دعا عدد من المحللين الماليين، مستثمرى البورصة، إلى عدم الانسياق وراء الشائعات التى تضر بحركة السوق بشكل عام، والأسهم الكبيرة بشكل خاص، مشيرين إلى ما تعرض له قطاع الاتصالات الأسبوع الماضى من كم كبير من الشائعات كان من الممكن أن تطيح بالأسهم وبالبورصة.
على رأس هذه الشائعات جاءت أخبار هروب نجيب ساويرس المرتبط بـأوراسكوم تيلكوم وسميح ساويرس رئيس مجلس إدارة أوراسكوم للإنشاء، بالإضافة إلى تعرض الشركة المصرية للاتصالات لموجة من الاضرابات والاحتجاجات من قبل العاملين بها، وكذلك عزم شركة اتصالات مصر طرح جزء من أسهمها فى البورصة، وهو الأمر الذى حذر منه عدد كبير من الخبراء، مؤكدين أن الوقت غير مناسب لذلك، وأن هذا الطرح سيسحب سيولة جديدة من السوق.
ويتضح حجم الأزمة التى يمكن أن تحدث إذا علمنا أن 70% من المستثمرين بالسوق من الأفراد الذين يتحركون بمنطق "القطيع"، وتلاشى دور المؤسسات، خصوصا بعد الاضطرابات السياسية والأمنية التى تسيطر على مصر بعد ثورة 25 يناير.
هشام توفيق رئيس مجلس إدارة شركة عربية أون لاين للأوراق المالية، عضو مجلس إدارة البورصة، أن أسهم أوراسكوم تيلكوم أو أوراسكوم للإنشاء لم تتأثر بالشائعات التى انتشرت مؤخراً عن هروب رجل الأعمال نجيب ساويرس وأخيه سميح إلى الخارج.
وقال توفيق إن الأداء الإيجابى لسهم "أوراسكوم تليكوم" الذى ارتفع بنسة جيدة بعد هذه الأخبار أكبر دليل على عدم تأثير شائعات هروب "ساويرس" على السهم، وأشار توفيق إلى أن سياسية التخوين التى باتت مسيطرة على الشارع المصرى هى السبب فى اندلاع مثل تلك الشائعات.
تجدر الإشارة إلى أن شركة أوراسكوم تليكوم أعلنت عن تقدم المهندس نجيب ساويرس باستقالته من مجلس الإدارة، وأكدت أنه لم يعد له أى علاقة تنفيذية أو غير تنفيذية بالشركة، وذلك بعد أن انتشار أنباء عن هروبه قبيل التحقيق معه فى قضية تورطه بالتجسس لصالح إسرائيل باستخدام شبكة الاتصالات المملوكة له، كما أن شركة "ويند" الإيطالية التى يملك "ساويرس" حصة أغلبية فيها، تمتلك نحو 52% فى شركة أوراسكوم تليكوم.
أما إسلام عبد العاطى – محلل مالي- فقال إنه لا شك فيه أن الشائعات لها تأثير كبير على أى سوق، إلا أنها أكثر تأثيراً فى السوق المصرية بسبب طبيعة تكوينه، وطبيعة المستثمرين فيه الذين يغلب على تعاملاتهم المضاربة، خصوصا على الأسهم الصغيرة، بالإضافة إلى تعاملهم على الأسهم المستقرة التى تحقق أرباحا ثابتة مثل الاتصالات.
وأضاف عبد العاطى أن قطاع الاتصالات سيتأثر بالفعل بهذه الشائعات إلا أن التأثير يكون محدوداً ومؤقتاً لعدة أسباب، أولها أن هذه الأسهم تحتل مكانة كبيرة فى السوق، بالإضافة إلى حجمها الكبير الذى يضمن توزيع الأسهم مع عدد كبير من المستثمرين، ولذلك يكون تأثير بيع البعض منهم للأسهم استجابة للشائعة غير مؤثر، بالإضافة إلى أن أغلب التعاملات على هذه الأسهم يكون من المؤسسات وليس من الأفراد، والمؤسسات يغلب على تعاملاتها الحسابات المالية للشركات، ولا تعتد بالأخبار غير المؤكدة فى أغلب الأحيان.
وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار إنه رغم أن قطاع الاتصالات تأثر فى بعض وحداته بأعمال الشغب أو نتيجة توقف خدماته، أو مواجهة ضغوط خارجية، إلا أن هذا القطاع لن يتأثر سلبيا إلا بمقدار ما حدث بالفعل، وسيكون أحد أبرز القطاعات الاقتصادية مستقبلا محليا لعدة أسباب، أهمها: ارتفاع مستوى التحرير الاقتصادى سيتبعه زيادة معدلات المنافسة فى هذا القطاع، مع توسع قاعدة المشتركين بما سيرفع من معدلات الربحية المستهدفة.
وكذلك فإنه كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادى ستتجه الدولة لتشجيع زيادة انتشار خدمات الاتصالات والخدمات المكملة كالإنترنت، كما أن أحد أبرز ما يتوقع أن يحدث نتيجة الإصلاحات الاقتصادية، وزيادة الدخول، أن يرتفع معدل الإنفاق على خدمات الاتصالات، بالإضافة إلى إمكانية توسع الشركات إقليميا بصورة تدعم من مرونة إيراداتها.
وأضاف عادل أن زيادة القدرات السياسية المصرية بالمنطقة بعد الإصلاحات الأخيرة سينعكس إيجابا على القدرات التفاوضية لشركات الاتصالات المحلية، وعدم تأثر الأسواق التصديرية لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية بالمتغيرات الداخلية باستثناء المشكلات الطارئة والمؤقتة التى حدثت فى خدمات الدعم الفنى وخدمات مراكز الاتصالات خلال الفترة الأولى للاضطرابات.
وقال محمد سعيد، خبير أسواق المال، إنه على الرغم مما خاضه سهم شركة "أوراسكوم تليكوم القابضة" خلال الفترة الماضية من عدة جولات إخبارية حولته من الأسهم القيادية إلى أسهم المضاربة، وذلك بدايةً من خلافات "فرانس تليكوم" حول "موبينيل"، ثم الخلاف حول "جيزى" فى الجزائر، ومروراً بالاكتتاب الذى وصل بأسهم الشركة لأعلى رقم فى تاريخ البورصة المصرية، وهو أكثر من 5 مليارات سهم، إلا أن سهم الشركة يتميز بانخفاض تأثره بالمخاطر السياسية التى تشهدها مصر حالياً، وذلك لتنوع مصادر دخل الشركة من دول عديدة بعيدة عن أحداث الشارع المصرى.
وأضاف: أن تأثر السهم بالأخبار عادةً ما يكون فرصة جيدة لاتخاذ مراكز عكس الخبر، وهى السمة التى عادةً ما تتسم بها أسهم المضاربة.
وتعد شركة "أوراسكوم تليكوم" واحدة من الشركات المدرجة ببورصتى مصر ولندن، والتى تخضع لقانون سوق المال المصرى، برأسمال يبلغ 5.2 مليار جنيه موزعاً على 5.2 مليار سهم بقيمة اسمية تبلغ جنيها واحدا للسهم الواحد.
أما عن شركة "المصرية للاتصالات"، وما تتعرض له من خلافات بين الرئيس التنفيذى للشركة المهندس محمد عبد الرحيم والعاملين بها، توقع سعيد ألا تؤثر الفعاليات داخل الشركة على أرباحها بشكل كبير، قائلاً "إن أرباح المصرية للاتصالات" تعتمد على إيراداتها من الاتصالات الأرضية، ونظراً لأنها خدمة محتكرة، ولا يوجد منافس لها لن تتأثر الأرباح.
وأضاف: أن أرباح الشركة التى تأتى من حصتها فى "فودافون مصر" بعيدة أيضاً عن التأثر بما يحدث داخل الشركة، وعن أداء السهم، وأشار سعيد إلى أنه يتميز بالحركة العرضية طويلة الأجل، فضلاً عن أنه من الأسهم الدفاعية التى يلجأ إليها الكثير من المستثمرين، وذلك لحرص الشركة على توزيع أرباح دورية على المساهمين فيها كل عام.
وفيما يخص طرح شركة "اتصالات مصر" لأسهمها فى البورصة خلال الفترة القادمة، اتفق خبيرا سوق المال على عدم الترحيب بفكرة طرح أى أسهم فى البورصة خلال الوقت الراهن، نظراً لما تعانيه البورصة من تدن شديد فى أحجام التداول ونقص شديد فى السيولة.
ونصح هشام توفيق عضو مجلس إدارة البورصة المصرية بعدم اتخاذ إجراءات طرح أسهم "اتصالات مصر" بالبورصة، إلا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية، حتى يحدث نوعاً من الاستقرار السياسى فى البلاد، مما يظهر الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصرى، والذى سينعكس بدوره على البورصة، ويعيد جذب ثقة المستثمرين فيها.
الشائعات تسيطر على تعاملات البورصة وشركات الاتصالات تصارع للبقاء
الجمعة، 28 أكتوبر 2011 11:57 ص
البورصة المصرية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة