سحر الجعارة

«من أجل شريحة موبايل»

الثلاثاء، 01 نوفمبر 2011 03:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مصر المحروسة أنت «مشروع ضحية» طوال الوقت، قد تدخل المستشفى للعلاج فتخرج فاقدا «كلية» أو حاملا «فيروس»!.

أو تدخل قسم الشرطة شاكيا فتخرج باكيا واحتمال متهما.. فما بالك لو دخلت «السجن»!!. خلف القضبان ابتدعت وزارة الداخلية أجهزة جديدة للعقاب، فالعقوبة لا تقتصر على الحرمان من الحرية ومخالطة المجرمين، بل تسلبك «أعز ماتملك».. كرامتك وأشياء أخرى!.

داخل أسوار السجن أنت مواطن فاقد للأهلية، منزوع الحقوق الإنسانية، فلسنا فى فيلم من إنتاج هوليوود لنرى الفراش النظيف ودورة المياه الخاصة، والهاتف والطعام الإنسانى.. وملاعب الرياضة.

نحن فى مصر، فى مشهد ما من دراما فيلم «رعب» مستمر، لا حقوق للمواطن الحر أصلا لنتكلم عن حقوق السجناء، ما يقال إنها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للإنسان تنتهك ليل نهار فى الأحياء العشوائية، التى ننظر إليها بشفقة دون أن نعى أنهم يدفعون ثمن رفاهية «الحرامية الكبار».. «ملعون أبوالفقر»!.

«عصام على عطا» لعن الفقر ألف مرة، لكنه ربما لم يجد سبيلا لتجاوزه إلا بالجريمة، فحكم عليه بالحبس لمدة عامين بتهم متنوعة، منها «البلطجة والاستيلاء على وحدات سكنية»، و«تسهيل وترويج مخدرات».

كيف وصل «عصام» لنقطة اللاعودة، وأصبح مصيره مظلما؟. لا أحد يدرى! المهم أنه دخل عالمه المتوحش فى عام المحاكمات التاريخية.

ربما تصور أنه سيتدبر أموره داخل السجن بالإتجار فى المخدرات، أو حتى فى خدمة أحد «الأكابر» من المحكوم عليهم.. أو أنه سيحترف «الكار»، أى كار، أو يتوب، لا أحد يملك يقينا عما حدث خلف الأسوار.

الحقيقة الوحيدة الثابتة أنه طلب «شريحة موبايل» من والدته، واستطاعت الأم تهريبها إليه.. منتهى الرفاهية فى واقع مظلم!.

وفى يوم 27 أكتوبر الجارى أصيب عصام «23 سنة»، بحالة إعياء شديدة وفقدان للوعى وإفرازات رغوية من الفم والأنف، وبتوقيع الكشف الطبى عليه بمعرفة طبيب السجن تبين إصابته باشتباه تسمم دوائى حاد.

ما إن وصل مستشفى المنيل الجامعى حتى توفى أثناء إسعافه.

مات «عصام» بعد اتصال هاتفى بوالدته طلب خلاله منها أن تحول له رصيدا وأن يتوجه والده لتحرير محضر للضابط، وإنقاذه منه لوضعه خرطوم المياه به مواد منظفة فى فمه وأجزاء حساسة من جسده، بعدما ظن الضابط أن الأم سلمته «مخدرات».

بحسب رفاقه فى الغرف المظلمة تعرض «عصام» لوصلات تعذيب مستمرة، وبحسب تاريخنا مع جهاز الشرطة، فهم لا يستأسدون إلا على الضعفاء. وجاءت تصريحات الدكتورة «عايدة سيف الدولة» عضو مركز «النديم للعلاج والتأهيل النفسى لضحايا العنف والتعذيب» لتلهب الرأى العام الذى عقد جنازة جماعية مع برامج «التوك شو». الدكتورة «عايدة» التى حضرت تشريح جثة «عصام»، أكدت أن مصلحة الطب الشرعى لم تكن مجهزة، وأنها تعاملت مع أهل «عصام» بأسلوب أقرب إلى أمن الدولة منه إلى الأطباء، ومن خلف دموع المصريين ظهرت شهادة طبيب قلبت القضية من النقيض للنقيض، الطبيب الشاب هو «أحمد صيام»، أحد أطباء جمعية «أطباء التحرير»، الجمعية أصدرت بيانا عن تقرير التشريح، وجاء فى البيان أن «عصام» لم يتعرض لأى تعذيب ولا توجد أى آثار كدمات على الجسم، وأن الوفاة نتيجة لتعاطى مواد مخدرة، وذلك بعد استخراج لفافة من الحشيش من أمعائه «!!».

فجأة تراجع من قال أنه «شهيد طرة»، وأصيب البعض بالذهول.. لكننى أرى أنه تعذب آلاف المرات، لم يعش شبابا ورديا، ولا «دخل دنيا»، ولا رحمه الناس من «النميمة»!.

تعذب «عصام» بسبب شريحة موبايل «ورجال مبارك فى القفص بالآى باد»، تعذب صبرا ويأسا وانكسارا وهزيمة، لا يوجد أشد من القهر تعذيبا للمواطن المصرى.. و«عصام» قهرته يد السلطة داخل محبسه، قد تكون سلطة الشرطة أو شرطة تجار المخدرات، ثم مات وحيدا بلفافة محشوة بالصبار!

وسوف يموت آلاف الشباب مثله، طالما كانت شريحة الموبايل أغلى من حياة المواطن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة