إن الأزمة المتفاقمة بين القضاة والمحامين التى نجم عنها تعليق العمل بمحاكم الدولة وتراشق الطرفين بالصفات التى لا توافق موصوفها من حيث المكانة الاجتماعية، ولا القامة القانونية، لا تزال مثار جدل معظم الناس إلى اليوم فهى فى مجملها تمثل خروجًا عن قدسية القضاء التى ما زلنا نحتفظ بهيبتها ووقارها فى نفوسنا وعقولنا رغم إصرار جناحى العدالة على تغيير ملامحها الثابتة والمبهرة لنا من خلال هذا السجال القائم بينهما فما كان لأحد منا أن يصدق ما يجرى اليوم من السباب ولا بما يأتى به النخب من الفعال لولا أننا قرأنا فى الصحف وشاهدنا عبر وسائل الإعلام ما فعله المحامين من احتجاجات فى باحات المحاكم أسفرت عن غلقهم لأبوابها فى وجه القضاة بالجنازير لنسمع بعد ذلك ما وصفهم به القضاة بالهمجية والبلطجة غير أن المحامين لم يأبهوا لقول القضاة بل شاطروهم الوصف بنعتهم بالمزورين ويقصدون هنا تزوير الانتخابات إبان الحكم البائد ويمضى المحامون فى وقفاتهم بباحات المحاكم احتجاجًا منهم على مشروع قانون السلطة القضائية المتنازع عليه، وخاصة المادة 18 منه إلى جانب احتجاجهم على تأجيل انتخابات نقابة المحامين والحق أننا ما كنا لنصدق ذلك أبدًا لولا أن رأيناه بأعيننا ورغم تعدد المواقف واختلاف الآراء فإن وجهة نظر المحامين التى ترى أن الجهة القضائية قد تعمدت تأخير انتخابات نقابتهم لتمرير المشروع آنف الذكر دون مراجعة منهم أو تمحيص لغياب النقيب قد تحتمل الخطأ أو الصواب، ولكن الحق معهم فى قولهم بأن قانون السلطة القضائية من القوانين المكملة للدستور ولا يمكن إصداره قبل وضع الدستور.
وأغلب الظن أن الأزمة الراهنة ليست وليدة الأمس ولا اليوم وإنما هى تمثل مشكلات وتراكمات ذات جذور قديمة ومخاوف هائلة تبعث فى النهاية على الشك بين جناحى العدالة وتكشف عن آلام إنسانية يرجع المحامون المحتجون أسبابها إلى النظرة الاستعلائية التى تطولهم من القضاة أمام منصة القضاء أثناء الدفاع عن موكليهم، فضلا عن التهميش والإهمال لطلباتهم، بالإضافة إلى محاولة إقصاء أقرانهم من المحامين الذين يحق لهم الالتحاق بالدوائر القضائية بإلغاء نسبة 25% المسموح بها ومع ذلك فإن المحامين يرون أنهم يتقبلون كل هذه الأمور على علتها، وهم لها كارهون ولا شك أن هذه الأوضاع قد تسببت فى اتساع الهوة بين الطرفين، مما أدى إلى انقطاع لغة التواصل الحقيقى فيما بينهما فى الوقت الذى كان يفترض فيه أن كلا من القضاة والمحامين يكمل كل منهما الآخر وكان يتوجب عليهما ألا يضيق بعضهما بالبعض مهما احتدمت الأزمات، ومن المؤكد أن المساعى الدءوبة التى يبذلها رئيس المجلس الأعلى للقضاء مع الحكماء والشيوخ من المحامين بدأت تؤتى ثمارها حيث أعلن فى بيان له مساء الأحد الماضى مؤكدا من خلاله إبداء المجلس الأعلى للقضاء اعتراضه على مشروعى القانون المقدمين من المستشارين أحمد الزند وأحمد مكى، وبالقطع فإن المشروعين كانا مثار الخلاف واختص منهما تحديدا التعديلات التى تخرج عن فكرة استقلال القضاء وعلى رأسها المادة 18، وذلك لوأد الفتنة واستعادة الثقة والاحترام بين جناحى العدالة صونا لحقوق المتقاضين ودعما للتحول الديمقراطى المنشود وربما يلقى هذا الإعلان قبولا وترحيبا من المحامين فتعود الأمور إلى نصابها الصحيح.
رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: متى ينتهى الصراع بين جناحى العدالة؟
الإثنين، 31 أكتوبر 2011 12:21 ص
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبداللطيف أحمد فؤاد
عادى كل البلد كده الان بعد صباح السكر
عدد الردود 0
بواسطة:
منتصر حبشي
كيف نساوي بين
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
اتقوا الله يا أولوا الألباب
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد حسن
العدالة بين الارض والسماء