"رحلتى الفكرية" حياة المسيرى المليئة بالمواقف فى ذكرى ميلاده

السبت، 08 أكتوبر 2011 07:21 م
"رحلتى الفكرية" حياة المسيرى المليئة بالمواقف فى ذكرى ميلاده المفكر الكبير عبد الوهاب المسيرى
كتبت سارة عبد المحسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم الذكرى الثالثة والسبعون على ميلاد المفكر الكبير عبد الوهاب المسيرى، الذى رحل عن عالمنا منذ ثلاث سنوات، ومازال الكثيرون يستقون العلم منه، عن طريق كتبه ومؤلفاته التى تركها لنا، ومنها كتاب "رحلتى الفكرية فى البذور والجذور والثمر"، الذى عندما تقع عيناك على عنوانه تظن أنك ستقرأ سيرة ذاتية، ولكن منعا للبس أو تواضعا من المفكر الكبير صاحب أكبر موسوعة عن اليهود والصهيونية الدكتور عبد الوهاب المسيرى، أكد أنها سيرة غير ذاتية وغير موضوعية.

قدم المسيرى من خلال كتابه "رحلتى الفكرية"، خلاصة ما تعلمه من الحياة من مواقف ألقت الضوء على مواطن مهمة فى حياته، وبدأ فى وصف طريقة تكوينه فى الجزء الأول من الكتاب ومدينته التى نشأ فيها وتاريخ وجذور عائلته وسبب تسمية مدينته، مؤكدا أن هذه التفاصيل قد لا تهم البعض ولكن كل هذا كان له أثر فى نشأته حيث كانت مثل هذه التفاصيل تشعره بعبق التاريخ الذى نهم بالبحث عنه والقراءة فيه.

حلل من خلال وصفه لتاريخ عائلته طبيعة الحياة الاقتصادية التى عاش فيها، حيث أكد أنه من الطبقة البرجوازية الريفية، لافتا إلى أنها لم تسع لشراء لقب البكوية كما كانت تفعل بعض العائلات، وهذا ما أثر فيه بعد التأثر بالحركات التغريبية التى كانت منتشرة بشكل كبير فى الأرياف.

كان والده ينتمى للحزب السعدى "حزب الوفد"، تذكر المسيرى خلال سرده السيرة الغير ذاتية، رحلته الوطنية التى بدأت مبكراً، عندما كان فى السابعة من عمره كان يجد الهم الأكبر لوالده التفكير فى محاربة الانجليز وطردهم من مصر، ومعاملتهم للانجليز فى تلك الفترة عندما كانوا يقذفونهم بالحجارة وهم فى القطار المتوجه من دمنهور للإسكندرية، مؤكدا أن هذه الذكريات جعلته يتنبأ بالانتفاضة الفلسطينية قبل وقوعها، مشيرا إلى الجمعية السرية التى أنشأها ومجموعة من أصدقائه لمحاربة الإنجليز عندما كان فى المرحلة الثانوية، ومشاركته فى مظاهرات الطلبة ضد الملك فاروق عندما أقال حكومة الوفد فى أوائل الخمسينيات.

حتى مقاطعة المنتجات الأجنبية فعلها المسيرى مبكرا، حيث كان يقاطع المنتجات الإنجليزية، اعتراضا على احتلالهم لمصر، وذكر موقفا يؤكد مدى إخلاصه فى حبه لمصر ومدى حرصه على مبادئه عندما كانت لديه هواية جمع الطوابع البريدية وكان يشترى "لصق جروح" من الصيدلية ليلصقها به، فعلم أن المنتج "اللصق" إنجليزى الصنع، فعاد ليرجعه للصيدلية حفاظا على عهده الذى أخذه على نفسه بمقاطعة منتجاتهم.

ويبدو أن معوقات النظام التعليمى فى مصر لم تكن رهينة القرن الحالى فقط، تلك المعاناة لاحظها المسيرى منذ أن كان فى المرحلة الثانوية عندما كان الكثير من أصدقائه يفضلون لعب الكرة الشراب ولا يبدون اكتراثا للحياة السياسية، وحاول المقارنة بين النظام التعليمى فى مصر وفى الدول الأوربية، فوجد النقيضين عندما علم أنهم يبدأون فى إعداد الطلاب للوصول لمرحلة النضج بانتهاء الحياة الجماعية والتسهيلات والمنح التى تقدمها الجامعات للمتفوقين منهم.

حتى عندما انتقل مع عائلته وعاش فى الجيزة كانت هناك مسئولية اجتماعية من الكبير على الصغير فكان للعب فى الشارع مفهوم مختلف تماما عما نراه اليوم فى هذا العصر، مؤكدا أن الشباب الكبير كان يخاف على الأطفال ويبدى اهتماما بهم حتى لو لم يعرفهم.

بدأ صراعه مع الصهيونية بعدما انتهى من رسالة الدكتوراه التى أعدها بجامعة رتجرز بالولايات المتحدة الأمريكية، وألقى العديد من المحاضرات التى جاءت بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة أن الصهيونية حركة عنصرية، وذكر موقفا عندما طلبت جامعة الدول العربية ترشيح أحد فقهاء الدين الإسلامى ليدير حوارا بين رجل دين مسيحى وحاخام يهودى، فطلب الحضور نيابة عن رجل الدين وتحدث بمنظور مسيحى ويهودى، وأثبت أن الوصايا العشر لا تسمح بقيام إسرائيل، متطرقا للحديث عن الأيدولوجية الصهيونية المعادية للعرب عموما والمسلمين خصوصا، متذكرا أثناء كتابته عن ذكرياته فى الصراع مع إسرائيل تاريخ بداية كتابته لموسوعته الشهيرة اليهود واليهودية والصهيونية وكم استغرق وقتا فى كتابتها، وملابساتها.

ولم يغفل المسيرى حركة النشر بمصر حيث وصفها بالعشوائية وغير المنظمة، نظرا لافتقادهم لوجود لجان قراءة جيدة وترك المسألة فى النشر للعلاقات الشخصية، وذكر واقعة حدثت له عندما أرسل كتابه "هجرة اليهود السوفيت" إلى أحد دور النشر الكبرى فرفضت نشره دون إبداء أسباب وبعدما نشر فى دار نشر أخرى اتصل به صاحب دار النشر الأولى يلومه لعدم نشره الكتاب عنده.

إيمانه بالثنائيات ورفض الواحدية الخالصة حتى لو كانت صفة ذات معنى سامى كان عاملا أساسيا فى تكوين شخصيته، وهى أيضا التى دفعته إلى التفكير والتنظير فى عالم الفكر.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة