أرسلت (ن. س) إلى افتح قلبك تقول:
أنا زوجه من 7 سنوات وأم لطفلين، بدأت حياتى الزوجية بقدر كبير من الحب والتفاهم والسعادة، حتى مرت أول سنة ببهجتها وجمالها، وأنجبت أول أولادى، كنت أعمل وقتها، ولكنى أخذت إجازة (رعاية الطفل) بعد إنجابى، وتزامن هذا مع بدء (التزام) زوجى، حيث بدأ يأخذ قرارات جديدة تتعلق بى وبحياتنا، منها مثلا أن أغير أسلوب ملابسى إلى (عباءات) و(سادة) تحديدا، وأنه لن يحضر أفراحا بعد الآن، وأنه يجب على أن أترك عملى، لم أجادل كثيرا وقتها لأنى لم أكن انتهيت بعد من إجازاتى المتاحة، لكن النقاش احتدم بيننا هذه الأيام لأن إجازاتى انتهت بالكامل، وليس أمامى سوى العودة إلى العمل بشكل كامل أو تقديم استقالتى.
ليست هذه المشكلة، ولكن المشكلة الحقيقية أننى أصبحت أشعر دوما بـ(التهديد) بعدم استمرار زواجنا، إذا لم أتراجع أنا دوما، وإذا لم أقبل دائما بتقديم التنازلات، أشعر بالضغط الشديد، فأنا أخاف من تبعات الانفصال على أولادى وعلى نفسى، ولكنى أيضا أشعر أنه لا مجال أمامى للاستمرار سوى التنازل الدائم والخضوع لقواعد زوجى المتجددة والمتنامية دائما، هو لا يستطيع لومى على شىء من أفعالى لأنى والحمد لله معتدلة جدا فى كل تصرفاتى، لكنى أبدا لا أرقى إلى مستوى رضاه، وهو يجدنى دائما ينقصنى الكثير.
زوجى من الأساس لم يكن لديه ذكاء اجتماعى، ولكنه الآن زاد فى تعقيد الأمور بأنه لم يعد يقوم بأى من الواجبات أو الالتزامات الاجتماعية معى، فأصبحت أنا المفوضة للقيام بذلك وحدى وبشروطه وقيوده، والتى من ضمنها مثلا ألا أركب "تاكسى" بمفردى، وفى المقابل أجده يفعل تصرفات أخرى متناقضة تماما، كأن يجلس أمام الكمبيوتر (بالساعات) يلعب ألعابا ويضيع وقتا.
أشعر بأننا نبتعد عن بعض يوما بعد يوم، حتى فى علاقتنا الزوجية، وأشعر أنى أسير على (خيط رفيع) من القواعد والقوانين والمحذورات، إذا سقطت من عليه أجد نفسى مهدده بانتهاء زواجى، أرسل إليك الآن يا دكتورة لأسألك هل هذا طبيعى؟ أم أننا تجاوزنا الحدود إلى مرحلة الخطر؟.
وإلى (ن) أقول:
من أهم ما يحققه الزواج للإنسان سواء كان رجلا أو إمرأة، هو (السكن) أى الراحة والاستقرار والطمأنينة، وهو بالتأكيد عكس ما أنت فيه تماما، فأنت تعيشين الآن (على صفيح ساخن) طوال الوقت، مطلوب منك استقبال مستجدات باستمرار، والتأقلم معها بمنتهى البساطة والهدوء ودون أى اعتراضات، وهو ما يصعب تحقيقه بكل تأكيد، إذا إجابة عن سؤالك، أنتما بالتأكيد لستما فى الوضع الطبيعى للزواج، أو دعينا نقول إنكما لا تحققان أهم وأسمى معانى الزواج وهى (الراحة) المتبادلة بين الطرفين.
والمشكلة أن الخلافات بينك وبين زوجك فى حالتك هذه لن تأخذ شكل مجرد الخلافات فى (وجهات النظر) أو بين رأى شخصين، وإنما ستظهر دائما على أنك ترفضين (القواعد الشرعية) وتجادلين فى (ثوابت الدين)، مما يجعل إبدائك لأى رأى فى هذه الحالة شبه مستحيل، فأنت إذا ناقشتيه أو خالفتيه ستكونين تخالفين (الدين) من وجهة نظره وحسب فهمه، لا تخالفينه هو.
إذا ما الحل؟، فى البداية أذكرك أن زوجك هو ولى أمرك، والمسئول والمحاسب عليك شرعا ولا جدال، إذا فتقبلى منه أى نصح أو (تعليمات) تعرفين أنها صحيحة، فمثلا تقبلى أن تغيرى (ملابسك) كما يريد، وافعلى ذلك بذوقك وبطريقتك التى لا تقلل من شياكة أو أناقة مظهرك، ومن الممكن أيضا التغاضى عن (حضور الأفراح) كما طلب، ففى النهاية هذه أمور له الحق فيها وهى فى نفس الوقت غير حيوية أو مؤثرة فى الحياة، لكن يجب أن يكون هناك وقفة بخصوص بعض الأمور الأخرى، كعملك مثلا، فلا يوجد ما يمنع المرأة من العمل شرعا إلا فى حالات خاصة ومحددة جدا، وطالما أنك ستلتزمين بالضوابط العامة فى عملك كحدود الاختلاط، والملبس، والمواعيد، فلك أن تطالبى بأن تحافظى على عملك.
كذلك بشأن المسئوليات الاجتماعية أو غيرها، فلك أن تطيعيه فى عدم خروجك وركوب (التاكسى) بمفردك مثلا، على أن يوفر لك (البديل)، وضحى له أنك لا تخالفينه فى المبدأ، ولكنه يجب عليه أن ييسر لك الوسيلة.
قد يكون النقاش معه صعبا، وأكاد أستشف من كلامك أنه يفتقد إلى المرونة فى الحوار، لهذا من الممكن أن تستعينى بأحد (الحكماء) من الأهل، كوالده أو والدك، فى إرساء بعض القواعد فى حياتكم.
أعرف أن قرار الانفصال صعب وموجع، خاصة إن كان لديك (أرضية) من التفاهم والحب سابقا، لهذا لا تفكرى فيه نهائيا إلا إذا فعلا استحالت المعيشة، ووجدتى نفسك تعجزين حقا عن مواصلة الحياة بالقدر المعقول من الراحة والاستقرار، وذكريه أن الله شرع لنا الدين لنرتاح ونعيش فى سعادة، وليس ليشقينا ويضع علينا الضغوط طيلة الوقت.
للتواصل مع د. هبه وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com
د. هبة ياسين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة