"الطابور الخامس".. شبح يطارد ثوار ليبيا ..بدأوا تشويه الثورة بـ"تصفية الفنانين"..و"الاعتقال أو القتل" مصير أنصار القذافى .. وأحد الفلول: نظام العقيد له حسنات كثيرة.. والثوار لا يتقبلون مخالفيهم
الجمعة، 07 أكتوبر 2011 09:22 ص
ثورة الشعب الليبى
طرابلس: السيد خضرى ومحمد فتحى
فى أعقاب الثورات، تتبقى للأنظمة الساقطة ذيول، تتلوى وتتمايل فى محاولة للتماسك وعدم الانهيار.. فى مصر كان لفظ الفلول هو الوصف الأكثر شيوعًا لأنصار الرئيس المخلوع حسنى مبارك من الإعلاميين ورجال الأعمال والعسكريين وغيرهم، أمّا فى ليبيا فقد أطلق الثوار على أنصار معمر القذافى "الطابور الخامس" بما تحمله الكلمة من دلالات الخيانة والغدر، ولهذا الطابور خصوصية فى الدفاع عن القذافى وللثوار خصوصية أيضًا فى التعامل معهم.
فى حى الأندلس بالعاصمة الليبية طرابلس، تعرض محررا "اليوم السابع" لمحاولة للفتك بهما حين أخرجا كاميرا من زجاج سيارة كانت تقلهما، وحاولا تصوير طابور طويل أمام أحد المخابز، إذ أسرع ثلاثة شباب من الطابور للركض صوب السيارة وقذفوها بأحجار كادت تتسبب فى تحطيم الزجاج الخلفى.
يقول سليمان أبو غراره من شباب الحى ذاته تعليقًا على هذا الحادث: "بعض أنصار القذافى يقومون بتصوير الطوابير الطويلة المتواجدة أمام المخابز ومحطات الوقود ثم يرسلونها إلى وسائل إعلام لبث هذه المواد، والتأكيد على أن ليبيا تعانى بعد انهيار النظام السابق، وأن المجلس الانتقالى غير قادر على تسيير الأمور، لذلك يسارع الشباب فى التعامل مع كل من يحاول التقاط صور لتلك الطوابير بعنف شديد ولا يتمهلون للتوقف على أسباب قيامه بذلك".
فلول ليبيا لا تقتصر ألاعيبهم على تصوير طوابير الخبز والوقود ولكنهم، وفقًا لرواية الشاب ذاته، يلجأون إلى إشاعة الفوضى، مستخدمين السلاح إذ يقوم بعضهم بالخروح من منزله فى أوقات متأخرة ويطلق النار فى الهواء بكثافة لإثارة القلق والرعب فى نفوس الأطفال والنساء، وتأخذ حيَلهم فى بعض الأوقات شكلاً آخر أكثر تنظيمًا باتفاق أكثر من فلٍ على تدمير مكان بعينه أو تصفية أحد الثوار.
يقول عبد الله العمرونى من سكان بنى غازى: "بعد أن نجحت مدينتنا فى طرد قوات القذافى بدأ الطابور الخامس يعبث فيها، وقامت بقايا اللجان الثورية التابعة للقذافى وأنصاره بوضع خطط لتصفية بعض المعارضين وركزوا جهدهم على اصطياد "فنانى الثورة" الذين أشعلوا حماسة سكان بنى غازى برسومهم على الجدران والحوائط، ونجح بالفعل الطابور الخامس فى قتل أكثر من رسامٍ ومثلوا بجثث بعضهم".
جرعة العنف التى تعامل بها شباب الأندلس مع محررى اليوم السابع لم تكن "مركزة" إذ اقتصر الأمر على إلقاء الحجارة فحسب دون إطلاق نار أو محاولة ملاحقة السيارة، لكن فى أحيان كثيرة يكون الأمر مختلفًا والجرعة أكثر عنفًا.
"الوضع لدينا فى ليبيا يختلف كثيرًا عن مصر وتونس، أنصار القذافى لا نعتبرهم مخالفين فى وجهات النظر فقط ونتقبل اختلافهم لكننا نعاملهم بعنف لأن أيدى أغلبهم ملطخة بالدماء كما أنهم باعوا ليبيا وهرولوا للظالم ونافقوه فى الوقت الذى كانت دماؤنا تسيل فيه" بتلك الكلمات بدأ أحمد المصراتى من كتيبة القدس حديثه عن تعامل الثوار مع الطابور الخامس أو طحالب القذافى كما يلقبونهم.
واسترسل المصراتى قائلاً: "حين نعلم أماكن تواجد أنصار القذافى نقوم بمداهمتها وإذا لم يسلموا أنفسهم نضطر إلى اللجوء لاستخدام السلاح" مضيفًا: "من نقبض عليه نسلمه للجهات المتخصصة التى تقوم بالتحقيق معه وتتولى أمره".
محاولة الوصول إلى أحد أفراد الطابور الخامس كانت نوعًا من الجنون، فأنصار القذافى لا يتفوهون بكلمة واحدة يمتدحونه بها.. يضمرون عقائدهم بداخلهم ويحاولون الاندماج فى المجتمع الثورى كما أن التحاور معهم تهمة فى حد ذاتها لكنّ الأقدار ساقت لنا "فل" طازج انضم رغم أنفه إلى الثوار، قابلناه على باخرة متجهة من بنى غازى إلى مصراتة وكان ضمن كتيبة قررت وفقًا لما ورد فى خطاب سلمه آمرها إلى مسئولى ميناء مصراتة البحرى الذهاب للمساعدة فى تحرير العاصمة طرابلس، رغم سقوطها قبل أسبوعين من موعد هذه الرحلة، ثم الانطلاق إلى سرت للقتال على الجبهة.
بعد سيل من الأسئلة التطمينية تأكد من خلالها هذا الفل أننا لن نبلغ الثوار عنه وبعدما لان جانبه لنا، انطلق "محمود" فى حديثه غير مسترسل كأنما حبس الكلام داخل جوفه عقودًا ثم وجد نافذة يطلق سراحه من خلالها قائلاً: "انضممت لكتائب القذافى قبل أشهر من الثورة ولا ينكر أحد أن للأخ العقيد إيجابيات كثيرة ففضلاً عن المائتى دينار التى كانت القوى العاملة تصرفهم لكل شاب ليبى غير عامل، كان كل من ينضم إلى الكتائب يتحصل على عائد شهرى لائق كما أن الليبين لم يكونوا يأنون من الفقر والجوع كما شهدت بلاد عربية أخرى كمصر".
وانتقل محمود إلى الحديث عن نقطتين الأولى هى معاملة الثوار لأنصار القذافى، والثانية شرح خلالها قصة تحوله من فرد فى كتائب العقيد إلى أحد الثوار، قال الشاب ابن الـ 28 عامًا: "لا أفهم سببًا واحدًا لسحل أو احتقار وازدراء من يتحدثون عن حسنات القذافى كأنه كان شيطانا.. لا أنكر أن له أخطاءً كثيرة لكن العقيد كانت له حسنات، ثم لماذا لا يتم التعامل مع أنصاره على أنهم مختلفون فى الرأى خاصة من لم يقم منهم بحمل السلاح وقتال الثوار".
وعن انضمامه للثوار قال الشاب: "لم يكن هناك مفر.. إما أن تنضم للثوار أو أن تصبح خائنًا، لقد تواريت عن الأنظار فترة طويلة لم أكن خلالها أرغب فى التعامل مع أحد خوفًا من حدوث احتكاك بينى وبين الثوار لكننى بمرور الوقت أصبحت مضطرًا أمام تساؤل البعض عن أسباب عدم ظهورى على جبهة المقاتلين وتردد أحاديث أنى من الطابور الخامس".
القاضى خليفة محمد صالح عضو المجلس المحلى فى مدينة المرج يرفض تعميم النبرة التى بدت متزنة فى حديث الشاب السابق على كل فلول القذافى قائلاً: "الطابور الخامس لم يتحدث عن حبه للقذافى أو كراهيته له بل قام بمجموعة من الأفعال الكريهة على أرض الواقع سواء محاولات تشويه الثوار أو استغلال عدم وجود الشرطة والقيام بترويع الآمنين وتصفية الثوار" مضيفًا: "هل يمكن بعد ذلك أن نتحدث عن مصالحة أو تعامل حسن معهم".
وانتقد صالح مبالغة بعض الثوار فى نسبة كل أزمة أو خطأ إلى الطابور الخامس قائلاً: "غير مقبول أن ننسب كل أزمة فى مجتمعنا إلى الطابور الخامس، هناك من يبالغ إلى حد كبير فى إلقاء التهم عليهم كأننا مجتمع ملائكى لا يخطأ على الإطلاق".
ويعد "القضاء على الفلول والتخلص من الطابور الخامس" من أبرز وسائل التفاخر والتباهى بين الثوار الليبين، ويظهر ذلك جليًا فى حديث ثوار مصراتة التى تعد أكثر المدن تطهرًا من "دنس القذافى" على حد قول أبنائها إذ يؤكدون أن "نجاحهم فى قطع ذيل النظام السابق قضت على كل محاولات الفلول للعودة للحياة العامة مجددًا".
أمّا مستقبل "أنصار القذافى" فى مرحلة ما بعد الثورة، فيؤكد ثوار ليبيون ومصادر رسمية أن من تبقى منهم على قيد الحياة لن يكون له دور فى بناء الدولة الحديثة وستكون مشاركته فى الوظائف العامة أمرا ممنوعا نهائيًا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أعقاب الثورات، تتبقى للأنظمة الساقطة ذيول، تتلوى وتتمايل فى محاولة للتماسك وعدم الانهيار.. فى مصر كان لفظ الفلول هو الوصف الأكثر شيوعًا لأنصار الرئيس المخلوع حسنى مبارك من الإعلاميين ورجال الأعمال والعسكريين وغيرهم، أمّا فى ليبيا فقد أطلق الثوار على أنصار معمر القذافى "الطابور الخامس" بما تحمله الكلمة من دلالات الخيانة والغدر، ولهذا الطابور خصوصية فى الدفاع عن القذافى وللثوار خصوصية أيضًا فى التعامل معهم.
فى حى الأندلس بالعاصمة الليبية طرابلس، تعرض محررا "اليوم السابع" لمحاولة للفتك بهما حين أخرجا كاميرا من زجاج سيارة كانت تقلهما، وحاولا تصوير طابور طويل أمام أحد المخابز، إذ أسرع ثلاثة شباب من الطابور للركض صوب السيارة وقذفوها بأحجار كادت تتسبب فى تحطيم الزجاج الخلفى.
يقول سليمان أبو غراره من شباب الحى ذاته تعليقًا على هذا الحادث: "بعض أنصار القذافى يقومون بتصوير الطوابير الطويلة المتواجدة أمام المخابز ومحطات الوقود ثم يرسلونها إلى وسائل إعلام لبث هذه المواد، والتأكيد على أن ليبيا تعانى بعد انهيار النظام السابق، وأن المجلس الانتقالى غير قادر على تسيير الأمور، لذلك يسارع الشباب فى التعامل مع كل من يحاول التقاط صور لتلك الطوابير بعنف شديد ولا يتمهلون للتوقف على أسباب قيامه بذلك".
فلول ليبيا لا تقتصر ألاعيبهم على تصوير طوابير الخبز والوقود ولكنهم، وفقًا لرواية الشاب ذاته، يلجأون إلى إشاعة الفوضى، مستخدمين السلاح إذ يقوم بعضهم بالخروح من منزله فى أوقات متأخرة ويطلق النار فى الهواء بكثافة لإثارة القلق والرعب فى نفوس الأطفال والنساء، وتأخذ حيَلهم فى بعض الأوقات شكلاً آخر أكثر تنظيمًا باتفاق أكثر من فلٍ على تدمير مكان بعينه أو تصفية أحد الثوار.
يقول عبد الله العمرونى من سكان بنى غازى: "بعد أن نجحت مدينتنا فى طرد قوات القذافى بدأ الطابور الخامس يعبث فيها، وقامت بقايا اللجان الثورية التابعة للقذافى وأنصاره بوضع خطط لتصفية بعض المعارضين وركزوا جهدهم على اصطياد "فنانى الثورة" الذين أشعلوا حماسة سكان بنى غازى برسومهم على الجدران والحوائط، ونجح بالفعل الطابور الخامس فى قتل أكثر من رسامٍ ومثلوا بجثث بعضهم".
جرعة العنف التى تعامل بها شباب الأندلس مع محررى اليوم السابع لم تكن "مركزة" إذ اقتصر الأمر على إلقاء الحجارة فحسب دون إطلاق نار أو محاولة ملاحقة السيارة، لكن فى أحيان كثيرة يكون الأمر مختلفًا والجرعة أكثر عنفًا.
"الوضع لدينا فى ليبيا يختلف كثيرًا عن مصر وتونس، أنصار القذافى لا نعتبرهم مخالفين فى وجهات النظر فقط ونتقبل اختلافهم لكننا نعاملهم بعنف لأن أيدى أغلبهم ملطخة بالدماء كما أنهم باعوا ليبيا وهرولوا للظالم ونافقوه فى الوقت الذى كانت دماؤنا تسيل فيه" بتلك الكلمات بدأ أحمد المصراتى من كتيبة القدس حديثه عن تعامل الثوار مع الطابور الخامس أو طحالب القذافى كما يلقبونهم.
واسترسل المصراتى قائلاً: "حين نعلم أماكن تواجد أنصار القذافى نقوم بمداهمتها وإذا لم يسلموا أنفسهم نضطر إلى اللجوء لاستخدام السلاح" مضيفًا: "من نقبض عليه نسلمه للجهات المتخصصة التى تقوم بالتحقيق معه وتتولى أمره".
محاولة الوصول إلى أحد أفراد الطابور الخامس كانت نوعًا من الجنون، فأنصار القذافى لا يتفوهون بكلمة واحدة يمتدحونه بها.. يضمرون عقائدهم بداخلهم ويحاولون الاندماج فى المجتمع الثورى كما أن التحاور معهم تهمة فى حد ذاتها لكنّ الأقدار ساقت لنا "فل" طازج انضم رغم أنفه إلى الثوار، قابلناه على باخرة متجهة من بنى غازى إلى مصراتة وكان ضمن كتيبة قررت وفقًا لما ورد فى خطاب سلمه آمرها إلى مسئولى ميناء مصراتة البحرى الذهاب للمساعدة فى تحرير العاصمة طرابلس، رغم سقوطها قبل أسبوعين من موعد هذه الرحلة، ثم الانطلاق إلى سرت للقتال على الجبهة.
بعد سيل من الأسئلة التطمينية تأكد من خلالها هذا الفل أننا لن نبلغ الثوار عنه وبعدما لان جانبه لنا، انطلق "محمود" فى حديثه غير مسترسل كأنما حبس الكلام داخل جوفه عقودًا ثم وجد نافذة يطلق سراحه من خلالها قائلاً: "انضممت لكتائب القذافى قبل أشهر من الثورة ولا ينكر أحد أن للأخ العقيد إيجابيات كثيرة ففضلاً عن المائتى دينار التى كانت القوى العاملة تصرفهم لكل شاب ليبى غير عامل، كان كل من ينضم إلى الكتائب يتحصل على عائد شهرى لائق كما أن الليبين لم يكونوا يأنون من الفقر والجوع كما شهدت بلاد عربية أخرى كمصر".
وانتقل محمود إلى الحديث عن نقطتين الأولى هى معاملة الثوار لأنصار القذافى، والثانية شرح خلالها قصة تحوله من فرد فى كتائب العقيد إلى أحد الثوار، قال الشاب ابن الـ 28 عامًا: "لا أفهم سببًا واحدًا لسحل أو احتقار وازدراء من يتحدثون عن حسنات القذافى كأنه كان شيطانا.. لا أنكر أن له أخطاءً كثيرة لكن العقيد كانت له حسنات، ثم لماذا لا يتم التعامل مع أنصاره على أنهم مختلفون فى الرأى خاصة من لم يقم منهم بحمل السلاح وقتال الثوار".
وعن انضمامه للثوار قال الشاب: "لم يكن هناك مفر.. إما أن تنضم للثوار أو أن تصبح خائنًا، لقد تواريت عن الأنظار فترة طويلة لم أكن خلالها أرغب فى التعامل مع أحد خوفًا من حدوث احتكاك بينى وبين الثوار لكننى بمرور الوقت أصبحت مضطرًا أمام تساؤل البعض عن أسباب عدم ظهورى على جبهة المقاتلين وتردد أحاديث أنى من الطابور الخامس".
القاضى خليفة محمد صالح عضو المجلس المحلى فى مدينة المرج يرفض تعميم النبرة التى بدت متزنة فى حديث الشاب السابق على كل فلول القذافى قائلاً: "الطابور الخامس لم يتحدث عن حبه للقذافى أو كراهيته له بل قام بمجموعة من الأفعال الكريهة على أرض الواقع سواء محاولات تشويه الثوار أو استغلال عدم وجود الشرطة والقيام بترويع الآمنين وتصفية الثوار" مضيفًا: "هل يمكن بعد ذلك أن نتحدث عن مصالحة أو تعامل حسن معهم".
وانتقد صالح مبالغة بعض الثوار فى نسبة كل أزمة أو خطأ إلى الطابور الخامس قائلاً: "غير مقبول أن ننسب كل أزمة فى مجتمعنا إلى الطابور الخامس، هناك من يبالغ إلى حد كبير فى إلقاء التهم عليهم كأننا مجتمع ملائكى لا يخطأ على الإطلاق".
ويعد "القضاء على الفلول والتخلص من الطابور الخامس" من أبرز وسائل التفاخر والتباهى بين الثوار الليبين، ويظهر ذلك جليًا فى حديث ثوار مصراتة التى تعد أكثر المدن تطهرًا من "دنس القذافى" على حد قول أبنائها إذ يؤكدون أن "نجاحهم فى قطع ذيل النظام السابق قضت على كل محاولات الفلول للعودة للحياة العامة مجددًا".
أمّا مستقبل "أنصار القذافى" فى مرحلة ما بعد الثورة، فيؤكد ثوار ليبيون ومصادر رسمية أن من تبقى منهم على قيد الحياة لن يكون له دور فى بناء الدولة الحديثة وستكون مشاركته فى الوظائف العامة أمرا ممنوعا نهائيًا.
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
تائر من سوق الجمعة
ماهي حسنات القدافي
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه مسلمه
التعليق
حيندمو علي ايام معمر