عزيزى خروف العيد ... لقد طالت غيبتك عنا .... سنوات طوال يا"غالى" كنا فيها نمنى أنفسنا برؤياك ولكن ضيق الحال وارتفاع ثمنك حال دون ذلك، وأعاقنا عن شرائك طيلة السنوات الفائتة التى كنا فيها ندخر مصروف البيت، حتى شاء الله أن نجمع ثمنك ونشتريك بعد أعوام ذقنا فيها الجوع والحرمان ..
ها أنا قد اشتريتك بعد سنوات كان يسألنى فيها أولادى عنك، فكنت أقول لهم خلالها إن اللحوم ضارة بالصحة ونحن لابد أن نعيش نباتيين نأكل الفول والبصارة كما تعودنا ... ولكنهم كانوا من الذكاء أن يعرفوا أن عسر الحال وضيق ذات اليد هما العقبة التى كانت تمنع شراءك .... فها قد شرفتنا فى منزلنا المتواضع بعد طول غياب ليفسح لك أبنائى حجراتهم ويتركوك تبرطع فيها دون أن يقيدوك .... وكيف يقومون بذلك وهم قد ذاقوا أيام وليال كانوا لا يأكلون من أجل أن يدخروا ثمنك .... كما أنه يسعدهم أيما سعادة حينما تطلق صوتك يجلجل فى البيت "ماء.... ماء" ليخرج أبنائى رافعى رؤوسهم أمام أهل الحى وكأنهم يقولون لهم أن فى بيتنا خروف ....
وها هو يقترب موعد العيد .... موعد ذبحك.... ورغم فرحتنا بالعيد إلا أننا نتساءل فى حزن شديد هل حقا ستغيب عنا بعد هذا اللقاء السعيد .... وكيف سأتحمل أن أذبحك بيدى ... هل هذه اليد التى جمعت المال طيلة تلك الأعوام لتشرفنا وتؤنس وحدتنا هى نفس اليد التى ستمسك السكين وتقطع رقبتك ... كيف سيحدث ذلك....لقد قضيت معنا أياما جميلة كنت فيها نعم الصديق ...ذكراك العطرة ستظل تملأ أركان البيت...كيف ننسى كلمة "ماء "ماء" التى كانت توقظنا من نومنا وتزعج جيراننا، إلا أنها رغم ذلك كانت تشجينا وتطربنا.
كيف ننسى يوم أن غافلتنا وخرجت من باب البيت وظللت أنا وأبنائى نجرى وراءك لنمسك بك ونعيدك إلى البيت لنظل نتندر ونضحك طيلة اليوم على محاولة هروبك الفاشلة .... ورغم قلقنا وخوفنا عليك وقتها إلا أننا كنا سعداء بان أهل الحى قد عرفوا بأن عندنا خروف بل كنا نتمنى حينها أن تطول المسافة التى تجريها حتى يعرف ذلك أناس أكثر ...إننا لن ننسى أيضا يوم أن تجمع خرفان الجيران فى ميدان الحى اعتراضا على ذبحهم وكنت تصيح بأعلى صوتك لتعلن تضامنك معهم .... إن دموعنا لن تجف على فراقك ولا ندرى كيف سنعيش بدونك .... لقد كان صوتك يجلجل فى أرجاء المكان ويملأ علينا وحدتنا ويبهجها .... نعم سنسعد بلحمك الشهى ولكن ربما يطول غيابك عنا سنوات طوال سنظل نتذكرك فيها بالخير ... سيدى الخروف لست أنت وحدك المذبوح .... فرغم أننى سأذبحك بيدى... إلا أننى مذبوح مثلك .... ستموت أنت من ذبحى لك ..... بينما أنا أموت مرات ومرات دون أن يسيل دمى ... عزيزى الخروف كلنا فى الهم سواء ورغم الفراق فسيظل لحمك ساكنا فى بطوننا... لن ننساك ... أنت حى فينا ... سيظل لحمك الجميل يحيى أجسادنا بذكرى مذاقه الرائع .... وسيظل صوف جلدك الثمين يذكرنا بك كلما طال غيابك ختاما فما أود أن أقوله قبل أن ينفذ فيك قضاء الله المحتوم "يا من يعز علينا أن نفارقهم وكل شئ بعدكم عدم" لا تنسى أن تذكر أصحابك وإخوتك من الخراف إلا يطول غيابهم عنا عسى أن يعوضوا غيابك المرير ... ولا أملك إلا أن أدعو الله عز وجل أن يسعدنا برؤياك من خلالهم فى الأعياد القادمة..
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سالم
خروف العيد وذكريات لا تنسى
عدد الردود 0
بواسطة:
شاكر رفعت بدوي
شاكر رفعت بدوي
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير احمد مشيمش
كل سنه وانت طيب .
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق الجيتار
هههههههههه
مقال مضحك جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
د صادق عمار
كيف تشتري خروف العيد
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر الطنطاوي
كل عام وكل قراء اليوم السابع بخير ....
كل عام وكل قراء اليوم السابع بخير ....
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير احمد مشيمش
طلع حبيبنا هو الى كاتب المقال ... وبكده ضمنا اللحمه والعيديه .
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
كل سنة وانت طيب
عدد الردود 0
بواسطة:
شاكر رفعت بدوي
كل عام وانتم بخير وحب وسلام