سعد هجرس

لا أحد ينام فى مصر!

الأربعاء، 26 أكتوبر 2011 03:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقر ونعترف ونبصم بالعشرة على أن الانتقال من حكم استبدادى فاسد ابتليت به البلاد لسنوات وعقود طويلة، ليس مسألة هينة، وأن هناك تحديات هائلة ومشكلات كبيرة تواجه هذا الانتقال.

كل هذا نعرفه ونسلم به.. لكن ما لا نفهمه أن تمر تسعة شهور منذ اندلاع الثورة فى 25 يناير حتى الآن ونحن ندور فى الحلقة الجهنمية المغلقة نفسها ولا نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام. ورغم أن وضع «محلك سر» هو سيد الموقف فى كل المجالات، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية، فإن هناك أمرين لا يمكن قبول مزيد من التلكؤ أو التسويف فى معالجتهما:

الأمر الأول: يتعلق بأحد الاحتياجات، الأساسية للإنسان ألا وهو الاحتياج إلى «الأمان» بمعناه الشامل، فحتى الحق فى الحياة مرتبط بمدى توفر الأمن إلى حد بعيد، ولا معنى للحديث عن انتخابات أو تحول ديمقراطى أو عمل سياسى بأى صورة من الصور دون استتباب الأمن، ولا جدوى من الثرثرة حول دفع عجلة الإنتاج واستعادة السياحة والحيلولة دون انهيار الاقتصاد أو اندفاع البلاد إلى حافة الإفلاس إذا كان الأمن غائبا أو مفتقداً، ولا مجال لأى نشاط إنسانى - بالمطلق - فى ظل الفوضى والانفلات وغياب التطبيق الحازم والنزيه للقانون.
ومع وضوح هذه الحقيقة البديهية وضوح الشمس فإن النخبة الحاكمة وغير الحاكمة، ماضية فى الثرثرة حول كل القضايا الكبرى والصغرى غير عابثة بتحقيق تقدم ملموس فى معضلة الانفلات الأمنى. فلماذا لا يحدث تقدم وإلى متى يستمر هذا الانفلات الخطير وعلى من تقع مسؤولية هذه «الثغرة».

المسؤولية واضحة وتتحملها بصورة مباشرة حكومة الدكتور عصام شرف ويتحملها بصورة غير مباشرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى عين هذه الحكومة. وإذا كانت حكومة الدكتور عصام شرف، واللواء الطيب منصور العيسوى غير قادرة على القيام بهذه المهمة، فلماذا التمسك بها؟! ولماذا التلكؤ فى نقل هذه المهمة التى لا تحتمل التأجيل، إلى من يستطيع القيام بها؟

الأمر الثانى الذى لا يحتمل الانتظار أيضا هو الأمور المعيشية للطبقات الشعبية المصرية، بل والطبقة الوسطى أيضا، التى وجدت نفسها فى وضع أسوأ مما كانت عليه قبل 25 يناير، وليس من المعقول مطالبة الناس باستمرار ربط الأحزمة على البطون فى انتظار انتخابات لا أحد يعلم إذا كانت ستحدث أصلا أم لا، وإذا بدأت هل تمر بسلام أم لا، أو فى انتظار حسم جدل لا نهاية له عن دستور منشود، ثم إجراء انتخابات رئاسية. كل هذا مطلوب.. لكن هل يمكن أن نقول لملايين الفقراء تحملوا الجوع بروح رياضية، وغير «فئوية» حتى يتم ذلك كله؟

والخطوات المطلوبة كثيرة، من بينها إطلاق سراح آلاف الفلاحين المحبوسين بسبب قروض تافهة من بنك التنمية والائتمان الزراعى وإسقاط ديون الفلاحين ، من بينها تصحيح هيكل الأجور المختلف وإذا كانت الحكومة تتعلل بصعوبة تمويل زيادة ملموسة للحد الأدنى للأجور فما هو عذرها فى التقاعس عن إقرار حد أقصى، ولماذا التلكؤ فى توفير موارد أخرى للموازنة العامة للدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية مثل الضريبة التصاعدية والضرائب على مضاربات الأموال الساخنة فى البورصة وغير ذلك.

إذن..المسألة ليست عجز الإمكانيات بقدر ما هى العجز فى الخيال والإدارة السياسية وهو عجز أخطر من العجز فى الموازنة العامة للدولة. والحكمة العربية المأثورة تقول «اثنان لا ينامان.. الخائف والجائع» ونتيجة الأداء السيئ لإدارة البلاد بعد 25 يناير فإنه «لا أحد ينام فى مصر» مع الاعتذار للأديب الجميل إبراهيم عبدالمجيد ورائعته «لا أحد ينام فى الإسكندرية» لأن الأغلبية الساحقة من المصريين إما خائفة لافتقاد الأمن وإما جائعة بسبب تركة حسنى مبارك وأداء حكومة شرف.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة