عن دار "شرقيات" بالقاهرة، صدر هذا الأسبوع الديوان الثامن للشاعر المصرى سمير درويش بعنوان "تصطاد الشياطين"، ويضم (59) مشهدًا شعريًّا قصيرًا دون عناوين داخلية، فقد اختار الشاعر أن يعطى لمشاهده، المرتبة زمنيًّا حسب تاريخ كتابتها، أرقامًا مسلسلة، بحيث تنتظم التجربة كلها، التى كتبت بين مارس 2009 ومايو 2011، تحت عنوان واحد، هو عنوان الديوان، كقصيدة طويلة ممتدة زمنيًّا ومكانيًّا.
الديوان تجربة موضوعية واحدة، حيث يمكن رصد تفاصيل قصة واحدة، لها تجلياتها المكانية المحددة التى يمكن رؤيتها وتحديد مساراتها وتفرعاتها وشكل أبنيتها وطرقها.. الخ، وتنحصر فى إطار زمنى يمتد لعامين هما زمن الكتابة ذاته، إضافة إلى تكرر ملامح أنثى واحدة فى تجلياتها المختلفة، تصنع تفاصيل قصة حياة بدأت واعدة، ثم أخذت دورة صعودها إلى الذروة، قبل أن تبدأ فى الانحدار التدريجي، حتى وصلت إلى شاطئها النهائى، شأن كل دورات التاريخ، ودورة الكون ذاته، بما يصاحب ذلك من أحاسيس متنوعة ومتناقضة، بين الفرح الطاغى الذى يتركه التواصل مع الآخر فى النفس، إلى الانهزام الذى يتبلور حين تتفكك الخطوط.
كما أن الديوان يقدم اقتراح الشاعر، الذى لا يكف عن التجريب، لرؤية جمالية تضاف إلى رصيده الشخصى، وإلى رصيد "قصيدة النثر" التى ما تزال فى طور التشكل، حسب قوله، كونها فنًّا غربيًّا يأخذ تجلياته العربية وسماته على أيدى مجموعة من شعراء الثمانينيات الذين يعد "سمير درويش" أحدهم. فالمشهد عنده غالبًا يتكون من دفقة واحدة مكثفة تتخلى عن المجاز القديم لصالح الفجوة التى يصنعها النص مع الموجودات التى تحيط به: الناس والأشياء واللغة ذاتها، وفى بعض المشاهد التى طالت قليلاً يلجأ الشاعر إلى تقطيعها إلى مقطعين أو ثلاثة، تأتى متوافقة يكمل أحدها الآخر، أو متعارضة تهدف إلى إبراز الرسالة، سواء أكانت موضوعية أم لغوية.
يأتى هذا الديوان بعد عشرين عامًا من إصدار الديوان الأول لـ"سمير درويش"، فقد صدر ديوانه "قطوفها وسيوفى" عن هيئة قصور الثقافة عام 1991، ثم توالت دواوينه: موسيقى لعينيها.. خريف لعينى 1993، النوارس والكهرباء والدم 1998، الزجاج 1999، كأعمدة الصوارى 2002، يوميات قائد الأوركسترا 2008، من أجل امرأة عابرة 2009، وقد صدرت بعضها فى طبعات أخرى، كما صدرت له روايتان: خمس سنوات رملية 2004، وطائر خفيف 2006.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة