نبيل عمر

المؤسسة العسكرية والسؤال الصعب!

السبت، 08 أكتوبر 2011 03:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل الصخب واللت والعجن والكلام الفارغ الكثير، الذى يتقاطر على عقول الناس ووعيهم مثل جحافل الجراد، لم نسأل أنفسنا عددا من الأسئلة الصحيحة عن المستقبل الذى نريده.. ورحنا ننظم مليونيات واعتصامات وإضرابات ومظاهرات، كما لو كانت فى حد ذاتها هى «المراد من رب العباد»، بل إن بعض الخبثاء من الفلول والأذيال يرددون فى جلساتهم وصفحات الفيس بوك كلمات خبيثة: المليونيات بقت وظيفة ومهنة الآن!

ومن هذه الأسئلة الصحيحة التى غابت عن الحوار المجتمعى العام سؤال فى غاية الأهمية، مع أنه من أسباب الأزمة الحالية، وهو: ما دور المؤسسة العسكرية وحقوقها ووضعها فى ظل نظام جديد نريد تأسيسه؟!

طبعا.. قد يسخر البعض قائلا: دورها معروف ومنظم.. فما الجديد الذى يعيد طرح السؤال؟!
قطعا.. إذا كنا جادين فى بناء نظام جديد مختلف عما كان، وليس مجرد تزويق الصورة وتصحيح بعض العيوب، ونقل امتيازات الحزب الوطنى ورجال السلطة إلى جماعة جديدة ورجال جدد، فلا يمكن أن نتجاهل هذا السؤال الشائك.

وبالمناسبة.. نحن غير جادين حتى الآن فى تأسيس نظام جديد، وكل الخطوات التى اتخذت فعلا، والحوارات التى دارت، والمليونيات التى خرجت لا تقودنا إليه، والخطأ ليس فى المجلس العسكرى فحسب، فالأخطاء الفادحة فى بنية الجماعة السياسية المصرية أفدح وأخطر وأكثر تأثيرا.

نحن نتحدث عن انتخابات البرلمان ورئيس الدولة ولجنة المائة والدستور الجديد وقانون الطوارئ ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، يعنى عملية خلطة صاخبة، ما بين «ما هو جارٍ قصير الأمد وما هو مستقبلى دون رؤية محددة لنوع المستقبل المراد، ولم نفكر: هؤلاء الذين يملكون السلطة الآن، ونطلب منهم العودة إلى ثكناتهم العسكرية، على أى شروط سوف يعادون؟!

هل يستمرون على الأوضاع القديمة وفى المراكز القانونية التى كانوا يتمتعون بها أم أن هذه الأوضاع قابلة للتغير والمراكز القانونية خاضعة لتفسيرات جديدة مختلفة؟!

طبعا عدم الإجابة عن هذا السؤال يضع المؤسسة العسكرية فى موقف غامض غير مريح بالنسبة، خاصة أن عددا من شباب الثورة، وكذلك من الفلول يتحدث أن المؤسسة العسرية كانت جزءا من النظام المغضوب عليه، بل كانت حصنه وقلبه النابض؟!

وهنا لا يجوز أن تخرج تطمينات من واحد من المرشحين المحتملين لمنصب رئيس الجمهورية، ويقول: لن تتم محاسبة أو مطاردة أى مسؤول فى هذه المؤسسة؟
هذا كلام فارغ ومهين، ولا يصح، فنحن أمام مؤسسة وطنية بكل المعايير، انحازت دوما إلى شعبها فى وقت الأزمات الكبرى، ولم تخذله قط، ولم تخدعه، فكيف لمرشح محتمل أن يقول مثل هذا الكلام كما لو كان «صك غفران منه؟».

طبعا المؤسسة العسكرية جزء من النظام القديم، ولو كانت ضده أو عملت ضده فى أى وقت من الأوقات ما استحقت أن تكون مؤسسة وطنية، فجزء من الانضباط والدور هو عدم الانغماس فى العمل السياسى وإلا فقدت «سمعتها» وقيمتها، ولأن العبرة والعظة فيما حدث فى هزيمة يونيو 1967، فقد هجر قادتها الكبار «المفاهيم العسكرية: وانخرطوا فى أدوار سياسية واجتماعية ورياضية عامة، بل تمردوا فى فترة من الفترات، بعد انفصال سوريا عن مصر فى عام 1962، وقادوا ما يشبه الانقلاب على رئيس البلاد وقتها جمال عبدالناصر، حين تقدم المشير عبدالحكيم عامر استقالة من منصبه، ردا على تحميله سوء التصرف مع انقلاب الجيش السورى عليه، وكان وقتها فى العاصمة دمشق، ولم يستطع احتواء التمرد الذى حدث وتعرض للإهانة هناك، وعاد إلى القاهرة وكتب استقالته المسببة، واختفى فى مرسى مطروح، وفشل عبدالناصر فى العثور عليه، وحين ذاع النبأ تجمع كبار الضباط فى مركز القيادة، وأعلنوا رفضهم للاستقالة وهددوا بعمل انقلاب، ولم يهدأوا إلا بعد عودة المشير!

وعلينا أن ننسى أن الجيش المصرى كان جزءا من النظام القديم، ونعاود طرح السؤال الصحيح للحوار المجتمعى حتى تعرف المؤسسة ما لها وما عليها فى النظام الجديد، فلا ينشغل قادتها بالبحث عن إجابات مسؤول عنها المجتمع كله، وبذلك تسلم السلطة، وهى «عارفة راسها من رجلها»، كما تقول الأمثال المصرية.
فهل يمكن أن نفعل ذلك؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة