أجرى المخرج المتميز عمر زهران حوارا مطولا مع الفنان الكبير نور الشريف، الذى بثت فضائية cbc الجزء الأول منه، وتحدث الشريف خلال الحوار عن عدة قضايا تتعلق بالفن والوطن العربى والقضية الفلسطينية.
بدأ المخرج عمر زهران حواره مع الفنان نور الشريف قائلا هل القدس هى التى أخرجتك من عزلتك وصمتك الذى استمر فترة طويلة؟ أجابه الشريف قائلا: هى أحد الأسباب، لأنى قبل الثورة كنت مقاطع جميع وسائل الإعلام بلا استثناء، حيث اكتشفت مدى سخافة البرامج التى تسعى إلى الإثارة، وشعرت بدهشة شديدة عندما تستعين هذه البرامج بشهود عند تبادل القضايا فى المحاكم وتلقى الاتهامات.
وتساءل الشريف لماذا أوجه الرأى العام؟ وبصراحة لا أفهم! هل نجاح برنامج أو قناة أو زيادة توزيع صحيفة، يجعلنى أتجاوز أخلاقياً وأتحدث بمنطق مختلف فى الحكم على الحقائق؟ وهذا الذى جعلنى أبتعد قبل ثورة 25 يناير، وعندما جاءت الثورة شعرت بسعادة شديدة، لكننى كنت خائفاً مما سيحدث فيما بعد.
وأشار الشريف إلى أنه غاضب من الإعلام بعد الثورة لأنه اختلف، موضحا أن الوجوه والعقول المتغيرة، والمواقف المتقلبة شىء يحزن للغاية ويدل على أن كل شىء للبيع، مشيرا إلى أن هناك قلة لها موقف محدد ظلت ثابتة عليه، وهم أصحاب مبادئ حقيقية وما جعلنى أشعر بالقلق هذا الإسراع المخيف فى تحول المواقف والهجوم على مبارك بعد تمجيده، وكان البعض يدافع عن مبارك بحماس شديد، وبعد يوم واحد هاجمه بشدة، ومن وجهة نظرى أن ذلك ناتج عن الخوف.
وأرجع أسباب التحول فى المواقف إلى السلوك والتربية الصحيحة معتبرا أن التغيير للنقيض استفزاز، وهذا يعطى إحساساً بعدم الأمان فعلاً، فضلاً عن انتشار التخوين فى البرامج، وظهور وجوه جديدة، بعضها يملك القدرة والشطارة والبراعة فى صياغة الكلمات، وأضاف الشريف أن هذا السلوك لا يعتبر جديداً على الإعلام بشكل كبير، لكنه انتشر منذ ظهور القنوات الفضائية الخاصة، وبالتحديد عندما أصبح لهذه القنوات جمهور يشاهدها، ولا أعرف لماذا يتم استضافة فنان أو قيمة كبيرة وأخوض فى تفاصيلها الشخصية سواء الزواج أو الطلاق أو حضرتك بتحبى فلان أو علان.
واستدل الشريف على ما يقوله بواقعة مع زميلة قائلا، استضافت إحدى القنوات سيدة مهذبة وأخذت تسألها عن أشياء خاصة لكنها لم تجد التصرف فى مثل هذا الموقف، واستكمل قائلا وما يستفزنى أكثر تلك البرامج الحوارية السياسية، فهل أخلاق الحضارة العربية هى أن يتبادل شخصان الشتائم على الهواء؟ رغم أن كل شخص حر فى رأيه، سواء كان يسارياً أو متديناً، لكن فى النهاية لا يخرج المشاهد من هذا بأى مكسب غير الصراخ والإساءة للعقل العربى.
وأكد الشريف أن مساحة الحرية جاءت نتيجة وجود القنوات الخاصة، التى أثرت على القنوات الحكومية، وأصبح هناك هامش أكبر للحرية، وسواء اتفقت أو اختلفت معها فى التكنيك الفنى للإثارة فى البرامج، لا أستطيع أن أنكر الفضل الكبير لهذه القنوات فى توعية العقل المصرى والعربى، وهذه القنوات الفضائية الحوارية السياسية وضعتنا كمبدعين فى مأزق، بعد أن تجاوزت أى حرية فى الإبداع، وتهاجم وتشتم الرئيس والملك، شخص يشتم وآخر يدافع، وهذا يتجاوز قدرة أى شخص سواء كممثل أو مخرج أو منتج أو كاتب السيناريو. ولها الفضل أيضا فى انتشار اللهجة السورية فلم تكن بهذا النجاح قبل القنوات الفضائية، حيث أصبحت لها مكانة كبيرة، وبالتالى اللهجة اللبنانية، وعقبال كل اللهجات الأخرى وأتمنى من الفنانين والمبدعين فى الجزائر والمغرب وتونس أن يقربوا اللهجة العامية الخاصة بهم إلى لغة الصحف، لأن النجوم السوريين هذه الأيام أصبح لديهم شريحة أكبر من المشاهدين، لأنهم كسبوا 80 مليون مصرى.
ومن ناحية الفشل فى صناعة فيلم يوضح حقيقة القضية الفلسطينية قال الخلافات السياسية العربية هى السبب الرئيسى، لذلك لا نتحد فى أى عمل مشترك، فهل يعقل أن تكون هناك جمارك بين الدول العربية وتأشيرة للدخول؟ وتصل الدرجة إلى أن مباراة كرة تتحول إلى حرب إعلامية بين مصر والجزائر، ولا أعتقد أنه قبل اجتياح العراق للكويت كان هناك أمل فى حدوث تقارب قد يفرز نهضة للأمة العربية ككل، مع احتفاظ كل دولة باستقلالها، لكن أعتقد أن اجتياح العراق للكويت كان يعنى كارثة خلقت شك ووقيعة بين الشعوب وأكد الشريف أن هذا ليس موقفا استثنائيا لأن الشرخ بدأ والسياسة الأمريكية والأوروبية كان من مصلحتها أن يحدث هذا، وأصبح بيننا حاجز، فمثلا الشعب المصرى والجزائرى لم يكن بينهما أى حساسية، وكانوا يستقبلونا فى الجزائر استقبال الملوك لدرجة أننى بكيت بالدموع بعد عرض مسرحية لن تسقط القدس، وهذا دليل على أنهم شعب متذوق للفن ومثقف، لكن قام الإعلام بما فيها القنوات الفضائية السيئة وبعض الأغبياء من المسئولين والإعلاميين بتحويل مباراة كرة إلى حرب، فما هى المشكلة أن أخسر مباراة؟، هل ننسى الدور الذى قام به الجيش الجزائرى فى حرب أكتوبر؟ وهل ينسى الجزائريون الدور الذى قام به عبد الناصر فى حرب التحرير؟ لكن الإعلام الجديد يسعى إلى الإثارة والتسخين وتضخيم المشكلة.
وعن دور الفن قال الشريف بقدر الإمكان الفن يحاول القيام بدوره، لكن الإعلام أصبح أكثر تأثيراً وبدرجة كبيرة جداً، وللأسف الشديد القضايا الكبرى فى حياتنا، وأهمها القضية الفلسطينية، شهدت نوعاً من التراجع فى دعمها، وتحولت القضية إلى شعارات وكلام فقط.
واعتبر الشريف اتفاقية كامب ديفيد كارثة، لأنها تجعل الجيش المصرى على الحياد، وبذلك تم استبعاد القوة المصرية من الأمة العربية، بدليل أن سوريا منذ عام 73 إلى الآن لم تدخل فى حرب، وأكد أنه معترض على اتفاقية السلام ببنودها، لكننى مع السلام العادل، وهذا الرأى قلته منذ أيام الرئيس السادات.
وأضاف الشريف قائلا إنه ضد حماس فى شىء واحد وهو قرارها بفصل غزة عن الضفة، فإذا كان الشعب انتخبك بشكل ديمقراطى، فإن هذا لا يعنى أن تنفصل فى وقت تحتاج فيه فلسطين وبشدة للتوحد لا الاختلاف، الذى يصل إلى درجة القتال، وتبادل إطلاق النيران، فالسياسة تعنى أن تتقبل انتقادات الطرف الآخر، حتى لو وصلت لدرجة السباب، كما يحدث فى أمريكا مثلاً، فهناك من يشتم أوباما لكن هذا لا يعنى أن ينفصل سكان الولاية التى لم تنتخبه أو لا تحبه، وأؤكد أننى ضد تفتيت القوة الفلسطينية، وضد الاغتيالات سواء من فتح أو حماس، ولا أنسى هنا الإشارة إلى قوى خارجية تغذى هذا الصراع، الذى يجعلك لا تستطيع تقديم عمل فنى عن القضية، وأذكر أن صديقى المنتج محمد فوزى قال لى العام قبل الماضى إنه بصدد تقديم عمل عن القدس فقلت له بلاش، وعندما سألنى عن السبب، أكدت له أنه لن يجد قناة تشتريه، وبالفعل لم تعرضه إلا قناة واحدة العام قبل الماضى، وفى مسلسل ماتخافوش قلت فيها بالنص هل الهولوكست أكثر قدسية من موسى وعيسى ومحمد ومريم.. حد يجاوبنى؟ رغم أن الهولوكست أو المحرقة لم يتم إثباتها تاريخياً، وهناك عالم فرنسى أثبت أن الهولوكست كذبة، فما كان من «السوربون» إلا أن سحبت منه درجة الدكتوراه!
وأكد الشريف أن تقديم فيلم عن القدس ضربا من المستحيل للأسف قائلا عندما كنت أحضر لفيلم ليس عن حماس، بل عن الراحل أحمد ياسين، فى محاولة لتوصيل رسالة للناس بأن الإيمان بمبدأ وفكرة أقوى من كل الأسلحة، ورغم ذلك لم يستطع الإسرائيليون شراءه أو تهديده، فكان الحل هو التخلص منه باعتباره رمزاً لفكرة.
وعن فيلمه خيط أبيض خيط أسود قال منذ حوالى 18 عاماً قدمت فيلماً بعنوان خيط أبيض خيط أسود، يتناول القضية الفلسطينية، وكان إنتاجاً مشتركاً مع إيطاليا، وكتب له السيناريو كاتب إيطالى اسمه سيرجو إميديا، وهو أحد من شاركوا فى سيناريو فيلم روما مدينة مفتوحة، وكان الفيلم يطرح وجهة نظر غربية فى القضية الفلسطينية، لكنه اختفى من الوجود عقب انتهاء تصويره.
وعن كيفية اختفائه قال تمت سرقة النيجاتيف من المعمل فى روما، ولم تعرف الشركة المنتجة محدودة الخبرة أن مدير الإنتاج يدخل النيجاتيف للمعمل باسم شركة أخرى ليسرقه ويمنع ظهوره.
وأكد أيضا أنه دفع ثمن مواقفه كثيرا مستدلا بما حدث له بعد عرض فيلم ناجى العلى، قائلا تعرضت لحملة هجوم شرسة فى الصحف القومية استمرت 6 أشهر، أعقبها منع عرض أفلامى فى دول الخليج، لدرجة أننى فكرت فى الهجرة، خاصة أنهم وضعونى فى ذلك الوقت فى قائمة الأستاذ محمد حسنين هيكل وأجبرونى بعدها على تقديم مسلسل الثعلب، رغم أن القصة تصلح كفيلم، وأقصى شىء سباعية، لكنهم أصروا على تقديمها فى مسلسل حتى تبرئ الدولة ذمتها تجاهى.
وتحدث الفنان نور عن دور دولة قطر قائلا إنها تبذل مجهودا جبارا وبتصرف ملايين لتحقيق مكانة عالمية مثل ما تفعله من أجل كأس العالم لكرة القدم، وناشد الشريف أمير دولة قطر للالتفاف للأعمال الفنية والنهوض بها فى الفترة الحالية، وأضاف أن هناك من فكر فى فكرة عمل مشروع للقنوات العربية بعد حادثة الرسوم المسيئة للرسول لكنها لم تنفذ.
واندهش الشريف من جرأة الرئيس الأمريكى باراك أوباما قائلا إن أوباما يتكلم فقط لكنه لم يفعل شيئا واضحا، ولم ينفذ ما قاله فى حديثه أثناء استضافته بجامعة القاهرة.
واتفق الشريف مع رأى الشيخ القرضاوى فى قضية الحجاب بأنها ليست فريضة وهى لغة تمارس للتصنيف فقط، موضحا أنه منذ القرن الثانى عشر لم يوجد اجتهاد لعلماء الشريعة، وأطلق نور بسبب النقاب مقولة الشيخ الغزالى "من لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر عاش فى متاهات العمى".
وأوضح الشريف أنه يشارك النجم محمد صبحى فى مشروعه عن العشوائيات داعيا الشباب ألا ينجرفوا لطريقة تخوين البعض والبعض الآخر.
وذكر الشريف أنه انتوى عمل فيلم عن مقتل أسرى 67 بعنوان "قوم يا مصرى" وبالفعل تمت كتابة الفيلم إلا أن الرقيب وقف أمامه بالمرصاد.
وانتقد نور ما يحدث تجاه الفن والفنانين من أخذ مبالغ ضخمة عند قيامهم بالتصوير فى إحدى الأماكن وضرب مثلا بقلعة قيتباى أثناء تصوير مسلسل عمرو بن العاص حيث تم دفع مبلغ 6 آلاف جنيه لتصوير 3 ساعات فقط بالإضافة إلى المعدات العسكرية موضحا أنه قال للمشير غزالة إن الأفلام التى تدر دخلا كبيرا هى أفلام عادل إمام ونادية الجندى فقط.
واختتم الجزء الأول من الحوار قائلا إن عبد الناصر لم يطرد اليهود لكنهم هاجروا بإرادتهم.
عدد الردود 0
بواسطة:
يونس من المغرب
فنان و مثقف كبير
عدد الردود 0
بواسطة:
ana
ana
great actor