليس حكراً على أحد، فالناس جميعاً يشتركون فى اختيار من يحكمونهم ومن يمثلونهم، يشاركون فى الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، ويلعبون أدواراً حاكمة فى تشكيل توجهات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن احتراف العمل السياسى أمر مختلف، وصناعة ثقيلة تشترك فيها المدارس الفكرية، والأحزاب السياسية، وتبذل جهداً واسعاً لتفرز من بين صفوفها قلة مؤهلة لأن تلعب دورا أصقلت ودربت وتعلمت وثقفت لتكون مؤهلة له.. فمواجهة الجماهير حرفة، وتمثيلها بصدق حرفة، والمشاركة فى التخطيط لمستقبلها حرفة، والتفاعل معها حرفة، واحترام كرامتها وشرف تمثيلها حرفة، فكيف لنا أن نظن ونحن فى زمن التخصص والعلم أن السياسة دون غيرها من مجالات الحياة هى حرفة من لا حرفة له؟!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة