عصبيات وأقباط فى الانتخابات

مع تنبؤات المحللين والسياسيين بشكل البرلمان القادم، والتى تستند إلى تنبؤات أخرى حول حصة فوز كل حزب، تغيب أسئلة حول: هل سيختار الناخبون نوابهم على أساس برامج سياسية؟ وهل سيعطى الناخب صوته لأى قائمة طبقًا لبرنامجها السياسى؟ ولماذا هذا الغياب الملحوظ للأقباط فى القوائم الانتخابية المختلفة؟ وهل لذلك علاقة قوية بالأحداث التى أخذت بعدًا طائفيّا بعد ثورة 25 يناير؟
قبل ثورة 25 يناير كانت الانتقادات العنيفة توجه إلى أسلوب الانتخابات الفردى، مركزة على أنه أسلوب يعمق نفوذ العصبيات العائلية والقبلية، وظن الجميع أن الحل السحرى يكمن فى نظام القائمة النسبية، على اعتبار أن هذا الأسلوب سيحقق فوائد كبيرة، أبرزها أنه سيدفع الناخب إلى اختيار مرشحه على أساس برنامج انتخابى، وليس على أساس العصبيات، وسيؤدى إلى علاج نفوذ المال، والذى كان يتم إنفاقه فى الدعاية ورشوة الناخبين.
وضمن المزايا التى عددها المتفائلون بترك نظام الفردى القول بأن نظام القوائم يسمح بفرصة ذهبية للأقباط على أساس أن الناخب سيعطى صوته لبرامج، وليس لأشخاص، بصرف النظر عن ديانتهم أو شهرتهم، واللافت للنظر أن هذه القراءة كانت موجودة قبل ثورة 25 يناير مع انسداد كل الشرايين المؤدية إلى الديمقراطية، وزادت قيمتها بعد الثورة مع ارتفاع حالة التفاؤل التى سادت فى كل شىء، وأبرزها إمكانية تحقيق حياة ديمقراطية سليمة، بالإضافة إلى فتح شهية المصريين للمشاركة السياسية، وارتفاع عدد الأحزاب الجديدة.
غير أن القراءة الأولى للقوائم الانتخابية التى تم تقديمها من الأحزاب المختلفة عليها ملاحظات كثيرة فى هذه القضية، وأولها أن العديد من القوى السياسية التى تسعى إلى تحقيق الفوز اعتمدت على الآليات القديمة نفسها فى اختيار مرشحيها، وذلك بدفع الأسماء التى لها باع انتخابى، والتى تعتمد على كتل تصويتية أساسها العصبية، وربما يكون حزب «الحرية والعدالة» استثناء من ذلك على اعتبار أن قاعدته الجماهيرية إخوانية، غير أن هذا استثناء فى مشهد انتخابى عام، وما سبق يقودنا إلى القول بأن فكرة البرامج الانتخابية لن يكون لها كلمة فصل عند المرشحين، وفى هذا السياق يأتى الحديث عن وجود الأقباط على القوائم، والتى تكاد تكون منعدمة، ولا يشفع فى ذلك ترشيح أسماء كبيرة بوزن أمين إسكندر وعماد جاد فى القاهرة، أو جورج إسحاق فى بورسعيد.