ترجمة لكتاب "الأعمال المصرفية والنشاطات المالية فى العالم"

الخميس، 10 نوفمبر 2011 08:59 ص
ترجمة لكتاب "الأعمال المصرفية والنشاطات المالية فى العالم" غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبى للثقافة والتراث، الترجمة العربية لكتاب "الأعمال المصرفية والنشاطات المالية فى العالم الرومانى"، للمؤلف جان أندرو ونقله للعربية الدكتور عبد اللطيف الحارس.

ويعرض المؤلف فى هذا الكتاب رؤية متوازنة متقنة للأعمال المصرفية القديمة، فهو يشرح، ومن دون أيّة مبالغة، مدى تطورها، وانعكاسها على حدود المؤسسات المصرفية فى تشجيع تدفق رأس المال فى الاقتصاد القديم فى عدة مظاهر معينة.

ويوضّح الكتاب الكيفية التى جعلت الأعمال المصرفية قضية تتعلق بالمصرفيين الأفراد، الذين كانوا يقدمون القروض ويحصلون على الودائع، ما أدّى إلى تقييد المبالغ المالية المودعة فى المصارف، مما أعاق استمرارية أى نشاط مالى خاص، والذى لم يكن ممكنًا من الناحية القانونية أن يستمر خارج إطار حياة الفرد.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ معظم القروض التى ذكرت فى الأدبيات اللاتينية كانت بهدف الاستهلاك، كما أنّ معظم الأعمال المصرفية الموثّقة فى المصادر تتكون من تعاملات متوسطة أو قصيرة الأجل، مثل شراء البضائع فى المزادات العلنية.
ولا يجد مؤلف الكتاب سوى القليل من الوقائع حول القروض لأهداف منتجة؛ فهو يصرح وبوضوح "أنّ الأمثلة المعروفة للقروض المنتجة المتوسطة أو طويلة الأمد هى قليلة جدًا".

وشكلت الإمبراطورية الرومانية إطارًا سياسيًا واقتصاديًا (فترات طويلة من السلام، ضرائب يسيرة، ونظام قانونى معقد يحمى حقوق الملكية) تطورت فيه النشاطات الاقتصادية، وتتنوّع مصادر الأعمال المصرفية والنشاطات المالية، فمن الأدبيات التى تعبر عن سلوك النخبة فى التعاملات المالية، إلى النصوص القانونية التى تعرض لطريقة تفكير المشرّعين فى المسائل المالية القانونية، كالودائع والقروض، بالإضافة إلى الاعتماد على وثائق لقروض برزت حديثًا، والمتعلقة بألواح مورسين الخشبية من جنوبى إيطاليا، وقد استند المؤلف، علاوة على ذلك، إلى قائمة من المصادر والمراجع بلغت حوالى 1997 مرجعًا.

ثم يحدد المؤلف الأعمال المصرفية والنشاطات المالية على أنّها: (جميع العمليات المتعلّقة بالأموال بحد ذاتها، بشكل مستقل عن التجارة التى تقوم على التعاملات المتعلقة بالبضائع)، كما يركز على انخراط رجال المال من النخبة، وعمليات إقراض الأموال والنشاطات المالية الأخرى المنتشرة عبر الإمبراطورية داخل شبكة تتميز بالاكتفاء الذاتى، علاوة على ذلك فإن الكتاب يناقش أعمال المصرفيين المحترفين الذين كانوا يعملون على نطاق ضيق وإقليمى، وكانوا يحتفظون بالحسابات المصرفية، ويحققون أرباحًا عن طريق إقراض أموال الآخرين.

كما يتطرق إلى أصحاب المال، من بينهم المقاولون، والمرابون ورجال المال من التجار الذين كانوا ينخرطون فى أعمال القروض البحرية المحفوفة بالمخاطر.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الكتاب يتطرق إلى المهمشين الذين يجسدون النمط البدائى للتوازن بين الطبقة الاجتماعية والنشاط الاقتصادى، ويخلص إلى أنّ الحياة الاقتصادية فى العالم الرومانى قد استفادت ولقرون طويلة من وجود العبودية، وتمكن الرومان من تكييف العبودية مع حاجات حياتهم الاقتصادية.

ويلقى المؤلف نظرة فاحصة على ألواح مورسين من بومبيّى، والتى تشير إلى النشاطات المالية الواسعة لعائلة السولبيتشى، ويذكر الكثير من الأرقام المهمة للقراء الذين يفضلون النظر إلى النشاطات الاقتصادية والتاريخ الاقتصادى عبر الأرقام الحديثة.

ولعلّ من الأسئلة المهمة التى يطرحها الكتاب تتمثل فى الآتى: هل هناك سياسية مالية شاملة قديما تشبه السياسات المالية الحديثة؟ ثم هل هناك وحدة سياسية مالية فى المجتمعات القديمة؟ وكيف يمكن يطوّر الاقتصاد الرومانى القديم تقنياته مالية ؟ وما العلاقات التى تربط بين الطبقة الاجتماعية والممارسات الرومانية المالية من أجل السعى إلى الربح والتبادلية والتضامن الاجتماعى والقضايا المتعلقة بها؟ لذلك فإن الكتاب يقدم نماذج رائعة لكيفية طرح الفرضيات ومناقشة الآراء المتباينة للتوصل إلى استنتاجات معينة، كما أنّه يبين لنا مدى أهمية وتأثير بروز معطيات جديدة، وإن كانت متواضعة، فى حقل الدراسة برمته.

عمل مؤلف الكتاب جان أندرو مديرا للدراسات والأبحاث فى معهد الدراسات العليا التابع لمركز الأبحاث التاريخية فى باريس، وهو متخصص فى الدراسات الاقتصادية والاجتماعية للعالم الرومانى القديم، وخصوصًا الفترة الممتدة من القرن الثالث ق.م. وحتى القرن الثالث الميلادى، وله دراسات عدة أيضًا فى اقتصاد العالم القديم، والاقتصادات التاريخية ما قبل الصناعية، ويُدرِّس مادة: الأسواق والأعمال التجارية فى العالم الرومانى فى جامعة باريس، وله العديد من المؤلفات والكتب والمقالات المنشورة فى وسائل الإعلام المختلفة.

أما المترجم د. عبد اللطيف الحارس فيعمل أستاذا محاضرا فى الجامعة اللبنانية منذ العام 1986 ورئيس قسم التاريخ فيها، حائز على شهادة دكتوراه فئة أولى فى التاريخ من جامعة كولومبيا فى نيويورك عام 1985. وله العديد من الكتب المنشورة، ومجموعة من الكتب والمقالات المترجمة منها كتاب (شوكت باموك.. التاريخ المالى للدولة العثمانية)، وكتاب (خليل إينالجك.. التاريخ الاقتصادى والاجتماعى للدولة العثمانية)، إضافة إلى مقالات وأبحاث قدمت فى مؤتمرات ثقافية عدة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة