بوادر أزمة بين جناحى العدالة بسبب مشروع "السلطة القضائية".. المحامون يواصلون احتجاجهم ويطالبون بعدم إصداره فى غيبة مجلس"النقابة".. و"عاشور" يطالب باعتذار القضاة عن بعض النصوص "المهينة"

الجمعة، 07 أكتوبر 2011 12:18 ص
بوادر أزمة بين جناحى العدالة بسبب مشروع "السلطة القضائية".. المحامون يواصلون احتجاجهم ويطالبون بعدم إصداره فى غيبة مجلس"النقابة".. و"عاشور" يطالب باعتذار القضاة عن بعض النصوص "المهينة" المستشار حسام الغريانى رئيس محكمة النقض
كتب محمود حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلوح فى الأفق أزمة جديدة بين جناحى العدالة "القضاة والمحامين"، بسبب مشروعى قانون السلطة القضائية اللذين أعدتهما اللجنتان المشكلتان من قبل مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة، واعتبرهما المحامون يهددان مستقبل مهنة المحاماة والمحامين، وينتقصان من مكانة المحامى.

الكثير من المحامين رأوا أن المشروعين ينظران للمحامى كأنه معاون للقاضى وليس شريكاً له فى تحقيق العدالة، كما ينص قانون المحاماة، خلافاً للمادة "18" التى أثارت الذعر لدى المحامين واعتبروها اعتداءً صريحاً على مهنة المحاماة وأعضائها، مما أدى إلى تخوفهم من أن يكون أغراض من وراء وضعها النيل من المحامين، والتى تجيز للقاضى حبس أى شخص يخل بنظام الجلسة دون تخصيص، وهو ما اعتبره المحامون مساساً بحصانة المحامى أثناء تأدية عمله.

جدير بالذكر أن المستشار حسام الغريانى، رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى، أكد خلال افتتاح جلسات الاستماع حول مشروع القانون الذى أعدته لجنة "مكى"، والتى حضرها عشرات المحامين، احترام القضاة لمهنة المحاماة، وأن المحامين شركاء للقضاة فى تحقيق العدالة، وطلب من اللجنة إلغاء المادة 18 من المشروع اعتراضاًَ على موضعها الذى قال إن محلها قانون العقوبات والمرافعات الجنائية، وكانت هذه الجلسة قد شهدت مشادات كلامية بين المحامين والقضاة.

فيما واصل المحامون احتجاجهم ضد مشروع قانون السلطة القضائية، ونظموا وقفة احتجاجية للتنديد به أمس، الأربعاء، مطالبين بعدم إصداره فى غيبة البرلمان وعدم وجود مجلس منتخب للمحامين، وأعلنت لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين عن تنظيم مؤتمر ووقفة احتجاجية بعد غد، السبت، للنديد بالقانون والتعبير عن رفض المحامين لتعديلاته.

من جانبه، أكد سامح عاشور، المرشح على منصب نقيب المحامين، على ضرورة أن تتقدم اللجنة المشكلة من مجلس القضاء الأعلى لإعداد مشروع قانون السلطة القضائية، والتى يرأسها المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، باعتذار للمحامين عن بعض النصوص التى وردت فى مشروعها، والتى اعتبرها مهينة للمحامين وخطأ كبيرا فى حقهم، خاصة المواد " 132، و133" فى الباب الرابع، والتى وردت فى بند "أعوان القضاة"، وهى فى الأساس تتعلق بأمور خاصة بالمحامين منصوص عليها فى قانون المحاماة.

وقال عاشور لـ"اليوم السابع"، إن المادة "131" نصت على أن أعوان القضاة هم الخبراء وأمناء السر والكتبة والمحضرون والمترجمون، وتلتها المادة "132" التى تقول "إن للمحامين دون غيرهم الحضور عن الخصوم فى جلسات المحاكمة"، والمادة "133" والتى نصت على أن هذا القانون يحدد الشروط اللازم توافرها للاشتغال بالمحاماة وشروط القيد، متسائلا عن علاقة هذه المواد الخاصة بالمحامين ببند أعوان القضاة ووضعها تحته، مؤكدا أنه خطأ مهين، وأن عدم الاعتذار عنه سيؤدى إلى كثير من المشاكل، مشددا على ضرورة إلغاء هذه المواد.

وشدد عاشور على أنه ضد أى مساس بأحكام المواد "49، 50، 51" من قانون المحاماة، مشيرا إلى أن أى نص يحاول أن يقلل من هذه النصوص سيتم مقاومته، مطالباً بسحب أى تعديل يتعارض مع أحكام هذه المواد أو يتنافى معها، وحذف المواد المتعلقة بالمحامين مطلقا من قانون السلطة القضائية، وتفعيل المواد المتعلقة بتعيين المحامين فى القضاء بنسبة 25% سنوياً.

وأضاف أن قانون السلطة القضائية ليس ملكاً للقضاة ولكنه ملك للشعب كله، ويجب أن يجرى حوله حوار مجتمعى ليصدر بتوافق كافة قوى وفئات المجتمع حوله، وقال، "مش هيحصل أن يصدر القانون بصورة المشروع الحالية".

فيما أعدّ صابر عمار، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، وعضو مجلس نقابة المحامين السابق، ورقة تتضمن بعض الملاحظات على الأفكار العامة التى وردت فى مشروعى "مكى" و"الزند"، أكد فيها أنه ليس هناك جدال فى أن قانون السلطة القضائية يخص الوطن بأكمله ولا يخص القضاة وحدهم، مضيفا أن هذا ما أدركته اللجنة المشكلة من رئيس المجلس الأعلى للقضاء بما أتاحته للجميع بحضور جلسات الاستماع، وهى الحقيقة التى لم يتفق معها المستشار أحمد الزند.

وأضاف عمار، أنه يجب على الجميع أن يشارك بالرأى، وأن القضاء واستقلاله ضمانة للمجتمع قبل أن يكون ضمانة للقاضى، مشيرا إلى أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين إبداع المحامى وقدرته على أداء رسالته واستقلال القاضى، موضحاً فى ورقته التى أعدها أن التعديل ليس المستهدف وإنما إعداد قانون جديد يتفق مع المعايير الدولية هو المأمول، مشيرا إلى أن سياسة الترقيع لا تتناسب والآمال العظام فى بناء دولة حديثة.

وأوضح أن المشروعين لم يدركا خطأ تسمية القانون القائم وأهمية أن يشمله التعديل، مضيفا أن القانون القائم يتحدث عن شئون القضاة والمحاكم أمام جهة واحدة من جهات القضاء، وهو ما اصطلح عليه بـ"القضاء العادى"، ولم يتعرض للسلطة القضائية بالمفهوم الوارد فى الدستور والذى يشمل جهات قضائية أخرى لكل منها قانونها وقواعدها، رغم وحدة الدور والرسالة والمسئولية، وبالتالى فاصطلاح قانون السلطة القضائية أوسع من الحقيقة وغير معبر.

وأشار إلى أن كلا المشروعين حاول أن يتعامل مع الواقع الحالى بلباقة وكياسة قد تبدو غير مطلوبة حالياً، قائلا، "إذا كان الحديث عن استقلال السلطة القضائية فى مواجهة تغول السلطة التنفيذية، فما زالت هناك صلاحيات كبيرة وهامة لكل من رئيس الدولة ووزير العدل، مما قد تعتبر تداخلا غير مطلوب ولا مبرر.

وتابع عمار فى ملاحظاته قائلا: على الرغم من إيماننا الثابت والمستقر من أن المحاماة كرسالة نؤمن بها ونؤديها شركاء للسلطة القضائية فى تحقيق العدالة وسيادة القانون (المادة 131 من قانون السلطة القضائية بعد تعديل 2006/ والمادة الأولى من قانون المحاماة) وهذا الإيمان يتجلى فيما تضمنته نصوص قانون المحاماة القائم من مشاركة القضاء لنا وبإرادتنا الحرة فى لجان القيد أمام محكمة النقض والتأديب وحالة الحكم ببطلان مجلس النقابة، إلا أن كلا المشروعين قد تجاوز أحكام قوانين المرافعات والإجراءات الجنائية وقانون المحاماة فى شأن المادة 18 من قانون السلطة القضائية، وأختلف مع شيخ القضاة حسام الغريانى حول موضع المادة من القانون وأتفق مع موضوعها، فى أنى والكثير من المحامين نختلف حول الموضع والموضوع وعليه وأخذنا بالقواسم المشتركة فى هذا الأمر، فالمقترح إلغاء المادة من القانون أو الإبقاء على صياغتها الحالية.

