أجمع عدد من الخبراء أن مصر سوف تواجه أزمة حادة فى الطاقة خلال السنوات المقبلة، ما يفرض على الحكومة سرعة البحث عن بدائل فى ظل احتمال تعقد الأزمة ماليا وفنيا بمرور الوقت، وكانت فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، صرحت أن الحكومة تعتزم إلغاء الدعم عن كافة المصانع المصرية، مشيرة إلى أن ذلك سوف يتم تدريجيا.
وأضافت أن الحكومة قررت إنشاء خطة زمنية يتم من خلالها مساعدة المصانع على استخدام الغاز الطبيعى بدلا من الطاقات الأخرى الباهظة الثمن مثل البترول والسولار وغيره من الطاقات، وذلك لما تملكه الدولة من احتياطى من الغاز الطبيعى.
وفى الوقت نفسه كشفت دراسة حديثة عن تعرض الهيئة العامة للبترول لأزمة سيولة نقدية كبيرة خلال العام المالى الحالى، حيث عزفت البنوك عن إقراض الهيئة لتخطيها السقف الائتمانى الخاص بها لديهم، ومن ثم تدهور جدارتها الائتمانية لعجزها عن سداد مستحقاتها للبنوك وللغير، وهو ما أرجعته الدراسة لتحميل الحكومة تكلفة دعم الطاقة على ميزانية الهيئة بشكل يضر باستدامتها المالية.
وقال الخبير الاقتصادى الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، إن استمرار ارتفاع فاتورة دعم الطاقة البالغ نحو 99 مليار جنيه فى الموازنة العامة الحالية على ضوء استمرار نمو الاستهلاك بشقيه الصناعى والمنزلى، وهو النمو الذى يدور حول 15% فى المتوسط سنوياً، من شأنه أن يجعل البدائل أكثر تكلفة، حال التأخر فى تنفيذ مشروعات جديدة لإنتاج الطاقة سواء الطاقة التقليدية أو الطاقة المتجددة.
ولفت إلى أن الحكومة حاليا تبحث عن بدائل تمويلية عبر الجهات المانحة أو التوسع فى نظام شراء الطاقة من القطاع الخاص أو عودة التشجيع الحكومى لمشروعات الطاقة بين القطاعين العام والخاص p.p.p.، منتقدا منظومة دعم منتجات البترول، خاصة أنها لا ترتبط بتحقيق قيمة مضافة أو تحقيق عائد، يساهم فى سد عجز الموازنة، داعيا إلى ضرورة التوسع فى استخدام الطاقات المتجددة بحلول عام 2020 بنسبة لا تقل عن 20%.
وقال إنه لا بد من توجيه نداء لوزارة المالية للبدء فورا فى مراجعة منظومة الدعم واستخدام الوفورات فى قطاعات التعليم والصحة.
ومن جانبها طالبت الدكتورة سلوى العنترى، رئيس قطاع بحوث البنك الأهلى سابقا، بسرعة مراجعة الدعم فى مصر خلال المرحلة المقبلة للحد من عجز الموازنة من خلال زيادة رفع الدعم عن المنتجات البترولية، بالإضافة إلى ضرورة التحول إلى "استيراد" الغاز لسد حاجاتنا من الطاقة خلال العشرين عاما المقبلة لحين البدء فى إقامة المحطات النووية، والاعتماد على الطاقة المنتجة منها، موضحة أن الكارثة الكبرى تكمن فى أسعار تصدير الغاز لأسبانيا وليس لإسرائيل.
وحذرت من احتمالات توقف القطاع الصناعى فى مصر فى حالة عدم وجود طاقة للتشغيل، مطالبة بالسماح للقطاع الخاص باستيراد الطاقة على أن تتولى الحكومة عملية التنظيم والرقابة على السوق، حتى لا تنفرد أى من الشركات بالسوق، مضيفة أن استمرار الدعم بصورته الحالية أدى إلى إساءة استخدام موارد البلاد وخلق أنماط استهلاكية جديدة فى ظل عدم توافر الطاقة، مشيرة إلى تحول الفلاح إلى استخدام أنبوبة البوتاجاز بدلا من الوسائل الطبيعية التى كان يعتمد عليها.
ودعت إلى أن يتم دعم قطاعات محددة فى الصناعة نحتاج إلى تنميتها على أن يقتصر الدعم على المراحل النهائية للتصنيع، محذرة من تداعيات رفع الدعم عن السولار على القطاع العائلى، خاصة أنه لا يستفيد من الدعم مباشرة ولكن أى تغيير فى أسعاره سيؤدى إلى ارتفاع تكلفة وسائل النقل والأسعار بما يؤدى إلى زيادة التضخم إلى نحو 33%.
ومن جانبها، ترى الدكتورة أمنية حلمى، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، أن المشكلة الرئيسية التى تواجه هذا القطاع تتمثل فى الخلل بين التكلفة والتسعير، حيث تلتزم الدولة حتى الآن لأسباب مختلفة بدعم الطاقة سواء للاستهلاك المنزلى أو الصناعى، ومن ثم فإن معالجة هذا الخلل تعد الخطوة الأولى لضمان تنفيذ المخطط الاستراتيجى الجديد والذى من دونه سوف تتعطل خطط التنمية.
وقالت إن اللجوء للبنوك التجارية سواء كانت محلية أو دولية لتمويل مشروعات الطاقة فى المرحلة القادمة يرفع التكلفة، نظرا للفوائد العالية التى تتقاضاها البنوك التجارية على القروض التى تمنحها، أخذا فى الاعتبار المدة الزمنية الطويلة التى يستغرقها إنشاء وتشغيل محطات الكهرباء.
وأضافت: "هذه مشروعات ذات طابع استراتيجى طويل الأجل، مما يستلزم البحث عن مصادر تمويل غير مكلفة أو ذات تكلفة معقولة، لا سيما أن الموازنة العامة للدولة لن تحتمل ضخ استثمارات كبيرة فى هذا القطاع لسنوات طويلة قادمة على خلفية العجز المتزايد الذى تعانيه هذه الموازنة".
خبراء: مصر ستواجه أزمة حادة فى الطاقة خلال السنوات المقبلة
الثلاثاء، 01 نوفمبر 2011 08:10 ص