عندما نقيم سلوك شخص ما أو تصرف قام به، نتحلى بمنتهى العقل والحكمة ونلبس ثوب الفضيلة ونرتدى رداء الشرف والأخلاق ونتدثر بدثار من المثالية، وننحى كل العوامل جانباً ونكون كالقاضى الذى لا يقبل نقض ولا الاستئناف، ولا نراعى ظروف ولا ملابسات ولا نستجيب لشفقة أو تعاطف، بينما وعلى الجانب الآخر عندما نخطئ نوجد مئات المبررات وتظهر عشرات الأسباب ونسهب فى الشرح وتكثر دموع الاستعطاف وتسيل كما الأنهار مطالبة بالمزيد من الفرص ممزوجة مع مشاعر الاستجداء.
ولأنه ليس هناك شئ كامل ولا مثالى بالحياة يجب أن يكون لدينا نوع من التوازن بين تقييمنا لأنفسنا وتقييمنا للآخرين، فليس مطلوباً منا المثالية التامة ولا مطالبة الآخرين بها، ولكن مطلوب الحيادية والنزاهة عندما نكون الطرف المقيم أو الواقع عليه التقييم.
فعندما نصدر أحكامنا على الآخرين يجب أن نعلم أنه ليس هناك خير تام ولا شر مطلق، فكل إنسان منا مهما زادت وعلت جوانب الخير فيه لن يكون ملاكا، ومهما كثر واستشرى الشر بداخله لن يصبح شيطانا، وكل نقص وعيب فينا هو وليد النشأة والتربية والبيئة المحيطة.
لذا لا يجب أن نتعامل مع إنسان ما على أنه مثالى وكامل فالكمال لله وحده، ولا نتعامل مع شخص ما مهما كثرت عيوبه ومساوئه أنه خالٍ من المزايا بل يجب أن نتعامل مع أى نقطة إيجابية له لتنميتها وزيادة الخير بداخله وتقليص مساحات الشر عنده، أعلم أن التطبيق ليس بالأمر الهين لكن الحياة جهاد.
وفى النهاية نخطئ بحق أنفسنا والآخرين عندما نتوهم وجود المثالية فينا أو فى الآخر.