وذكر أنه فى موضع الحديث عن تقدير المحاماة والمحامين يجب أيضا النظر إلى المادة 47 و118 من مشروع "لجنة المستشار أحمد مكى"، التى غيرت فى العبارات الواردة فى القانون القائم بما يمس النسبة المخصصة للمحامين ـ التى لا تطبق أصلا ـ بأن جعلت الربع لكل من هم من غير أعضاء النيابة بعد أن كانت قاصرة على المحامين فقط.

وبالنسبة للمادة 86 وما بعدها، والتى تتعلق بالإجازة القضائية، قال عمار، إنها يجب أن تتضمن أن العمل القضائى يتعطل فى المحاكم على الأقل خلال شهر أغسطس بدلاً من النظام العقيم القائم الذى يحرم المحامين من إجازاتهم فى تعطل العمل فعلياً بالمحاكم لتبادل الانتدابات بين الدوائر، وأن يقتصر الأمر كما كان سلفاً على القضاء المستعجل والنظر فى أمور المحبوسين.

وطالب بإلغاء المادتين 132 و133 من القانون لتعارضهما مع عنوان الباب الذى يتحدث عن أعوان القضاة الذى عددهم فى المادة 131 وليس منهم المحامون بعد تعديل 2006، وكذا لأنهما تعالجان أمورا يختص بها قانون المحاماة.

وأوضح أن مشروع "مكى" و"الزند" اختلفا فى مواضع كثيرة خاصة بالتعيينات سواء لرؤساء المحاكم الابتدائية أو المجلس الأعلى أو النائب العام بين التمسك بالأقدمية المطلقة (مشروع نادى القضاة)، أو الانتخاب (لجنة المجلس الأعلى)، لافتا إلى أن كلاهما يكشف عن غياب المعايير الموضوعية للكفاءة، وهو ما يجرى عليه العمل فى أغلب دول العالم، باتباع نظام المسابقة كطريق للاختيار بمعرفة لجان محايدة، والذى يجب اتباعه فى التعيين بالنيابة العامة أو الترقية لمناصب إدارية، وهو ما يحتاج إلى شجاعة أكثر وثقافة مجتمعية مختلفة "وأحسب أن يبدأ بها القضاة كقاطرة تنمية للمجتمع".

وتابع: يعرف العالم أجمع أن تشكيل المجلس الأعلى بهذه الدول يضم عناصر من الخارج تمثل المجتمع كأن يضم أقدم عمداء كليات الحقوق، نقيب المحامين، أحد كبار المفكرين، وبالتالى نؤكد أننا جزء من المجتمع وللمجتمع وليس تجمعا مهنيا أو طائفيا، ولم يتعرض أى المشروعين لمأساة "السن"، بدعوى الحفاظ على الحقوق المكتسبة، متسائلا: لماذا لا ننظر إلى المستقبل مع اقتراح حلول للوضع الحالى بإتاحة الفرصة أمام من يرغب فى الخروج إلى المعاش بعد سن الستين، مع وضع تصور مقبول للفارق بين المعاش وما يتقاضاه حالياً؟.

ونادى بإعادة النظر فى صياغة الفقرة الأخيرة من المادة 70 من مشروع لجنة المجلس الأعلى الخاصة بالمعاش لعدم دستوريتها من جانب وعدم اتساقها والذوق العام والأفضل أن ينص على زيادة سنوية كـ15% مثلاً.
وأكد على ضرورة حسم وضع النيابة العامة بنصوص واضحة سواء من حيث تبعيتها للسلطة التنفيذية، وهو الأقرب للمعروف فى العالم، أو اعتبارها جزءاً من السلطة القضائية وعدم جمعها بين سلطتى الاتهام والتحقيق بنصوص واضحة لا تحتمل الجدل الفقهى أو التأويل، إذ تخلو المشروعات المقدمة من تبنى فلسفة واضحة فى هذا الأمر، على حد قوله، بالإضافة إلى أن الإشراف على السجون ما زال شكلياً فى المشروع.

وشدد على ضرورة النص بشكل واضح وصريح على إلغاء كل أشكال الندب إلى السلطة التنفيذية بدلاً من الصياغات التى تحتمل التأويل أو التحايل، باعتباره أحد أهم أبواب الاعتداء على الاستقلال.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة