مرة واحد وقف فى طابور الجمعية (الاستهلاكية) يشترى كيلو سمك، وبعد الزحام والانتظار ساعتين اشترى فعلا السمك، وجرى على البيت ليبشر زوجته بأن الأكل النهاردة سمك.
فى البيت فرحت زوجته لكنها فى نفس اللحظة سألته: أين الزيت؟ حصتنا الشهرية من زيت التموين خلصت.
قال لها زوجها مغتاظا: تصرفى.. حاولى تستلفى شوية زيت من الجيران.
خرجت الزوجة تدق أبواب الجيران، جارة وأخرى وأخرى. مفيش زيت.
والعمل؟ قال لها الزوج إن عنده فكرة.. سيأخذ السمك ويذهب إلى أقرب محل يبيع السمك المقلى حتى يقلى له كيلو السمك بالفلوس.
فى الشارع وجد الزوج محل السمك المقلى مغلقا. تمر ساعة واثنتان والحيرة تأكله وهو يسعى على رجليه هائما فوجد نفسه إلى جوار النيل. وبكل سخط وغضب ويأس أمسك الرجل كيلو السمك بكلتا يديه وقذف به فى نهر النيل.
غاص السمك فى مياه النيل، وفى اللحظة التالية قفز السمك إلى أعلى فى الهواء وهو يهتف صائحا: يعيش جمال عبد الناصر!
وكانت هذه النكتة مكتوبة فى صفحات كاتبنا البديع محمود عوض فى كتاب "بالعربى الجريح" الصادر عن دار المعارف ويرسم لنا عندليب الصحافة المصرية مغزى النكتة التى "تعبر عمليا عن حالة التقشف وربط الحزام السائد فى البلد منذ يونيو 1967".
لكن ما رأيك فى وقت البلد فيه مهزومة من عدوها اللدود وتخرج هذه النكتة من ضابط فى الجيش الثانى الميدانى عائد من جبهة القتال ويحكيها لمحمود عوض بعد أيام من نكسة 1967؟
قد تقول كانوا "فايقين ورايقين" يجلسون بلا هم ويؤلفون النكات.
لكن الضابط مصطفى يؤكد أن النكتة ليست من اختراعه وإنما سمعها على لسان الرئيس جمال عبد الناصر أثناء زيارته للجبهة قائلا:
" لقيناه طب علينا فجأة فى عربية جيب لابس قميص وبنطلون يعنى لابس ملكى (مدنى) ومعاه محمد فوزى (وزير الحربية) وعربية جيب ثانية للحراسة".
ويتابع محمود عوض سرد قصة زميله مصطفى والإشارة لزيارة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وطلبه للاستماع إلى شكاوى وأحوال الضباط والجنود من فهم وبكل صراحة.
ووجد عبد الناصر أن "لا أحد يشكو من الجبهة، من القتال.. بالعكس الكل يتعجل يوم تحرير الأرض. لكن الكل يشكو من شىء آخر النكات التى يطلقها الشعب على العسكريين ويا سيادة الرئيس كل ما ننزل إجازة نخاف نمشى فى الشوارع باللبس الميرى (العسكرى).. فى الشارع نكتة وسخرية فى بيوتنا نكتة أكثر وسخرية أوجع.
وبدأ الرئيس يطيب خاطر الجميع: معلهش.. من حق الشعب يسلخ جلدنا وسيستمر يسلخ جلدنا إلى أن نثبت له أننا ناخذ الحرب بكل جدية وإن فيه نتائج محددة على الأرض. أنا مثلكم أسمع النكات وأتألم لكن أحنا عارفين شعبنا كويس وإن شاء الله يوم النصر سيأخذكم بالأحضان.. لكن النصر أولا. قبل النصر يهون كل شىء، وإن كان على النكات.. تبقى المسألة بسيطة، عن نفسى أسمع نكات كثيرة ولا آخذها بشكل شخصى، نكات يعبر فيها الشعب عن تضحياته فى سبيلكم مثلا.. هذه النكتة.
ثم حكى جمال عبد الناصر للجنود والضباط نكتة الأخ الذى اشترى كيلو السمك فضحك الجميع وتبخرت مرارتهم وكما جاء الرئيس فجأة، انصرف فجأة. وفى اليوم التالى عرفنا أنه تركنا ليقوم بزيارة مماثلة للواء الجزائرى المشارك لنا فى الجبهة منذ النكسة.
هكذا استرسل مصطفى"
وهنا نتوقف عند سطور كتاب "بالعربى الجريح" للأستاذ محمود عوض ومن خلال مطالعة تاريخنا الماضى وفهمه بإدراك ووعى تكون لنا ذاكرة تساعدنا على الإبحار فى المستقبل ومن صفحات التاريخ نتعلم.
تغنت إسرائيل بحرب الأيام الستة فى 1967 واجتهد المصريون فى يوم سابع يبدأ بحرب الاستنزاف وينتهى بحرب أكتوبر 1973.
وحتى نصل إلى (اليوم السابع) كما يطلق عليه أستاذنا محمود عوض فقد خرج الأبطال الذين يجب أن نرفع صورهم ونكتب عنهم –إذا استطعنا- ونسرد بطولاتهم حتى يعرف الصغير والكبير قدر تضحياتهم حتى تقف البلد على قدميها بقوة خير أجناد الأرض.
هؤلاء الأبطال أمثال عبد المنعم رياض وأحمد حمدى وسعد الدين الشاذلى ومحمد على فهمى و.. و.. و.. وشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
عبد المنعم رياض
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جابر جادالله
تهنئه للشعب والجيش
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد الحجاوى
تحيه لشهدائنا فى يوم نصرهم
عدد الردود 0
بواسطة:
ibrahim
تهنئة لا ابطال اكتوبر المجيدة
عدد الردود 0
بواسطة:
وديع العلاوى
الى الشهيد البطل /عبد الحميد خليل قشطه وكل أبطال حرب أكتوبر
عدد الردود 0
بواسطة:
ابويوسف
الثائر الحق هو الذى يثور ليهدم الفساد