حذر محسن عادل – محلل مالى- من خطورة إقدام الحكومة على إلغاء الدعم عن الطاقة بشكل مفاجئ على الشركات، وبدون دراسة كاملة لتأثير ذلك على المستهلكين من ناحية وعلى الصناعات المرتبطة بهذه الشركات من ناحية أخرى، مما يتسبب فى تراجع أرباح الشركات وتحميل الزيادة فى التكلفة على المستهلكين، مما سيزيد من الركود الاقتصادى ويهدد العديد من الأنشطة بالتوقف.
وقال، إنه رغم الآثار السلبية المتوقعة لزيادة أسعار الطاقة على بعض المصانع والصناعات، إلا أنه يجب النظر إلى أن الصناعات التى تم رفع الدعم عليها تمتاز بعدد من الخصائص الفريدة، أهمها أنه لا يوجد منافس أجنبى لها محليا، كما أن طاقتها الإنتاجية مرتفعة وهناك دوما فرص تصديرية لها، بالإضافة إلى الارتفاع النسبى لهامش ربحيتها وعدم تمثيل دعم الطاقة جانبا ضخما من تكلفة الإنتاج.
وأوضح أنه من الضرورى دراسة مثل هذه القرارات قبل تنفيذها حتى لا يتحمَّل الجميع تبعات قراراتها غير المدروسة، مشيرًا إلى أن التأثيرَ السلبى على المناخ العام للاستثمار والتكلفة النهائية للمنتجات الصناعية والتى ستدفع المصنعين والمنتجين لإعادة النظر فى حساب تكلفتهم النهائية للسلع، بعد أن اطمأنوا خلال الفترة الأخيرة لتحسن مناخ الاستثمار لصدور العديد من القرارات المدروسة.
وأكد، أن الإجراء الحكومى جاء ليحدث نوعًا من التوازن فى السوق، وكذلك ليعيد توظيف المبالغ المنفقة على الدعم المقدم لصالح قطاعاتٍ أخرى فى حاجةٍ لهذه المبالغ الكبيرة التى قدمت لتلك الصناعات خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أنه لأول مرة تفصح جهة حكومية عن خطة تسعيرية مستقبلية تتميز بالتدرج فى التطبيق، بما يعطى الفرصة للمصانع لتكييف أوضاعها ورسم سياستها المستقبلية أيضًا.
وطالب الحكومة باللجوء إلى تقليص الإنفاق الحكومى فى بعض القطاعات بهدف توفير بعض السيولة التى تساعد فى سد العجز، بدل من رفع دعم الطاقة على الصناعات، مشيرا إلى أننا نحتاج فى ظل الظروف الراهنة إلى إجراءات لزيادة الإنتاج والصناعة وتخفيض الأسعار النهائية للمستهلكين وزيادة الإقبال عليها لزيادة الحراك الاقتصادى، وهو ما يولد فائض لسد العجز .
وأشار عادل إلى أن إلغاء دعم الطاقة سيخفف العبء على ميزانية الحكومة، وسيساعد على تقليل العجز المالى لمعدل الناتج المحلى الإجمالى، ومع ذلك، فإن القلق بشأن ارتفاع الأسعار موجود.
وأضاف أن المصانع قليلة الاستهلاك للطاقة لن يضيرها أو يؤثر فى أرباحها بشكل كبير إلغاء أو تقليل الدعم الموجه إليها، مؤكدا أن بعض الشركات التى تعمل فى تصنيع الأجهزة المعمرة وشركات الغزل والنسيج والسجاد، تمثل الطاقة نحو 3% من إجمالى التكلفة إلا أنه فى حال رفع الدعم ستتأثر الشركات المستخدمة للطاقة بغزارة سلبيا مثل شركات قطاع البتروكيماويات والأسمدة والحديد والأسمنت، وأعرب من تخوفه أن تقوم الشركات المتأثرة بالقرار بنقل الأعباء الناتجة عن ذلك إلى المستهلك، متوقعاً أن تتأثر أرباح الشركات بهذا القرار.
وطالب بضرورة وضع برنامج زمنى محدد والإلتزام به، لإلغاء دعم الطاقة الموجه للشركات والمصانع على أن تتم الزيادة تدريجيا، مع التأكيد على أن الأموال الفائضة نتيجة لذلك يجب ربطها بأهداف اجتماعية أو اقتصادية قابلة للقياس كنسبة القيمة المضافة محليا وحجم العمالة أو تطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة أو توفر مؤشرات مالية محددة، تؤكد توفر قدر من الجدية وفرص النجاح للشركات التى يتم دعمها مستقبلا.
وأشار إلى ضرورة دراسة تأثيرات قرار رفع دعم الطاقة عن مشروعات إنتاج الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك بشكل جدى قبل تطبيقه، حيث تشير التوقعات إلى وجود تأثيرات هذا القرار على أرباح الشركات سلباً فى حال تطبيقه، موضحا أنه فى حال تطبيق القرار سيؤثر ذلك على حجم الاستثمارات الأجنبية القادمة، كما سيمتد تأثيرها على الاستثمارات المحلية فى تلك القطاعات، وهو أمر يستدعى تدرجا فى التطبيق وطرح بدائل جديدة للتنفيذ، منوها إلى عدم تأثر البورصة المصرية بتلك التصريحات، لأنها لم ترق بعد إلى مستوى القرار، حيث لا تزال فى مرحلة الدراسة، لذا عندما يصدر قرار برفع دعم الطاقة عن مشروعات إنتاج الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك سيتأثر سوق المال بلا شك .
وكشف عادل عن أن القطاع الصناعى يعانى من العديد من المشاكل على رأسها ارتفاع أسعار المواد الخام والتضخم العالمى، فضلا عن الارتفاع فى مواد الطاقة اللازمة للتصنيع، مما يؤدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالتالى سيرتفع السعر النهائى ويتحمله المواطن وهو ما يشكل عبئا على الأسرة المصرية، خاصة مع الارتفاع الحاد فى التضخم وأسعار المواد الغذائية الأساسية .
وكان محمود عيسى وزير التجارة والصناعة المصرى قال، إن مصر تضع اللمسات الأخيرة على خطط لإلغاء دعم الطاقة للقطاع الصناعى، وهى عملية تدريجية تم الاتفاق عليها منذ عام 2007.
وقال عيسى لقمة رويترز للاستثمار فى الشرق الأوسط، إنه يتوقع صدور قرار نهائى بشأن كيفية تنفيذ الإلغاء التدريجى قبل نهاية العام، وأضاف: "مسألة دعم هذه الصناعات فى مصر غريب جدا، ويمثل عبئا ثقيلا جدا، لأن أى دولة لا تستطيع أن تفعل ذلك بهذه الصورة."
وقال عيسى، إن الحكومة ستبدأ الإلغاء التدريجى فى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الصلب والأسمنت، مضيفا أن العديد من هذه الشركات التى تصدر منتجاتها وهو ما يعنى "أنها تصدر طاقة مدعمة"، لكنه قال، إن أى قرار سيأخذ فى الاعتبار احتياجات الشركات وكيف ستؤثر زيادة التكاليف على المستهلكين.
محلل: إلغاء دعم الطاقة يهدد البورصة ويزيد من الركود الاقتصادى
الأحد، 30 أكتوبر 2011 03:14 م
محسن عادل محلل المالى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة