من حق الأحزاب المتحالفة والمتوازية أن تشعر بالسعادة والهناء، لأنها حققت كل أمانيها وحصلت على وعود من المجلس العسكرى بتعديل بعض الوعود السابقة، وإعادة النظر فى الوعود القادمة. قبل الاجتماع انتابت الأحزاب حالة مؤتمرية مصحوبة بتصريحات وبيانات وتهديدات. وبعد الاجتماع وقعت نفس الأحزاب على ما سبق أن اعترضت عليه. وقعت أحزاب التحالف بعد وعد بتعديل المادة الخامسة، ووقع الحرية والعدالة والنور على المبادئ فوق الدستورية، بما يعنى أن اجتماع الأحزاب مع «العسكرى» انتهى، وخرج الكل مبسوطًا ومرضيّا.
لم تنشغل الأحزاب، وهى تسعى لإقصاء فلول الوطنى من الصورة، بأن تنظر فى المرآة لتبحث عن ملامح يختلط فيها الشامى بالمغربى، والليبرالى بالدينى، والفلولى بالانتهازى، ضمن خلطة الواقعية «السحرية والحزبية».
ركزت الأحزاب على المادة الخامسة لتضمن حق الترشيح على القائمة والفردى «والزوجى والمثلث والمربع». ولهذا ظهرت على أسارير زعمائها علامات السعادة وابتسامات النصر، وهم يوقعون على «بيان الاتفاق والتراضى» مع المجلس العسكرى.
احتكرت الأحزاب الخلاف حول المادة الخامسة التى تمنع الاحتكار، ونسيت اعتراضاتها على تقسيم الدوائر، أو اتساعها، لأنها تمتلك من المال ما يمكنها من القفز فوق كل العراقيل. لم تدافع عن حرية الإرادة للناخب، ولم تسع لتغيير طريقة الانتخابات التى تستبعد غير القادرين ماليّا حتى لو كانوا قادرين سياسيّا، وتجاهلت أننا مازلنا أمام نظام انتخابى يسرق إرادة الناخب قبل الصندوق، ولم يفكر أى من الأحزاب القديمة والجديدة فى إشراك أجيال كانت مستبعدة، وبعضها دفع ثمنًا فى إسقاط النظام القديم بفساده واحتكاره.
ووجدنا أنفسنا أمام أحزاب ترفض دور الكومبارس، ولا تطلب دور البطولة، اعتادت أن تلعب دور المعارضة. وبعد أن اختفى الحزب الحاكم أصبحنا أمام نوعين من الأحزاب، الأول يتنافس من أجل أن يفوز أحدها بموقع الحزب الحاكم، ليعود ويرفع شعار «من أجلك أنت»، بعيدًا عن الشعب، الذى راهن على أن تكون الانتخابات معبرة عن أشواقه للحرية، وليس مجرد إجراءات ومناورات أحزاب يحرص كل منها على أن يفوز بأكبر قدر من مقاعد البرلمان القادم.
والنوع الآخر أدمن الصراعات، وقياداتها يصارع بعضها البعض وغيرها، وترتضى دور «معارض البطل»، الذى كان هو الحزب الوطنى، والآن تبحث عمن تعارضه. تنقسم، والنتيجة أننا أصبح لدينا حركات وتيارات تفوق عدد ضحايا الطرق، وتحتاج إلى «معاملة أحزاب».
الاحزاب هددت بالمقاطعة، فتحرك ميدان التحرير، عادت لتوظف التصعيد لتحصل على مكاسب. وتجاهلت الميدان، واستفادت كالعادة فى تعظيم مكاسبها ومضاعفة مقاعدها. وهو أمر مشروع مادام قائمًا على وسائل مشروعة، لكن الأحزاب وظفت الآخرين، وتحدثت باسم شعب لا تعرفه. أقلية تلعب دور الأغلبية، والشعب يريد أن يفهم حتى لا ينصرف، مثلما انصرف من قبل. ويكتفى الناس بالفرجة على سياسيين يلعبون لعبة «الانتهازية» قبل النوم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري اصيل
الشفافية المنقوصة
عدد الردود 0
بواسطة:
د/سامح
تصحيح لبض المغالطات