قال المخرج كمال عبد العزيز إنه استطاع على مدار خمس وعشرين عامًا أن يجمع حوالى اثنين مليون شيت الألواح الزجاجية للأفلام الفوتوغرافية منذ عام 1850، تسجل مصر وشوارعها وعمارتها وحريق الأوبرا والقاهرة وصور المرأة والمهن المختلفة، وأن فيلمه "حرق دار الأوبرا" يعد أول مولد لهذا الأرشيف الضخم، لافتًا إلى أن أحد أهم المشكلات التى تواجهه فى إخراج هذا الأرشيف للنور، هى أنه لا يوجد موزع تسجيلى يقوم بشراء الأفلام، وأن القنوات الفضائية تعرض ثمن بخس جداً مقابل هذه الأفلام، وأنه صرف مبالغ طائلة على فيلم "حرق دار الأوبرا".
وأكد "عبد العزيز" خلال الندوة التى عقدت مساء أمس الجمعة، بمركز الإبداع الفنى بدار الأوبرا، عقب عرض فيلم "حرق دار الأوبرا" أن الوثائق المرئية والشهادات الحية لثلاث عشر شخصًا يزيد عمرهم عن الثمانين عامًا، غير متاحة فى أى مكان، وأنه لا توجد فى المتحف، ولا دار الوثائق القومية، ولا مؤسسة الأهرام، وأنه يتحدى أن يأتى له أحد بمثل هذه الوثائق فى العالم.
وأوضح مخرج الفيلم أنه لولا شهادات كل من عملوا بدار الأوبرا حول حريقها ما كنا لنعرف بعد أربعين عامًا رأيهم على هذا الحدث، وأن الأوبرا كانت أشبه بصندوق أسود واحترق، مشيرًا إلى أنه فى 28 أكتوبر 1971 احترقت الأوبرا، وفى اليوم التالى كتب عنها فى الصحف، وفى الثلاثين من الشهر نفسه كان اغتيال "وصف التل"، وفى الأول من نوفمبر كان تعيين البابا شنودة، وبعد ذلك الصحافة لم تهتم أو تسلط الضوء على الحدث، مضيفًا "وجئت أنا بعد أربعين عامًا لأفتح هذا الصندوق لأعرف الأجيال الجديدة التى تمر بميدان الأوبرا أن هناك كان مركز إشعاع وحداثة بدلاً من "جراج"، ولهذا أعتقد أن الفيلم يعد وثيقة تاريخية لمن يريد أن يعرف أى شيء عن حريق دار الأوبرا".
وأوضح "عبد العزيز" أنه منذ أكثر من خمسٍ وعشرين عامًا يقوم بتجميع النيجاتيف الفوتوغرافى الذى تم تصويره عن مصر منذ 1850 ميلادية، وهو بداية التصوير الفوتوغرافى فى العالم، وكان ثانى فرع فى العالم لـ"كوداك" فى مصر، ودعا آنذاك مؤسسها إلى أهمية مصر وتصويرها، وهو ما استقطب مصورين من كافة أنحاء العالم، وقاموا بتسجيل مصر بعيون ثقافية وحضارية مختلفة، مشيرًا إلى أن أغلب هذه الأفلام للأسف غير موجود؛ لأن هذه الأفلام يدخل فى تركيبها "نترات الفضة"، وهو ما دفع البعض للمرور على الاستوديوهات لجمع الأطنان من نيجاتيف الأفلام وإذابتها، للحصول على ربع كيلو فضة من كل طن.
ويرصد الفيلم فى 40 دقيقة شهادات عن الحريق من خلال لقاءات حية مع ثلاث عشرة شخصية مختلفة تولت مناصب فى إدارتها، أو فنانين أوبراليين قاموا بالعمل فيها، أو فنيين وعاملين بها كانوا شهود عيان على الحادث. وقد استغرق العمل فيه ما يقرب من 3 سنوات، لمحاولة البحث عن صور فوتوغرافية ولقطات فيديو تكشف عن أجزاء خفية فى الحريق، والبحث عن أصحاب الشهادات من مصريين وأجانب ومقابلتهم.
ويعتمد الفيلم على مقاطع سمعية وبصرية قوية، من خلال كلام الشخصيات، إضافة إلى المشاهد المصورة من قبل، ومن بين الشخصيات التى تتحدث فى الفيلم عن حكايتها مع الأوبرا د. ماجدة صالح باليرينا مصر الأولى السابقة، وقائدا الأوركسترا د.طه ناجى ومصطفى ناجى، والمغنون الأوبراليون حسن كامى ود.رتيبة الحفنى وفيوليت مقار، وصالح عبدون آخر مدير للأوبرا القديمة، والعازف عبد الحميد جاد، إلى جانب المغنى الأوبرالى جاريجوار بارتيمان وعازف البيانو ألدو ميناتو اللذين عملا فى الأوبرا المحترقة، بالإضافة إلى بعض الفنيين مثل فايق حنا مدير الكهرباء بالأوبرا وشحاتة أحمد فنى تغيير المناظر وسمير عبد الباقى نجار قديم بالأوبرا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة