وقال له "اعمل فى مملكتى حدادًا فى الصباح حتى منتصف النهار وبعدها اتفرغ لشئون المملكة.. وكم علمنى الحديد كثيرًا من مهارات الساسة وشئون الحكم.. فى عملى الصباحى أدركت أن باللين تأتى ما لا تستطيع أن تأتيه بالعناد.. وأدركت أن شئون الحكم مثل الحديد عندما أتعامل معه.. فلا تأتى بعمل يرفضه الكل أو الأغلبية.. ولكن يمكنك أن تأتى الكثير منه باللين وعلى مراحل وبالتعليم والتماس العون وتقديم التوعية للآخرين.. كما تعلمت من النار الكثير.. فلا يمكننى أن أتجاهل النار أو أغفل عن وجودها فى أثناء اشتعالها.. وهو ما استفدت منه فى الحكم كثيًرا.. فقد أدركت أن الكثير قد يحاك ويدبر إذا أغفلت عينى.. وتجاهلت الشعب ورغباته.. فإن رغبات وطموحات الشعوب كاللهيب إن لم تنتبه لها أحرقتك.. وكم تعلمت من تعاملى مع النار والحديد.. فقد أدركت أن الحديد لا ينصهر دومًا بوجود النار فقط فقد يحتاج إلى عوامل تساعد على عملية إتمام الانصهار.. وأدركت أن تطرق الحديد وهو ساخن فى الكثير من الأمر إذا أردت له أن يطيعك.. ولكن انتبه وأنت ترفع درجة الحديد وأيضًا وأنت تطوعه.. فقد يصيبك بشظاياه وعناده وقوته.. احترس فتغيير معالمه وشكله يغضبه مالم تكن مسيطر عليه.. وتأكد من توافر مستلزمات الصهر وطبيعة نوع الحديد حتى لا تضيع وقتك فى عمل محكوم عليه بالفشل فى منتصف الطريق.. فاحذر القرارت المتسرعة غير المدروسة وغير المبنية على المعلومات والحقائق.. كما تعلمت أن أكون حذرا على من حولى من العاملين أثناء العمل حتى لا يصاب أحد بمكروه.. خاصة أن خطر النار والحديد شديد وحماقة الإنسان أشد خطرًا ما لم يسيطر عليها.. فإن تملكتنى الحماقة لن أستطيع أن أسيطر عليها.. وأصبت نفسى وغيرى بالخطر.. وهو ما أفادنى كثيرًا فى شئون الحكم.. فالشعب وأجنحة النظام القائم كالنار والحديد يحتاج إلى عامل منظم حتى يمكنهم أن يتعايشوا معًا.. فجعلت نفسى العامل المنظم فى أحيان والمسيطر على درجة الحرارة بشكل لا يؤدى إلى الانفجار أو إصابة أحد الطرفين بأذى أو خطر.. فقد تعلمت من الحدادة أنى المسئول عن أى خلل داخل هذه المنظومة.. تعلمت درجة الحرارة المناسبة وتعلمت متى يصهر الحديد وتعلمت ضرورة توافر العوامل المساعدة وتعلمت ضرورة الحفاظ على من حولى على درجة واحدة من التقدير والعناية.. فكل من حولى أنا فى احتياج إليه.. وعلمتنى الحدادة أن الأحمق والطائش يجب التخلص منه لأنه خطر على المكان ككل.. ولذلك وقعت الجزاءات الرادعة على الخطرين حماية للمكان ككل.. وحفاظًا على حق الآخرين فى الحياة والسلامة.. وهناك الكثير والكثير الذى تعلمته من مهنتى الصباحية التى أتأملها وأتعلم منها.. سواء فى الأوقات المليئة بالضغط أو التركيز أو التطوير أو التطويع أو فى أوقات التخطيط والتصميم والتنفيذ.. ولكن أستطيع أن أنهى قولى إن خير ما تعلمته أن تحترم شعبك ولا تثق فى غير شعبك واعمل على رفعته وتنميته وصيانته من الأوبئة والمخاطر ولا تطمع فى حق ليس حقك.. حتى لا يصبح غيرك الحداد
*خبير قانونى .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة