كنت منذ أيام فى رحلة للولايات المتحده بناء على دعوة واستضافة الجالية المصرية فى الولايات المتحدة، وكذلك شاركت فى محاضرات نظمتها الجالية العربية فى الولايات المتحدة، وبغض النظر عن الأساطير والاتهامات التافهة التى صاحبت الرحله وتكرار الحديث عن الأجندات والتمويل، فهى اتهامات لا تستحق عناء الرد لأنها نابعة إما من أتباع مبارك الكارهين للثورة أو أتباع النظام القديم المتلونين بلون الثورة، وأحيانًا ينساق إليها فئة من الناس ممن لا يستعملون عقولهم للتفكير ولمعرفة الارتباط الوثيق بين نظام مبارك والإدارة الأمريكية قبل الثورة، والارتباط الحالى بين المجلس العسكرى والإدارة الأمريكية بعد الثورة.
والنقطة المهمة التى أود الحديث عنها هى المصريون فى الخارج، فجميعنا تابعنا تجربة الانتخابات التونسية وشاهدنا كيف تم تخصيص دوائر للتونسيين المغتربين ومنح حق التصويت للتونسيين فى الخارج، وحق التصويت للمغتربين ليس بدعة، وهو موجود فى كل دول العالم.. أما فى مصر فلا يزال المجلس العسكرى يتحجج بصعوبات غير مقنعة يمكن التغلب عليها بسهولة لو هناك إرادة سياسية عند المجلس لتنفيذ ذلك، ولا يزال المجلس العسكرى يتعامل بنفس الازدواجية القديمة التى تعتبر المصريين فى الخارج مواطنين من الدرجة الثانية، ومشكوك فى ولائهم لمصر، ويحملون أجندات خارجية، وفى نفس الوقت نسمع استفسارات عن: لماذا لا يستثمر المصريون فى الخارج فى مصر بدلاً من استثمارهم لأموالهم فى الخارج.
والجدير بالذكر أن المصريين فى الخارج ليسوا خونة أو عملاء أو أصحاب أجندات كما يحاول أن يوحى أتباع النظام القديم، أو الإعلام المرتبط بالسلطة، بل هم أهلنا وأقاربنا الذين لم يجدوا فرص عمل فى مصر وذهبوا للخارج بحثًا عن فرص عمل يستطيعون بها رعاية عائلاتهم فى مصر، هم الشباب الذين لا يستطيعون تدبير تكاليف الزواج، هم الطلبة النابغون الذين لم يجدوا التخصص الذين يرغبون فى دراسته، هم خريجو الأقسام العلمية المهمة الذين لم يجدوا وظائف تناسبهم.
إن كنت فى زياره لأى دولة فى العالم سواء أمريكا أو دول أوروبا أو الخليج فستجد المصريين فى كل مكان، على عربات الوجبات السريعة أو فى المطاعم أو سائقى تاكسى، أو طلبة فى جامعات عريقه أو علماء نابغين أو رجال أعمال مرموقين، إنهم كل من استطاع الانطلاق والإبداع بسبب وجود بيئة ونظام مناسب لذلك.
مصريون يفخرون بمصريتهم ويحملون العلم المصرى فى أى مكان يسيرون فيه، يفخرون بالثورة لأنها ردت إليهم كرامتهم وسط الأمم، تلمع عيونهم بالدموع كلما سمعوا أغنية مصرية أو سمعوا أى أخبار من مصر.
هل تعلمون أن المصريين فى الخارج هم ثالث مصدر للدخل القومى المصرى عن طريق تحويلاتهم لأهاليهم داخل مصر، ومع ذلك كان يعتبرهم نظام مبارك وأيضًا النظام العسكرى الحالى مواطنين درجة ثانية ليس لهم حق التصويت فى الانتخابات، والبعض يعتبرهم خونة وأجندات أجنبية، نفس خطاب التكفير والتهميش منذ عهد مبارك لا يزال مستمرّا.
ألسنا فى احتياج إلى التواصل أكثر مع أهالينا خارج مصر والعمل على حل مشاكلهم كما نرى سفراء باقى الدول؟ ألسنا فى حاجة لأن يشعروا بأهمية دورهم فى بناء مصر؟ ألا نحتاج للاستفادة من خبراتهم العلمية والإدارية فى إعادة بناء مصر؟ ألسنا فى حاجة لبناء كيانات منظمة وقوية للدفاع عن مصالح المصريين فى الخارج وأيضًا فى الداخل؟ ألا نحتاج لوجود لوبى ضغط مصرى وعربى؟