عندما كنت أشاهد التلفاز وأتابع المعلمين وهم يتحدثون عن حقوقهم وحقهم فى التعبير عن مطالبهم، تذكرت عندما كنت فى الصف الأول الثانوى وتم انتخابى من قبل زملائى لأكون أمينة على الفصل، وأثناء ذلك كانت هناك بعض المعلمات تسىء معاملتنا بل كانت تتعمد الإساءة إلينا، فاجتمعنا فى الفصل وقررنا تقديم شكوى وشاء القدر بصفتى الأمينة على الفصل أى المتحدثة عن الفصل، بأن أقوم بكتابة الشكوى وتقديمها لوكيل المدرسة، ولكن بعد توقيع طلاب الفصل عليها.
وبالفعل قمت بتقديمها مع بعض زملائى ولكن كان رد فعله هى الصدمة بالنسبة لنا، حيث قام الوكيل بعد قراءته للشكوى بإهانتنا، بل وقال "أنتم عيال مش متربية إزاى تشتكوا معلمتكم" وحينها شعرت كأننا أغبياء، لأننا ظننا أنه من الممكن الاعتراض على شىء، وأن حقنا فى الرأى مكفول، ومن ثم عدنا إلى الفصل ونحن نعلم أننا فى مدرسة يصبح الطالب مسلوب الإرادة والكرامة والشخصية، وحمدا لله أن حرية الرأى مكفولة لى فى نطاق أسرتى.
دفعنى ذلك أن اكتب تلك المقالة لكى أوجه رسالة للمعلم وللأسرة، أنه لابد أن نعرف أولادنا معنى الحرية وكيفية التعبير عنها، وأنه ليس من يقول رأيه شخص غير محترم، بل شخص عبر عما فى نفسه، فإما توجهه وتقول له إنك على حق أو تختلف معه وتعبر عن وجهة نظرك لأنه إن كان المعلم أصبح حرا فالطالب أيضاً أراد الحرية، ولذلك لابد أن تكون الحرية موجودة فى حياة كل شخص وتزرع فيه منذ الصغر كغيرها من المبادئ، لكى يعلم الإنسان الفرق بين الحرية والفوضى والتبجح فى الحوار.
فإذا كان مطلوباً من الأسرة أن تزرع فى أولادها الحرية فى الرأى والتعبير فلابد أيضاً على المدرس أن يزرع فى تلاميذه حرية الرأى وعدم الحجر عليهم.
فإذا كنا الآن نعانى من الفوضى واستغلال البعض للحرية من أجل مطالب فئوية، فهذا سبباً لأن الأسرة والمدرسة لم تزرع فى هذا الشاب والأب الحرية بل عاش محجوراً على رأيه فى نطاق أسرته ومحجورا أيضاً فى مجتمعه، لأن الحجر على رأى الإنسان إما يجعله همجياً فى اليوم الذي يجد فيه الحرية، أو يجعله سلبيا فى حياته ليس له أى موقف فى الحياة.
فإذا كانت الحرية جزءاً فينا كبشر وحقا مكفولا للجميع، ولكن إذا لم ينشأ الإنسان فى بيئة تعلمه حدوده وواجباته، وأن الحرية ليست فى كل شىء ولا اعتراض على أى رأى مخالف لرأيه، و لا أن يتطاول على الآخرين وذلك تحت مسمى الحرية فكل ذلك ليست الحرية.
وللأسف فإن السبب الرئيسى فى هذا الخلط بين الحرية والهمجية كانت الأسرة والمدرسة سبباً فيهما، لأنه إذا نشأ الابن فى جو ملىء بحرية الرأى والتعبير حتى إن كان رأيه خطأ فى بعض الأحيان، ولكن لابد للأب أن يعترف لابنه أنه كان فى يوم أكثر صواباً منه، فليس عيباً أن يقول الأبناء آراءهم بحرية فى نطاق أسرتهم، لأن ممارسة الحرية منذ الصغر تحت رعاية الأسرة والمدرسة ستكون بشكلها السليم.
ولذلك أيتها الأسر الكريمة والمعلمون الكرام علموا أولادكم وطلابكم الحرية لا الفوضى ولا السلبية.
إيمان البستانى تكتب: علموا أولادكم الحرية لا الفوضى والسلبية
الثلاثاء، 04 أكتوبر 2011 08:22 م