قانون الإيجار القديم يضع "الإسكان" فى مأزق.. مالكو العقارات يطالبون بإلغائه.. و8 ملايين مستأجر يهددون بالتصعيد ضد حكومة "شرف".. وثروت بدوى: القانون ظالم ويجب تعديله تدريجياً

السبت، 08 أكتوبر 2011 08:02 ص
قانون الإيجار القديم يضع "الإسكان" فى مأزق.. مالكو العقارات يطالبون بإلغائه.. و8 ملايين مستأجر يهددون بالتصعيد ضد حكومة "شرف".. وثروت بدوى: القانون ظالم ويجب تعديله تدريجياً مساكن وسط القاهرة - صورة ارشفية
تحقيق هبة حسام الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين إلغائه واستمرار العمل به، تنتظر أكثر من 8 ملايين أسرة الرد الحكومى على مطالب مالكى العقارات، بتعديل قانون الإيجار القديم الذى تم إقراره فى الأربعينيات من القرن الماضى، مراعاة لظروف الأسر الفقيرة آنذاك، ومع انتهاء العقد الأول من القرن الحالى بدأ مالكو العقارات الأصليون المطالبة بتعديل القانون أو إلغائه نهائياً، بهدف الاستفادة من فارق الأسعار فى الإيجار، خاصة أن القيم الإيجارية ارتفعت إلى ما يربو من 1000 جنيه فى أغلب المناطق المتوسطة، وتزيد أضعافا فى المناطق الراقية بمصر.

خبراء قانونيون وعقاريون وصفوا قانون الإيجار القديم بالجائر، خاصة أنه لا يفيد مالكى العقارات التى ارتفعت أسعارها أضعافا بعد الثورة، وطالبوا بتعديله لرفع القيم الإيجارية بصورة تدريجية، حسبما رأى الدكتور ثروت بدوى، أستاذ قانون الدستور بجامعة القاهرة، مضيفا أنه "يجب أن تبدأ الزيادة فى رفع الإيجارات بنسبة 100% بالنسبة للعقارات القديمة المنشأة فى الأربعينيات وما قبلها ثم تزداد بنسبة 50% كل 3 أو 5 سنوات، لافتا إلى أنه بالنسبة للعقارات المنشأة من الخمسينيات وما بعدها يمكن أن تبدأ زيادة الإيجار بها بنسبة 50% ثم 50% أخرى كل 3 سنوات.

وتابع "زيادة الإيجارات يجب أن تكون موحدة دون تصنيف المناطق، مؤكداً أن المستأجر ليس من حقه الشكوى لأن أى زيادة فى الإيجار مهما كانت قيمتها ستختلف عن القيمة الحقيقية للوحدة التى تساويها حاليا، ولكن الفائدة من هذه الزيادة هى تعويض جزء من حق المالك وليس حقه كاملا"، خاصة أن تعويض ملاك العقارات القديمة بقيم إيجاريه تقترب من القيم الحالية أمر يصعب تحقيقه، لذا يجب أن يعوضوا بجزء من حقهم أفضل من الوضع الحالى الذى يعيشونه بتحصيل إيجارات زهيدة.

ورحب أستاذ القانون بفكرة إنشاء صندوق لدعم المستأجرين عند تعديل القانون، بحيث يدعم هذا الصندوق المستأجر وغير القادرين.

رسمياً.. لم تجد وزارة الإسكان أية حلول للأزمة، فهى تقع ما بين أمرين كلاهما محرج، الأول درايتها بأن القانون القديم يظلم ملاك العقارات ويحتاج إلى تعديل، والثانى والأهم هو معرفتها بظروف المستأجرين الاقتصادية والاجتماعية، فالإسكان لا ترغب فى أن تكون طرفا لصراع مع ملايين الأسر، التى تهدد بالاعتصام والتظاهر حال تحرك الحكومة إلى تعديل القانون أو إلغائه، وإن كان ملاك العقارات قد نظموا وقفات احتجاجية أمام ديوان عام الوزارة ومجلس الوزراء فى وقت سابق.

وكان قانون الإيجار القديم الصادر سنة 1940 ظل العمل به حتى عام 1985، وعرف بأنه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشىء معين لقاء أجر معلوم، فهو عقد ثنائى تبادلى يقوم فيه التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين مقابل التزام المستأجر بدفع الأجرة المسماة فى العقد أو المقررة بالفعل وكل تغيير فى مدى التزام أحدهما يقابله حتماً تغيير مقابل فى مدى التزام الطرف الآخر، تحقيقاً للتوازن فى هذا النوع من العقود بين عاقديها، ولم يحدد هذا القانون مدة لإنهاء التعاقد بين الطرفين، فهو عقد دائم تمتد فيه العين المؤجرة إلى أبناء وورثة المستأجر.

وأكدت مصادر بارزة بالإسكان صعوبة اتخاذ أى خطوات أو إجراءات تجاه تعديل القانون حاليا، موضحة أن تعديل القانون يستلزم وجود مجلسى الشعب والشورى لمناقشته واعتماده.

وقالت المصادر لـ"اليوم السابع"، إن الحكومة الحالية انتقالية ملزمة بتنفيذ أولويات محددة، وليس دورها إصلاح كل شىء وتعديل كل القوانين الظالمة، مشيرة إلى أن الوقت الحالى لن يسمح بتعديل أى قوانين، خاصة قانون الإيجار القديم، والذى يمس شريحة كبيرة من المجتمع، وهم مستأجرو العقارات القديمة والمعترضون على تعديل القانون، حيث إن إجراء التعديل حاليا قد يتسبب فى إثارة هذه الشريحة، والأوضاع الحالية للدولة لا تسمح بمثل هذه الاضطرابات.

وأضافت المصادر ـ التى رفضت نشر اسمها - أن القانون سيتم تعديله بعد انتخاب رئيس للدولة ووجود حكومة مستقلة بمجلسى الشعب والشورى، وقتها سيتم طرح تعديل القانون على كافة الجهات المعنية لإعداده، وكذلك على المواطنين للنقاش المجتمعى عليه، ثم مناقشته بمجلس الشعب، بحيث نصل فى النهاية لشكل جديد لقانون الإيجارات القديمة يرضى جميع الأطراف "الملاك والمستأجرين" حتى إذا كانت هذه الحلول "وسطية" ستكون أفضل من الوضع الحالى للقانون.

وأشارت المصادر إلى أن وزارة الإسكان لديها حاليا أولويات فى عملها، لا يوجد ضمن هذه الأولويات تعديل قانون الإيجار القديم، خاصة أنه يحتاج لمناقشة فى مجلس الشعب، قائلا: "كده كده لازم نستنى الانتخابات البرلمانية، يبقى هنضع القانون فى أولوياتنا دلوقتى ليه؟"، مؤكدة على أن تعديل القانون مؤجل للحكومة المقبلة المستقرة والمكتملة برئيس للدولة ومجلسى شعب وشورى.

جماهيرياً.. القلق والغضب عنوانان رئيسيان لمستأجرى العقارات والشقق بالنظام القديم، فقد طالب معظمهم بعدم تعديل القانون، فيما يرفض مالكو العقارات القانون ويطالبون بإلغائه، ويقول أحمد حسن أبو هنيدى، مالك أحد العقارات القديمة فى منطقة إمبابة، والذى يبلغ من العمر 70 عاماً، إن الدخل الذى يحققه من العقار المملوك له هو 12 جنيهاً شهرياً، حيث يبلغ إيجار الشقة لديه 3 جنيهات، مضيفاً أنه أصبح يعتبر نفسه لا يمتلك شيئا فهو لا يعتمد فى تسيير حياته على هذا الدخل، وأصبح يعتمد على مصادر دخل أخرى، موضحاً أنه فى كثير من الأوقات لا يأخذ هذا الإيجار، معتبراً العقار "صدقة جارية".

فيما أوضح الحاج حنفى محمود صالح، مالك عقار بمنطقة فم الخليج بمصر القديمة، ويبلغ من العمر 62 عاماً، أنه يعتمد فى مصدر دخله على ما يحصله فقط من القيم الإيجارية للوحدات الموجودة بعقاره، قائلاً: إنه يعيش وحده فى إحدى شقق العقار ويعتمد على هذه الإيجارات فى أمور معيشته، والتى لا تكفى على الإطلاق، لافتاً إلى أنه لديه محل مؤجر بالعقار بقيمة 10 جنيهات شهريا، بالرغم من أن المحل يحقق مكسباً يومياً بقيمة 50 جنيهاً.

وعلى الجانب الآخر، رفض مستأجرو العقارات القديمة رفع القيم الإيجارية، حيث قالت الحاجة سيدة إبراهيم 65 عاماً على المعاش، إنها تسكن فى إحدى العقارات القديمة منذ 50 عاماً وتدفع إيجار 6 جنيهات شهريا، معربة عن رفضها لتعديل قانون الإيجار القديم ورفع الإيجارات، لأن هناك الكثير من المستأجرين غير القادرين على المعيشة ومتطلباتها، فكيف سيقدرون على زيادة الإيجار أيضا؟.

وأضافت إبراهيم، أنها تعلم أن هذه الإيجارات تعتبر قليلة وظالمة بالنسبة لملاك العقارات، ولكن المستأجر ليس لديه حل آخر فمن يسأل فى ذلك هى الدولة التى تعطى "معاشات" قليلة لا يستطيع الفرد أن يعيش بها، مؤكدة أنها إذا كانت قادرة على دفع أى زيادة فى الإيجار كانت بالفعل ستسددها.

