حمدنا الله يوم أن بلـَّغنا رمضان، واليوم نحمد الله الذى لا يحمد على مكروه سواه، نحمده أن بلـَّغنا انتخابات مجلس الشعب والتى هى مطيتنا وسبيلنا والبوابة الحصرية التى تحول بين رقابنا وبين عتقها من النار، والمرء يجنى ما جنى، فالانتخابات تجعل منا حقولا تطرح بالنفاق والرياء والكذب والتلون والتدليس والتزوير والتزييف وتنتج أطنانا من الغيبة والنميمة والتملق والتسلق والمداهنة وكل ما يحول بيننا وبين أن نصبح أناسا أسوياء، ومن هنا تحيلنا إلى حطب تسعد به نار جهنم، وكل من على دائرتنا فإن إنه لكل تربة نباتا ينبت فيها، ولكل نبات زمنا ينمو فيه.
وما نحن بتربة هذا المرشح وما مرشحنا بالرجل الذى يصلح لزماننا ولكن هكذا شاءت الانتخابات، لا شىء يوحى بأن العالم بخير، يغيب الضمير أو يتغيب أو نغيبه ونقول فى مجالسنا بأن الضمير فى الإنسان إنما هو صوت الله. ولأن الفقر كاد أن يكون كفرا فإننا نركب خيل إبليس، والمرشحون يملكون المشانق ونحن نملك الأعناق، ويومها تقودنا الانتخابات إلى منادر وفيلات وبيوت وساحات المرشحين، وكثيرا ما تكون هذه الأماكن مقابر الشرف ومدافن الفضائل والأخلاق، المرشحون الذين عمرت سفراتهم وطباليهم بكل ما لذ وطاب وما لم يلذ وما لم يطب وكل ما يظهر فقط فى أسواق ومواسم الانتخابات، ولأن الغنى علة فساد الأخلاق ويبتلى الله بعض القوم بالنعم فإننا نأكل الدسم رغم تحذير الأطباء، نشرب المنكر رغم تحذير الخالق ورسله،نعد المرشح ولا نفى بما نعد، وذلك مثلما يعد المرشح ولا يفى بما يعد، نأكل ولا نترك فى المعدة ثلثا للماء وآخر للهواء إذ نجعلها كلها للطعام ونبحث عن ملحق للماء ولا حاجة لنا إلى هواء، نسمع المرشح أطيب الكلمات ونضمر له السوء مع تمنياتنا له بخسارة مجلجلة، نأكل ونشرب عنده ونخرج من دواره لنكمل مسيرة الأكل والشرب عند خصمه الذى نُسمعه نفس الأسطوانة والتى سوف يطرب لسماعها منا مرشح ثالث ورابع وإلى آخر القوائم والفردى وما يستجد، نهتف للمرشح ودوما أعلانا صوتا هو من لأصوات انتخابى له،انتخابات تقودنا إلى جهنم بما تكسب أيدينا وبما يصدر عنا من قول و فعل، الكل يضحك على الكل، ألسنتنا مع المرشح وسيوفنا عليه، جميعنا يعرف من أين أتى المرشح بملايينه التى يبعزقها هنا وهناك، نعرف مصادرها غير المشرفة وغير الشريفة وجميعنا يتخذ من هذا المرشح إماما، على الرغم من أن جميعنا سبق وأن عرفه شيطانا رجيما، يؤمنا فى صلواتنا الموسمية أى صلواتنا الانتخابية يحدث هذا ونحن نعلم أن حسان بن ثابت لا يجيد الأذان لأنه ليس بلالا، وربما توسمنا فى مرشحنا هذا ومرشحنا ذاك ومرشحنا الغير هذا ومرشحنا الغير ذاك ومرشحنا الذى ليس هو هذا ومرشحنا الذى ليس هو ذاك، جميعهم واحد إذ فى كل وادٍ بنو سعد وفى كل وادٍ مبتلون، ربما توسمنا فيه الرجل الطيب الذى يطيب لنا أن يحمل لنا مفاتيح الجنة التى سوف يفتحها لنا على مصاريعها لندخلها دون حساب ببركة وحصانة سيادته، المرشح الذى يرانا حَمَلا "خروفا" فيشاركنا لبن أمنا "النعجة" ثم يأتى يوم فيذبحنا ويأكل لحمنا وبذلك يأكل لحم أخيه، ألسنا بذلك أخوته فى الرضاعة؟! المرشح الذى لا يجد غضاضة فى أن يتبرع بدمه لإنقاذ كلبة الناخب إذا ما صدمها موتوسيكل أو توك توك، يومها نجد أن دم المرشح يصلح لكل فصائل كلاب الدايرة دون تحليل أو إجراء عملية توافق، يحدث كل هذا منا ومن المرشح فى دنيا هى جيفة وطلابها كلاب. إنه المرشح الذى يفك العكوسات والسحر ويصرف العفاريت ويدق الزار ويعالج لدغ العقرب ويعد الرُقيا ويفك المربوط ليلة الدخلة، ويؤخر الدورة الشهرية، ويهيئ لنا من أمرنا رشدا إنه المرشح الذى جاء ليحرمنا ما فزنا به فى رمضان وشوال وكل الشهور العربية والإفرنجية والقبطية وما سوف تجود به نتيجة الحائط ونتيجة الثانوية العامة، يا لنا من قطيع نامت عنه عيون الراعى فأسلمه حظه إلى أنياب الذئاب، إنه الرجل المسخـَّر لتخريب ضمائرنا ونفوسنا ودوائرنا وكل ما ملكت أيدينا وما لم تملك، لِمَ لا وقد جعلنا من أنفسنا سلالم يصعد عليها الصاعدون وينزل النازلون ،المرشح الذى يسئ ويحسب أنه يحسن صنعا، المرشح الذى أرى والله أعلم،أرى أن مصافحته توجب الغُسل، يبدو أن الانتخابات لا تختلف كثيرا عن امرأة فاجرة تعيش مع ابنها الذى لا تعرف من يكون أبوه.
