نقاشات متنوعة دارت ما بين ضيوف صناعة السينما ضمن مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائى،وتناولت النقاشات "الإعلام الجديد" فى السينما والتليفزيون فى العالم العربى.
وكانت سلسلة من الحلقات النقاشية، والتى شارك فيها أبرز خبراء الصناعة للحوار حول الفرص والتحديات التى تمر خلال هذا الوقت الذى يشهد تغيرات سياسية وتكنولوجية.
وكان جميع المتحاورين قد اتفقوا على أن التغير أمر حتمى لا مفر منه. حيث أشار أفسار بانيسار، نائب رئيس قسم العمليات لشركة ياش راج فيلم، أحد أكبر الاستديوهات فى الهند، إلى أن العالم العربى تماماً مثل الهند تغلب فئة الشباب على سكانه، حيث تصل نسبة سكان منطقة الشرق الأوسط الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً إلى 60 بالمائة تقريباً. وتماماً مثل أقرانهم فى الهند، فإن هذه الفئة مولعة بالتقنيات، ويقضون معظم أوقاتهم باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية، كما أن هذه الفئة لا تمثل بشكل مناسب فى الأنظمة السياسية لهذه البلاد. لذلك فإن أفضل طريقة للتواصل مع هؤلاء الشبان يتم عن طريق شبكة الإنترنت.
كما أن هذه المواقع الإلكترونية تجتذب جمهوراً من مناطق جغرافية أوسع، كما علق محمد حفظى، منتج فيلم تحرير 2011، المشارك فى مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائى، حيث أشار إلى أن هناك قسما كبيرا من المتحدثين باللغة العربية موجود فى أمريكا الجنوبية على سبيل المثال، وهم غير قادرين على مشاهدة القنوات التليفزيونية فى منطقة الشرق الأوسط.
كما أشار حفظى أيضاً إلى أنه من المنافع التى يتمتع بها الإعلام الإلكترونى هو أنه من الصعب على الحكومات أن تتحكم فيه، وقال إن شركة فيلم كلينيك للإنتاج تفكر فى إطلاق فيلم عبر شبكة الإنترنت، باعتبار أن روح الانفتاح "تتماشى مع مبادئ الثورة المصرية – وبالتالى لن تضطر للخوض فى مشاكل الرقابة، وأصبحت فى حالة من الحرية".
وكان عدد من المحطات قد بدأت بإنتاج محتوى إعلامى للمتابعين على شبكة الإنترنت لهذا السبب على وجه التحديد.
وأكدت على ذلك أيضاً كاتيا صالح، منتجة مسلسل "شنكبوت"، الذى تموله بى بى سى، ويحكى عن طفل يعمل فى توصيل الأغراض فى بيروت. وفى حلقة نقاشية بعنوان: "من مسلسلات الإنترنت نحو الإعلام الاجتماعى.. عصر جديد لرواية القصص". علقت صالح بقولها: نحن نتعامل مع أفكار ومواضيع مثل العمالة الأجنبية فى لبنان، وتعاطى المخدرات، وليس بالإمكان تسليط الضوء على هذه القضايا من خلال محطات التليفزيون، باعتبار أن أيا من المحطات الموجودة لن تقوم ببث هذه الأفكار".
وكانت إم بى سى قد بدأت بإنتاج مسلسل خاص بالإنترنت بعنوان "كلاسيفيد"، والذى سيخرجه على مصطفى، الذى سبق له إخراج فيلم "مدينة الحياة". وعلى نفس الأسلوب الذى يتبعه "شنكبوت"، فإن هذه السلسلة الجديدة تعد بطرح أفكار جريئة، أكثر من كل المواد التى تبثها القنوات التليفزيونية.
لكن المشكلة تكمن فى مسألة أن التعامل مع المواضيع سيكون أكثر حرية على الإنتاج، فإن المحتوى الإعلامى سيكون مجانياً. وقد أشار فادى إسماعيل مدير البرامج فى مجموعة إم بى سى، إلى أن معظم هذا المحتوى لن يكون مأجوراً.
وبطبيعة الحال، فقد بدأت تظهر بعض الخطط لتنفيذ بعض الأعمال. حيث ناقشت كارين شيبان رئيسة البرمجة والمشتريات فى شركة إنتغرال، قيام الشركة مؤخراً بطرح سلسلة "فيديو حسب الطلب"، والتى يمكن الوصول إليها فى المملكة العربية السعودية، والتى من المفترض أن تحقق أرباحاً مستمرة للشركة.
كما بدأت معظم شركا الإعلام الاجتماعى باعتماد هذا الأسلوب أيضاً. فقد أطلق فيسبوك مؤخراً خدمة "فيديو حسب الطلب" لمستخدمى فيسبوك فى المنطقة، وأكدت أمينة بلغيتى، رئيسة شركات العرض للأسواق الجديدة لشركة فيسبوك أن المحتوى الموجود على شبكة الإنترنت قد يستفيد من الاهتمام بالألعاب الموجودة على الشبكات الاجتماعية. وتتوفر العديد من الألعاب المجانية، حيث التطبيقات المجانية، ولكن بمقدور المستخدمين اختيار تحميل نسخ محسنة من هذه الألعاب مقابل قدر من المال.
كما ذكر المتحاورون المشكلة المشتركة بالنسبة لهم، والمتمثلة بالقرصنة فى هذه الصناعة. واستشهد فادى إسماعيل فى تناقص السعى إلى امتلاك المسلسلات التركية مثل المسلسل الذى حقق نجاحاً هائلاً "نور": "لن ينتظر الناس لمدة أسابيع حتى يشاهدوا المسلسل. وبإمكانهم مشاهدة الحلقة التالية فى الحال عن طريق الإنترنت. كما أصبح بالإمكان إيجاد ترجمة لها. إن ترجمة هذه المسلسلات مكلف للغاية، ولكن يوجد العديد من المتابعين على موقع يوتيوب الراغبين فى توفير الترجمة دون مقابل".
واتفق جميع المتحاورين على أن العلاقة مع الجمهور تتغير بشكل جذرى فيما يتعلق بالمحتوى على الإنترنت، فقد قدم مسلسل "شنكبوت" على سبيل المثال، بحيث يصنع عالماً تفاعلياً مع المتابعين القادرين على تقديم مداخلاتهم إلى القصة، والإجابة عن الأسئلة المطروحة. والفريق القائم على المسلسل يسافر باستمرار فى أنحاء لبنان، لزيارة المدارس، للتعرف على ردود الأفعال على الأداء، وشعور نبض فئة الشبان.
كما تقدم سليمان بخيت، مؤسس شركة آرانيم، والذى قدم لعبة على الإنترنت، بمداخلة هامة، حيث صرح أن المنصة التفاعلية المدمجة فى البيئة الشبكية، مثالية لتحقيق التغير الاجتماعى. وكان قد تعرض لاعتداء لأسباب عرقية عندما كان طالباً فى الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر، وبدلاً من الغضب، قام بتطوير مسلسلات رسوم متحركة تروى قصص أبطال خارقين من العالم العربى. ويكرس بخيت وقته لمنح الشبان فرصة للتدريب على نتائج الصراع داخل "العالم" الافتراضى فى الألعاب التى يقدمها.
وعلى الرغم من جميع وسائل الإعلام الجديد التى ظهرت، قال فادى إسماعيل أنه ما يزال من المبكر التخلص من أجهزة التليفزيون: "ما يزال جهاز التليفزيون يمتلك أهمية، وعدد مشاهديه يتزايد باستمرار. إن التليفزيون هو الوسيلة الوحيدة لإنتاج وشراء المحتوى الإعلامى.
والإنترنت غير قادر على أن يحل بديلاً عن جهاز التليفزيون التقليدى. فالإعلانات لا تزال تأتى من التليفزيون، وسيستمر الأمر على هذه الحال، حتى إشعار آخر".