نبيل عمر

مصر تتفكك ونحن نتفرج!

السبت، 29 أكتوبر 2011 03:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قليل من الإحباط ممكن ومشروع، كثير من الإحباط يأس وخنوع، وقد قطعت بلادنا نصف المسافة - وربما أكثر - بين الممكن واليأس، بين المشروع والخنوع.. والمدهش أن أهل مصر جميعا أو على الأقل أغلبهم يدركون هذه الحقيقة المخيفة، أو يشعرون بها ومع ذلك يمضون على الطريق المظلم إلى نهايته، لا فرق بين الحاكمين والمحكومين، بين الثائرين على النظام الفاسد وفلول الحزب الحاكم المنحل، بين أصحاب الرغبة فى التغيير، وأصحاب المصالح فى إبقاء الفوضى..الكل يرقص على نفس الإيقاعات كما لو أننا فى حفل زار مجنون، غابت فيه العقول وفرضت الشعوذة سطوتها الخرافية على أرجاء المكان!
فهل يمكن يا أهل مصر.. أن ننقذ هذا الوطن الذى لا نستحقه من المصير الذى ينتظره فى نهاية هذا الطريق المعتم؟!
باختصار ..الدولة المصرية تتفكك، وقد حذرنا مرارا من الخلط بين إسقاط النظام وإسقاط الدولة..ويعد إضراب القضاء أو الامتناع عن الذهاب إلى المحاكم، مع إضراب أمناء الشرطة عن العمل، هو أخطر الإضربات فى بنيان الدولة المصرية.

فالدولة لها ثلاث سلطات تدل على كيانها ووجودها أيا كانت الأحوال التى عليها هذه السلطات: القضائية والتنفيذية والتشريعية، فإذا كانت سلطات فاعلة وقوية وقادرة تصبح الدولة قوية ومتقدمة وقادرة على التطور والتقدم، فإذا ضعفت درجة أو درجات، تضعف الدولة بنفس القدر، وإن كانت السلطة القضائية هى رمانة الميزان بينها جميعا، لأنها سلطة العدالة والحقوق..والعدالة والحقوق هما الركن الأهم من أركان الدولة الحديثة!
والمسألة ليست عنجهية أو «طق حنك» كما نقول فى الأمثال، وإنما واقع، فالسلطة التنفيذية بطبيعتها سلطة متداولة متغيرة، سواء بقرار من الحاكم الفرد أو بقرار من الشعب فى صندوق الانتخابات، وقد تتوقف السلطة وكذلك السلطة التشريعية..لكن السلطة القضائية سلطة دائمة مستقرة غير متغيرة، ويجوز أن يحدث فراغ مؤقت فى السلطتين التنفيذية والتشريعية، لكن لا يجوز هذا مع السلطة القضائية فإذا حدث أن توقفت أو امتنعت عن العمل لأى سبب من الأسباب، فهذا يعنى أن الدولة تتفكك وتتحلل.. ويعد غيابها أكبر دليل على عودة المجتمع إلى صورته الأولى دون قانون عام سار على كل من يعيش فى هذا المجتمع دون تفرقة أو تمييز!
وإذا راجعنا ما أصاب مؤسسة العدالة (القضاء) فى السنوات الثلاثين الأخيرة من أمراض وفيروسات فسنفهم تماما لماذا كانت الدولة المصرية مترهلة وضعيفة وهشة من داخلها، حتى لو بدت بوليسية عنيفة مستبدة قوية فى شكلها الخارجى.

وبالمناسبة، القضاء ليس جناحا فى العدالة، بل هو العدالة منفردا، لأن من الأقوال المغلوطة السائدة من باب النفاق أن القضاة والمحامين هما جناحا العدالة، وهذا غير صحيح، ولا يجوز مهما كانت عورات القضاء، ولا مثيل لهذا القول فى أى مكان متحضر فى العالم على الإطلاق!
هذا عن السلطة القضائية...

أما عن السلطة التنفيذية، فأهم أسباب وجودها هو الحفاظ على أمن الناس، فإذا كان أمن الناس فى خطر أو واقع فى مهب رياح البلطجة أو ضائع بين رمال الفوضى المتحركة هنا فقدت شرعيتها وقيمتها.. ولا يبقى منها غير العمل الإدارى المكتبى، وهو ضئيل الشأن..خاصة أن أمن الناس مرتبط تماما بعجلة العمل والتنمية والثروة، أى باقتصاد الدولة..

فإذا وهن الأمن تداعى الاقتصاد مثل منزل قديم أصابه زلزال بقوة عشرة ريختر!
أضف إلى ذلك مطالب فئوية ضاغطة على هذا الاقتصاد المتستنزف!
فعلا.. نحن أمام مشهد مرعب.. سلطة قضائية غابت، ومجرد الغياب ولو ثانية واحدة يضع الدولة برمتها على حافة الهاوية، وسلطة تنفيذية هشة للغاية لا تفى بأهم أسباب وجودها أو وجودها مثل عدمه..إذن ماذا يتبقى من الدولة؟!
السلطة التشريعية.. ويمارسها مؤقتا المجلس العسكرى بإصدار مراسيم لها قوة القانون.. لكنها وحدها غير كافية لمنع تفكك الدولة!
مصر دخلت دائرة الخطر أو فى قلب زلزال عنيف يهدد كيانها، وقد يكون زلزالا مدبرا بعناية، وفيه دلائل عليه، من أول تفكيك جهاز الشرطة على غرار تفكيك الجيش العراقى إلى أحداث ماسبيرو وإضراب أمناء الشرطة والصراع المفتعل بين القضاة والمحامين.. والنظرية تقول تفكيك الدولة هو أنسب مناخ للانقضاض على السلطة.
فهل يمكن أن ننقذ مصر؟!
الإجابة مسؤوليتنا جميعا!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة