هدايت عبد النبى

على المحارة

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011 04:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أيام مصر الشامخة محفورة فى الوجدان وتظل دائماً فخر مصر وأقصد بها 6 أكتوبر 1973 و25 يناير و11 فبراير 2011.. وما بينهم يوم آخر من أيام مصر كسر القلوب وفتت الوجدان وأدمى العيون وهو يوم الأحد الدامى 9 أكتوبر المعروف بيوم ماسبيرو.

وشهد يوم الفخر هذا العام إضراب ضباط أبراج مراقبة الطيران المدنى بمطار القاهرة وسمى بإبطاء حركة الطيران بالسماح بإقلاع 4 طائرات فى الساعة، مما أدى إلى تعطيل 39 طائرة من الأربعاء إلى الخميس ووصل المسافرون إلى مقاصدهم متأخرين ما بين 12 و18 ساعة.. هذا مهم، ولكنه ليس الأهم.. الأهم هو المنزلق الخطير الذى تهوى إليه البلاد.. من مظاهر الإضرابات الفئوية.

هناك مؤيدون و معارضون لحركات الإضراب، وهناك أيضاً من يعيثون فى الأرض فساداً؟ أؤيد الإضرابات لأنها جزء من الحريات لتحقيق مطالب فئوية عادلة سحقتها السنوات الثلاثين الماضية من حكم أبعد العدالة عن دائرته بمسافات طويلة أو على الأصح لم تكن من أولوياته.. أؤيدها لأنها الوسيلة السلمية المكفولة لتحقيق الحقوق.

وقد عدنا إلى منطق المربع الأصلى أى الحلقة المفرغة فيمن المتسبب فيما ندور فيه: البيضة الأول أم الفرخة؟ الاقتصاد المصرى ولا الثورة، الإضرابات ولا عجلة الإنتاج!.

إن عدم وجود الحسم فى تلبية المطالب الفئوية بشكل عادل هو الذى يعطل عجلة الإنتاج فلا يمكن أن يرضى إنسان وهو يسمع بالمليارات والمليارات التى نهبت أن يلقى بحقه جانبا فى بضعة مئات من الجنيهات أو بضعة آلاف من الجنيهات لأن الوطن يهوى.. الإنسان هو الذى يصنع الوطن يحرث الأرض يدور المصانع يسفلت الطرق وليس العكس فإذا لم تتوفر له سبل الحياة الكريمة فمن حقه ألا يتهاون فى حقوقه وحقوق أبنائه وأحفاده.

إذن لا الثورة و لا الإضرابات هى السبب فى المنزلق الذى يهدد البلاد، المشكلة هى فى قضية الحسم: هناك بلطجية، هناك فلول، هناك غلاء، ولكن لا أحد يحسم شيئاً وكأن الجميع لا يشعرون بما يمر به الإنسان المصرى البسيط رجل الشارع، لا يمكن لإنسان أن يصدق هذه السياسة الغريبة للإمساك بالعصا من النصف: هل معقول أن القوات المسلحة لا تستطيع السيطرة على البلطجية؟ هل معقول أن القضاء المصرى لا يستطيع أن يسد أى ثغرة تعيد الفلول إلى الحياة السياسية؟ هل معقول أنه لا يمكن تطبيق الحد الأدنى من الأجور لرفع الناس من شفا الانهيار؟.

وهنا لابد من تناول قضية الإعلام، فاللجنة التى فوضت فى بحث أحداث ماسبيرو الدامية خرجت بتقرير مشين لا يدين التليفزيون المصرى؟ فلصالح من؟ الكل شاهد والشهود بالملايين، هم ليسوا حفنة قليلة شاهدت رواية التليفزيون المصرى، الكل شاهدها وضرب كفاً على كف.. هذه الأمور لا يمكن أن تستمر ومعها أعمدة ومقالات رأى كتاب وصحفيو النظام السابق فى الصحف القومية، هؤلاء أوناس أضروا بمصر وكتاباتهم شاهد على ذلك فلماذا غياب التحرك لتطهير الإعلام؟ لماذا أمنحهم مساحات للرأى؟ لماذا ولماذا ولماذا؟

هذه الظواهر مجتمعة تشير إلى أن شبكة قوية من الأجهزة التى تفككت مازالت قائمة ومعها الحزب الوطنى المنحل.

وقبل الحديث عن ما يمكن أن يحدث والمطلوب أن يحدث لابد من كلمة تحية إلى المخابرات المصرية وإلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإلى وزير الخارجية محمد كامل عمرو للنجاح فى إطلاق سراح 477 أسيراً فلسطينيا من المعتقلات الإسرائيلية.. مية مية - عشرة على عشرة فبهذه العملية الناجحة عادت بمصر الثورة إلى الريادة فى العالم العربى وأمسكت بزمام الأمور فى يدها وأعادت للمصريين فخر العزة والكرامة والتحرك السليم فى سياسة مصر فى المنطقة.

ولست من أنصار أنصاف الحلول فالحسم والقضاء على البلطجية وفلول المنحل وتطبيق الحد الأدنى من الأجور والاستجابة للمطالب العادلة الفئوية هى الحل، لا يمكن قبول الثغرات لإعادة الفلول إلى مجلس الشعب، لا يمكن مشاهدة الجيش متفرجاً على الانفلات الأمنى بسبب البلطجية والفلول.

مصر مثل شقة قديمة دمرتها النار الملتهبة تحتاج إلى وضعها على المحارة وبنائها من جديد، ونقل ساكنيها ذهنياً إلى مكان آخر إلى حين إعادة البناء لتكون الهرم السابع عند إعلان الجمهورية الثانية. لماذا الهرم السابع لأننا نسمى ما نفخر به بالهرم نسبة لأهرامات الجيزة فلدينا 3 أهرامات فى الجيزة و 3 من أعلام مصر يطلق عليهم الهرم وننتظر الهرم السابع وهو الجمهورية الثانية.

وأخشى أنه بغير خطى سريعة سوف تكون ثورة 25 يناير – 11 فبراير- هذه الثورة العظيمة- ثورة منقوصة تم قص جناحيها وحيويتها- وسوف يؤدى ذلك إلى ثورة الثورات التى سوف يتسبب فيها كل ما ذكر، إضافة إلى أننا قد نصل إلى حالة لا يتمكن فيه القادر من تقديم وجبة لغير القادر.. إذا ما وصل بنا الأمر لذلك فستكون الساحة مفتوحة لثورة دموية تسحق من تسحق ولكنها فى النهاية ستعيد الحسم وتضع مصر على المحارة من أجل إعادة بناء الهرم السابع.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة