بشير العدل

قال لى صديقى وهو.. لا.. يحاورنى

الجمعة، 11 نوفمبر 2011 09:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما هى إلا أيام قلائل تذوقنا خلالها سعادة الاجتماع الأسرى والالتفاف حول مائدة عائلية قلما تنصب إلا فى المناسبات، وهى أيام عيد الأضحى المبارك التى ابتهجنا فيها أكثر بسبب الابتعاد عن السياسة والتفكير فى عوامل خداعها وعدم وضوحها والحيطة والحذر فى التعامل معها حتى انتهت الإجازة وعدنا مرة أخرى لنفس الدائرة التى ندور فيها دائما سواء كنا مواطنين عاديين أو منشغلين بالسياسة أو متابعين للأحداث.

ومنذ أن عدنا لساقية العمل والدوران فيها حتى سألنى صديقى عن رأيى فى قضية تمكين المصريين فى الخارج من التصويت فى الانتخابات القادمة وفقا لما تم إقراره واتخاذه من إجراءات لتسهيل تلك العلمية فما كان منى، إلا أن أجبت بعفوية وتلقائية شديدتين بان العملية برمتها ماهى إلا محاولة لإعادة حقوق للمصريين فى الخارج أضاعها، بل اغتصبها النظام السياسى السابق بعد أن تجاهل القانون والدستور وأكملت إجابتى بأن إعادتها يجب أن يكون وفقا للقانون الذى لم يمنح الحق لهم كاملا رغم كل ما قيل عن إجراءات تسهيلية.

فقال لى صديقى إن المصريين بالفعل حصلوا على حقوقهم وبالقانون وأنه لا يوجد ما يمنع من حصولهم عليها بعد الأحكام الصادرة لصالحهم، فقلت له إن الأحكام فى حد ذاتها ليست كافية لإعادة الحقوق وإنما العبرة بالتنفيذ فكم من مواطن يحمل أحكاما واجبة التنفيذ ولم يحصل على حقه حتى الآن.

فقال لى معنى كلامك أنك تشكك فى نية الحكومة وفى إجراءاتها فقلت له أننى لا أشكك ولكنى أحلل وأعطى رأيا من واقع ما نلمسه على الأرض فسألنى عن أسبابى فقلت له إن الدستور أعطى المصريين فى الخارج حق التصويت فى الانتخابات وصدرت أحكام إدارية لصالحهم وقامت الجهات المختصة بالفعل باتخاذ كل ما من شأنه تمكينهم من ذلك إلا أن تلك الإجراءات لا زالت خارج القانون والدستور ذلك لأن التعديلات الدستورية التى وافق عليها الشعب فى مارس الماضى اشترطت للانتخابات البرلمانية الإشراف القضائى الكامل والتصويت ببطاقة الرقم القومى وغير ذلك من الاشتراطات القانونية التى وضعها الإعلان الدستورى الذى تم الاستفتاء عليه والتى يجب بناء عليه تطبيقها وهو الأمر الذى لا ينطبق على التصويت بالخارج، حيث لا إشراف قضائى كامل ولا تصويت ببطاقة الرقم القومى وإن كانت الحكومة بدأت إجراءات تمكين المصريين من استخراجها ولا تقسيم عادل للدوائر حسب التوزيع الديموجرافى فى كثير من البلدان، ومن ثم فإن كل الإجراءات التى تتخذها الجهات المعنية خارج القانون والدستور ومن ثم فإن كل محاولة، حتى الآن، تعد عرضة للطعن بعدم دستورية الانتخابات عن كاملها.

وأكملت إجابتى: وإن افترضنا جدلا أن من حق المجلس الأعلى للقوات المسلحة إصدار التشريعات المطلوبة على اعتبار انه الذى يقوم حاليا بدور السلطتين التنفيذية والتشريعة فى ذات الوقت فإن التعديلات الدستورية التى تم الاستفتاء عليها خارج هاتين السلطتين ودخلت فى إطار السلطة الشعبية ولا يجوز تعديلها عن طريق المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإنما الأمر يحتاج إلى استفتاء شعبى جديد حتى يضفى الشرعية على أى تعديلات يتم اتخاذها وحتى لا تتعرض العملية الانتخابية برمتها للطعن بعدم الدستورية وهو ما سوف يظهر من جانب المرشحين الخاسرين فى الانتخابات.

فالأمر يتطلب إذا اتخاذ إجراءات فى إطار الشرعية الدستورية بعيدا عن المواءمات القانونية والمجاملات ومحاولات تصحيح أوضاع خاطئة بأوضاع أكثر خطأ وهى أمور لا يملكها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وبعد أن قدمت أسبابى ملخصة وجدت صديقى قد انفعل وقال لى بلهجة تخرج عن سياق الحوار وتعجل بإنهائه إنك لا تفهم قواعد اللعبة السياسية، فسألته عنها فقال إن لعبة السياسة يكون فيها الغالب هو المستمر وأن ما يحدث الآن ما هو إلا إجراء لصالح الغالب وهو المواطن الذى هزم الأنظمة أيا كانت وبغض النظر عن آليات اللعبة السياسية فما يحدث لصالح المصريين فى الخارج هو انتصار للمواطن المصرى فى الداخل والخارج وبغض النظر عن أى شئ حتى لو كان الأمر خارج القانون فإنه سوف يحدث ويتم إجراء تشريع ليقننه فيما بعد.

فقلت له إن هذه هى سياسة نظام مبارك الساقط، الذى كان يفصل القوانين ويطبخها، إما لتحقيق مصلحة خاصة بالحزب الحاكم وإما لخضوعه لضغوط خارجية وفى كلتا الحالتين لم يكن يتخذ إجراء قانونيا، ولذلك وقعت الحياة السياسية برمتها فى شرك قانونى ودستورى عجز عن أن يخرج منها إلا بثورة أطاحت به من جذوره.

فقال لى صديقى، الذى لم يعد يحاورنى، إن القوانين يجب أن تكون لخدمة المواطن وليس المواطن فى خدمة القانون قلت له هذا هو الصواب، أما ما يحدث الآن فإنه بعيد عن الصواب قال لى إن الأمر لم يعد فى دائرة ما يجب أن يكون ولكن القوى هو الذى يفرض سيطرته وتسير الأمور وفقا لشروطه ورغباته.

وأنهيت الحوار مع صديقى بأن وضع البلاد لم يعد يسمح بالخروج عن القانون فما يترتب على باطل فهو باطل ولا ينبغى أن نسير فى حلقة مفرغة ويجب أن نصحح الأوضاع وما جعلنا نعيش تحت إمرة نظام سياسى لم يعرف القانون والدستور يجعلنا نصبر حتى نصحح الأوضاع ونبنى نظاما ديمقراطيا قائما على أساس احترام الإرادة الشعبية بعيدا عن القوانين التى تصدر لمصلحة وقتية لا تأخذ المستقبل بالحسبان، أما العجلة فى اتخاذ القرارات وإصدار القوانين سوف يعجل أيضا من انهيار كل ما بنى على أساسها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة