يحكى أنه مرض أحد الأثرياء فنهب العاملون لديه ثروته وضاع ما تبقى منها فى علاجه حتى استدان من كل من يعرف من أصدقاء وأهل وجيران حتى شفاه الله بعد سنين طوال، واجتمع القوم حوله يوماً كى يهنئونه بشفائه فوقف بعض الديانة أمام بابه يهتفون "عاوزين فلوسنا" وقف الرجل الثرى سابقاً الفقير حالياً يرجوهم ألا يفضحوه ويمهلوه بعض الوقت، فما كان منهم إلا أن حطموا بيته وضربوه حتى سقط مغشياً عليه من جديد فضاعت حقوقهم لديه.
هذه ليست حدوتة من ألف ليلة وليلة أو كليلة ودمنة أو من حكاوى الجدود على المسطبة والقبة، ولكنها حقيقة واقعية تعيشها مصر ذلك الرجل الثرى الغنى الذى سلب منه عزه ومجده حتى صار فقيراً مريضاً، وبعد ما أفاق اليوم من المرض هجم عليه أبناؤه يطلبون منه أن يحقق لهم المستحيل وهو لا يملك أن يحقق منه شيئا فسقط من جديد مريضاً سقيماً لا أمل فى شفائه، وهذه المرة سقط بيد أبنائه الذين يدعون أنهم محبون ومخلصون له ومستعدون لفدائه بأرواحهم وأهليهم.
والحقيقة أن الأخوة المضربين فى كل أنحاء مصر والسادة الفئويين أصحاب مطالب العلاوة والدرجة و100% و200% حطموا حلم مصر فى المستقبل وأملها فى الشفاء، وقطعوا عليها طريق النهوض فأعادوها مرة أخرى للوراء قعيدة لا حيلة لها مشلولة لا أمل منها.
فأين عقولكم النابعة وأين ضمائركم اليقظة، من أين تأتى لكم مصر بالمليارات التى تكفيكم، ومن أين تلبى مطالبكم وهى لا تملك وقد تركها المخربون خرابة لا توجد لها إلا القمامة، وممن تطلبون، أتطلبون من الذين سرقوكم وسرقوا أقواتنا معكم، أم تطلبون من أناس لا حيلة لهم ولا قوة، عاجزون تائهون فى علاج مصرنا المريضة يطلبون لها الدواء فلا يجدوه والطيب فيولى هارباً.
هل أنتم بمطالبكم تحاكمون المفسدين أم تحاكمون مصر دعوها تلتقط أنفاسها ويهدأ جسدها ويرتاح نبض قلبها لعلها تعود قوية صحيحة سليمة وتبرأ من سقمها وتشفى من علتها.
السادة الأطباء يا أصحاب الأيادى البيضاء والقسم الشريف عودوا واغسلوا أيديكم من دم مصر وطببوها وضمدوا جراحها ولا تتركوها تنزف وأنتم تتفرجون، والسادة المعلمون يا أصحاب الرسالة لا تنسوا رسالتكم وضعوها أمام أعينكم قبل مطالبكم وأحيوا فى مصرنا أجيالاً تبنى الأمة وتحيى الهمة فذلك دوركم عودوا إلى مدارسكم وأبنائكم تعد إليكم حقوقكم.
السادة السائقون الصبر يبلغ الأمل فقد صبرتم سنين طوالا، فهلا أكملتم صبركم عاماً آخر حتى تهدأ الأمور وتعود المياه إلى مجراها وينبت الحب ويتم الحصاد وعندما سيكون لكم الحق فيما تطلبون.
يا كل من يريد من مصر ماذا قدمت أنت لها؟ لو سأل كل منا نفسه هذا السؤال لكان عملنا أكثر من حديثنا ولكنا فى علية القوم وسادة الأمم ولنتذكر جميعاً كيف سقط الرجل الثرى المريض بعدما طالبه الديانة بديونهم وفضحوه أمام الناس فعاد مريضاً لا يرجى له إلا الموت فهل تريدون لمصر هذا المصير.