شعراء: نوبل غابت عن الشعر عندما توحشت السياسية والتكنولوجيا

السبت، 08 أكتوبر 2011 02:21 م
شعراء: نوبل غابت عن الشعر عندما توحشت السياسية والتكنولوجيا الشاعر السويدى توماس ترانسترومر
كتب محمد عوض

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
17 عاما فصلت بين فوز الشاعر السويدى توماس ترانسترومر بجائزة نوبل للآداب وبين فوز الشاعرة البولندية فيسلا شيمورسكا، لتوضح مكانة الشعر فى المجتمع وتأثيرها على وجوده على منصات الجوائز الأدبية، وزاد الأمر غرابة إعلان الأمين العام للأكاديمية السويدية بيتر اينغلوند أن اسم ترانسترومر كان مطروحاً منذ عام 1973 للفوز بجائزة نوبل.

الشاعر ماجد يوسف يرى أن الشعر نفسه لم يعد يحظى بنفس الأرضية التى كان عليها عندما بدأت الجائزة أو حتى من فترة قصيرة، وبشكل إحصائى فالشعر أقل عدداً من أنواع الكتابة الإبداعية الأخري، وإن طلبت من أى شخص أن يحصى عدد من الروائيين المصريين مثلا، سيتذكر بسهولة عشر أسماء من جيل واحد، ولكنه فى المقابل قد يجد صعوبة فى تذكر خمس شعراء.

وأضاف يوسف "هذا أمر يعانى منه الشعر فى كل الثقافات لأن الشاعر مقارنة بكل الأنواع الأخرى أقل من ناحية الكم وبالتالى الكيف، وإن كانت جائزة نوبل تدور بالتوالى على المناطق الجغرافية فسيكون نصيب الشعر منها على فترات متباعدة".

وأوضح يوسف أن السبب الثانى للغياب الطويل للشعر عن الجائزة الدولية أن كلما زادت الطموحات المادية فى الحياة وتوحشت العولمة والرأسمالية تنحى الشعر، أيضا مع انتشار التكنولوجيا والقراءة على الإنترنت تقلصت طرق القراءة التقليدية ومعها قراءة الشعر وقال فى الماضى عندما يحضر أمسية شعرية فى الـ60 كانت القاعات تمتلأ بالجمهور، أما الآن وحتى إن كانت الأمسية لشاعر كبير يكون الحضور قليلاً ودعاهم الشاعر بالإسم وهذا ما جعل ناقد بحجم جابر عصفور يؤلف كتابا بعنوان " زمن الرواية".

الشاعرمحمود قرنى يؤكد أن غياب الشعر عن نوبل ليس غريبا فى مناخات تغير فيها العالم فكرياً وسياسياً ومجتمعياً، حيث كان إنتشار التكنولوجيا والعلم لصالح فنون تختلف جذريا مع كثافة الشعر ومرجعياته، حيث طغيان فنون الصورة وما صاحبها من سيادة لقيم الترفية والتهكم وتميع العاطفة كانت أسباباً رئيسية فى تعضيض فنون هى الأساس ضد الشعر.

وقال قرنى "يجب أن نعرف أن الغرب يعتبر الشعر من مصاف الفنون البدائية الرعوية لأنه يعتمد على المشاعر البكر التى تعود بالبشرية إلى طفولتها الأولى "غير المهذبة"، وما بعد الحداثة التى نعيشها الآن تنحى هذه الفنون، و لهذه الأسباب التى يكمن ورائها معاداة حقيقية لصالح فنون ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالترويج للنموذج الرأسمالى عابر للجنسيات الذى أوغل فى استخدام كل شىء لتأكيد نموذجه الإستهلاكى الذى يعتمد على فنون الصورة والإعلان والسرد ولهذا ابتعد الشعرعن ساحات النزال.

قرنى لم ينف مسئولية الشعر عن الأسباب التى ذكرها رغم معرفة الشعراء بأسباب المرض، إلا أنهم لا يمكن إعفاؤهم من أن الشعر لم يبحث عن أدوات تلائم العصر وتستجيب لإحتياجاته دون الوقوع تحت وطأة مفاهيم التكييف مع الإستخدام السياسى، وهذا فى رأيه ما يفسر إبتعاد الشعر عن مركزية الجوائز لإفتقاده روح التجديد بصفة عامة.

وقال الشاعر فولاذ عبد الله الأنور إن هناك عوامل كثيرة تتداخل فى توجه الجائزة للشعر أو أى فن أخر من فنون الإبداع وهذه العوامل تخضع لسياسات وتوجهات عالمية يدرك البعض أبعادها، وعلى أى حال كان من الممكن أن تمنح نوبل للشعر فى سنوات ماضية، لكن كل فنون الأدب أصبحت متداخلة، فالقصة والرواية أصبحت تتماس مع الشعر فأصبحت القصة شاعرية، والشعر أصبح شىء من الدرامية، مضيفا أن ذهاب الجائزة إلى غير الشعر يعتبر ذهاب للشعر نفسه لأن الكتابة الإبداعية متصلة، لكن المسافة كانت طويلة التى كانت بين آخر مرة منحت نوبل لشاعر وهذا العام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة