إذا سألنا الصغير قبل الكبير ما هو أعظم شىء وهبه المولى عز وجل لمصر وللمصريين فسوف يجيب على الفور: "إنه نهر النيل العظيم شريان الحياة للمصريين، وفى نفس الوقت إذا سألت عن شعب يهدر ثرواته المائية بلا وعى، فتكون الإجابة أيضاً هم المصريون".
ألا نعلم أن الحرب الشرسة القادمة هى حرب المياه؟.. ولتنظروا إلى التحركات الإسرائيلية الخبيثة منذ عقود مضت وحتى الآن!.. حيث احتلوا هضبة الجولان ليسيطروا على أنهار المياه هناك ولا يزالون يخربون فى العراق ليستولوا على أنهار المياه ولعل أبلغ دليل هو عبثهم ووسوستهم فى الآذان الأثيوبية واختراع ما يسمى بسد الألفية وتحركاتهم الخفية فى جنوب السودان وإغراقها بالسلاح وعرضهم المساعدات التكنولوجية والصناعية والمالية، وهذا كله لم يكن من أجل عيون الأخوة السودانيين الأشقاء، ولكن لفرض السيطرة فيما بعد لتضييق الخناق على مصر فى موضوع المياه والعبث فى الخفاء لإصدار اتفاقية إفريقية لدول حوض النيل لتقليل حصة مصر من المياه!
كل هذا يحدث ومع ذلك نتفنن نحن المصريين فى إهدار المياه الصالحة للشرب مثل رش الشوارع ليل نهار بطريقة عشوائية تكاد تسقط الكبير والصغير على الأرض، مما يؤدى إلى التسبب فى حوادث وإصابات أليمة بالإضافة إلى غسل السيارات فى الشوارع عمال على بطال!
وليعرف كل من يهدر هذه المياه أن هناك الملايين من الأشخاص الذين يتمنون قطرة مياه لضمان الحياة لهم، ولننظر إلى أنفسنا عندما يتم قطع المياه لبضع ساعات فقط فنجد أنفسنا مثل المجانين ونظل ندعو لعودة المياه ونتساءل بشغف متى ستعود المياه وفى هذا الوقت فقط نعرف قيمتها، وعندما تعود االمياه نعود كما كنا وكأن الأزمة لم تحدث بعد!.
إن الإنسان يستطيع أن يتحمل الحياة لفترة حوالى 10 أيام وأكثر بدون طعام، ولكن بدون المياه فلا يستطيع التحمل أكثر من 6 أيام وبعدها يموت.
وكلنا يعلم أن الإسراف فى المياه أثناء الوضوء مكروه، فما بالنا بالإصراف أثناء الاستهلاك الشخصى أو الرش فى الشوارع وغسل السيارات؟... إلخ.
أليس من العقل أن تعمل الحكومة على توصيل مياه تلمبات أرضية أو حتى صرف صحى معالج بمواسير فى الشوارع والميادين، وذلك للتقليل من إهدار المياه الصالحة للشرب التى لا تعوض بمال ولا حتى نستطيع شراءها بالمال.
أقترح تخصيص أرقاما معينة للإبلاغ عن أى شخص أو جهة تقوم بإهدار المياه الصالحة للشرب بأى طريقة أو الإهمال فى إصلاح وصلات المياه الخاصة به، ولنتعامل بتحضر وضمير حتى لا يأتى يوم لا نجد فيه قطرة مياه للشرب وليس للرش!.. كما أتمنى أن يتم إصدار قوانين ولوائح تجرم الإصراف والإهدار لمياه الشرب وتحرير مخالفات فورية أولاً، ثم قطع المياه عن المنزل المخالف أو المنشأة أو الجهة المخالفة لمدة يوم مثلاً وتتضاعف المخالفة ومدة قطع المياه كلما زاد حجم الإصراف والإهدار.
ولكن لا بد أن يسبق ذلك حملة توعية مكبرة وشاملة على جميع أنحاء الجمهورية ويشارك فيها رجال الدين والعاملون فى مرافق المياه والإعلاميين فى جميع وسائل الإعلام المرئى والمسموع والمقروء.
لعل وعسى أن نفيق من هذه الغيبوبة ونعرف قيمة المياه الصالحة للشرب التى يستحيل لأى كائن حى أن يعيش بدونها.