أما عصام سليمان 44 سنة موظف قال إنه يسكن فى شقة بعقار قديم ورثها عن والده ويدفع لها إيجار 5 جنيهات فى الشهر، معرباً عن موافقته على تعديل القانون، ولكن على الإيجارات المنخفضة فقط، بحيث تكون الزيادة على هذه الإيجارات بنسبة 100%، ثم رفعها 1% سنويا، وذلك حتى يستطيع ملاك العقارات القديمة أن يواكبوا غلاء المعيشة.

وقالت زينب أحمد 34 عاما، إنها تعتمد فى دخلها على معاش والدها، وإنها تسكن فى وحدة إيجارها 60 قرشا، مشيرة إلى موافقتها على تعديل القانون وزيادة الإيجارات القديمة، بشرط أن تكون الزيادة ثابتة بنسبة 10% سنويا، وأضافت أنها ترفض فكرة صندوق دعم المستأجرين لأنه لم يحل شيئاً، فالدعم سيساند المستأجر فى دفع إيجاره فقط وليس فى باقى متطلبات الحياة والتى لا يكفى لها راتب الفرد.

وقال المهندس أبو الحسن نصار، خبير عقارى، إن قانون الإيجار القديم من القوانين الاشتراكية التى بدأت فى الستينيات، لافتا إلى أنه منذ صدور هذا القانون كان لا يوجد له أى مساوئ وقتها لأنه كان يعتمد على العرض والطلب فى الوحدات السكنية، ولكن بدأت تظهر مساوئه منذ السبعينيات والتى كان من أهمها إهمال ملاك العقارات القديمة لعقارتهم وتركها دون صيانة.

وقال نصار لـ"اليوم السابع"، إن قانون الإيجار القديم تسبب فى عدول الأهالى عن بناء العقارات وتأجيرها، وأصبح الأمر مقتصراً على المستثمرين والمقاولين فقط، وهنا كانت بداية ظهور نظام الإيجار الجديد وظاهرة التمليك بأسعار مرتفعة تحقق مكاسب عالية للمستثمر.

وأوضح أن استمرار قانون الإيجار القديم طوال السنوات الماضية دون تعديل كان السبب فى حدوث أزمة الإسكان بالدولة، خاصة بعد إغلاق ملايين الوحدات بعد أن تركها أصحابها المستأجرون لها بإيجارات منخفضة وتوجهوا لامتلاك وحدات سكنية فى مناطق جديدة.

وأشار الخبير العقارى إلى أنه من مساوئ القانون أيضا ظهور العديد من الظواهر الغريبة، حيث أصبح المالك به غير مالك، وذلك مقارنة بإيجارات اليوم والتى وصلت إلى آلاف الجنيهات مقابل وجود إيجارات قديمة تقدر بجنيهات وقروش، مضيفاً أن مالك العقار القديم أصبح يشعر حاليا أنه يعمل لدى الحكومة وليس مستقلا بملكه يمكنه التصرف فيه كيفما يشاء بالبيع أو بأى شىء، فهو الذى يدعم الساكن من خلال تأجير الوحدات له بإيجارات زهيدة، بالرغم من أن ذلك الدور يجب أن تقوم به الدولة ويجب أن تدعم هى المستأجر غير القادر، لكن الدولة بذلك تدعم المستأجر على حساب المالك.

ولفت نصار إلى أن أكثر مشاكل الإيجارات القديمة توجد فى عقارات منشأة من قبل السبعينيات، والتى يقع معظمها فى أماكن هامة كمنطقة وسط البلد والعجوزة، والتى أصبحت الإيجارات بها تساوى حالياً آلاف الجنيهات، موضحا أن المشكلة تقل بنسبة بسيطة فى العقارات التى أنشئت فى الثمانينيات، لذا عند تعديل قانون الإيجار القديم يجب أن تقسم العقارات القديمة إلى شرائح يتم تصنيفها وفقا لعمر إنشاء العقار والمنطقة الواقع بها.

وتابع، زيادة الإيجارات القديمة يجب أن تكون بشكل تدريجى تتناسب مع دخل قاطنى هذه العقارات، مطالباً بضرورة تعديل مثل هذه القوانين الاشتراكية الظالمة، من خلال إيجاد آلية مناسبة يتم بها تعويض ملاك العقارات القديمة، ولو بشكل جزئى، خاصة ملاك العقارات الواقعة فى مدن كبرى فى القاهرة، والتى تساوى الوحدات بها حاليا - إذا تم بيعها - ملايين الجنيهات.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة