جمال مصطفى عبد الهادى يكتب: يا أهل القانون.. رحماكم بمصر

الأحد، 13 نوفمبر 2011 09:12 م
جمال مصطفى عبد الهادى يكتب: يا أهل القانون.. رحماكم بمصر صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعظم بلحظة توحد فيها الشعب المصرى فذابت فيها كل شوائب الانقسام والتحزب، وتجرد الكل وتنزه من مصالحه ومطامعه الشخصية. فأنجز الشعب ثورة ما حلم بها أحد من مواطنيه، وأسقط الشعب المصرى رأس النظام الذى ظن من فرط جبروته أنه بمنأى عن أن ليس لمرشحه إنس ولا جن.

أبدع الشعب المصرى فى سلمية الثورة بمطالبها العادلة فنال إعجاب العالم قاطبة وازداد احتراما وإجلالا حين راح شباب ثواره يرفعون غبار الميادين ويؤمنون المواطنين ليل نهار بعد ما أصاب جهاز الشرطة من انهيار.
لقد كادت مصر تفقد مقومات الدولة وعناصرها بعد أن تخبط جهاز الحكم المحلى وانهارت وزارة الداخلية ولم يبق من هيكل الدولة القانونية سوى القضاء المصرى الأصيل الذى ظل وبإصرار يمارس قضاءه بين الناس رغم ما أصاب المحاكم من خلل جسيم فى تأمينها ولكن قضاة مصر فطنوا بحكمتهم إلى أن استمرارهم فى أداء أعمالهم هو صمام الأمان الوحيد الذى إن خلا منه هذا الوطن فإنه لا بديل إلا حالة من الفوضى واقتناص الحق بالقوة لكل مطالب به.

لقد ضربت السلطة القضائية أروع المثل فى العطاء وإنكار الذات شاركها فى ذلك محامون آمنوا برسالتهم واحترموا واجبهم المهنى والوطنى فكانت سلطة القانون تسود البلاد رغم غياب الأمن فى صورة غير مسبوقة.
وما كدنا نلملم ركنى الدولة المتمثلين فى المحليات والداخلية حتى امتلأت محاكم مصر بالعديد من قضايا الفساد والأموال وقتل المتظاهرين ومازال القضاء المصرى يعكف بجناحيه الجالس والواقف على نظر تلك القضايا التى ترهق من فرط حساسيتها أعقل العقول وأعدل العدول عن حملها.

نعم.. كان الله فى عون كل من شاء قدره أن يسهم بجهد له فى حمل هذه الأمانة الثقيلة، ولكن كان طبيعياً ومحتملاً وقائماً ومتوقعاً أن يشهد الشعب المصرى أى انقسام قد يحدث بين من يمارسون السياسة سواء فى صورتها الحزبية أو الائتلافية أو بين أصحاب التوجهات والمعتقدات الدينية، وهذا ما تئن به مساحة المشهد الآن، أما ما صدم الشعب مثقفيه وأمييه أن تشهد المساحة هذا الانقسام الحادث بين أهل القانون، وبقدر حجم الثقة يكون حجم الصدمة.

ففى النظام البائد كانت صدمه الشعب وصرخته المكتومة ضد قانونيين أسهموا بتشريعاتهم فى تأليه الحاكم وأسدوا عليه قدسية بنصوص قانونية ضلت سبيل العدالة، وقننوا له سياطا من القوانين يلهب بها كل معارض.

صرخ الشعب كثيرا إلى قضاء لم يسمعه أحد إلا شرفاء من قضاة كسروا طوق حظر السياسة وعلت ضمائرهم القانونية فتصدروا لكل فاسد وفاسد.

والآن.. لقد حانت لحظة تاريخية تفرض على طرفى العدالة أن تعلو متطلبات اللحظة فوق كل اعتبار مهنى، وأن للجميع أن يدرك فيها أن القضاء أمانة وأن المحاماة رسالة.

إن المشهد الآتى يجب أن يتغير ليسمو إلى ما عليه الوطن من مخاطر وأخطار محدقة، وأن الصورة لابد أن يختفى منها كل ملخ للانقسام وأن يؤجل كل اختلاف فى وجهتى النظر.

وأن يسعى كل صاحب موقف لأن التاريخ يسجل للممسكين بزمام الأمور على الجانبين مواقفهم. ولن يرحم كل من يعلى مصلحته الذاتية أو الفئوية على مصلحه هذا الوطن.

إن الانفلات الأمنى الذى ما زلنا نلملم أشلاءه أيسر بكثير من أن يعقبه غياب للقانون وقضاء حوائج الناس بمقتضى عدل القضاء، وإلا انفلتنا وارتددنا إلى عصر الغابة، وإن مصر على أعتاب انتخابات لذلك فإن أسرع ما تتطلبه برلمانية نأمل أن تكون أول انتخابات شريفة ونزيهة بعد الثورة ولن نصل بها إلى ما نأمل سوى بإشراف قضائنا الراسخ.

وأخيرا إن مصر أمانة فى أعناقكم ومهمتكم ثقيلة قدر ما ارتضيتم أن تحملوه من أمانة، أعانكم الله ورعاكم وأمن مصر أرضا وشعبا بعدلكم وحكمتكم، لتبقى مصر فى ضمائركم ولأنها فى أشد الحاجة إليكم، فلا تخذلوها.

حفظكم الله أبناءً مخلصين وحفظ مصر بفطنتكم وعقولكم.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة