زواج الفلول

لماذا يصر بعض رجال الدين على إصدار فتاوى لا لزوم لها، كما فعل الشيخ عمر سطوحى، رئيس لجنة الدعوة الإسلامية بالأزهر، بإصدار فتوى غريبة تقول إنه لا يجوز لأى مصرى أن يزوّج ابنته لأى من أعضاء الحزب الوطنى المنحل؟. والسبب- كما قال فى فتواه- أنهم غير أمناء، ومضيعون للأمانة. وأضاف الشيخ فى فتواه الغريبة، أنه إذا كانوا ضيّعوا أمانة الشعب كله، وأفسدوا الحياة فى مصر التى أكلوا من ترابها، وعاشوا على أرضها، وشربوا من مائها، واستظلوا بسمائها، فمن السهل عليهم أن يضيّعوا أمانة الأسرة والزوجة.

ولا أعرف ما المقصد من هذه الفتوى العجيبة، خاصة أن قواعد الشرع، وشروط الزواج فى الإسلام معروفة، فالمسلم للمسلمة، وإذا أراد المسلم أن يتزوج من نساء أهل الكتاب فلا مانع، لأن الأصل عند جمهور المسلمين فى ذلك هو الإباحة، والمسلم هو من نطق الشهادتين، وبعد هذه القواعد يأتى شرطا الرضا والقبول كأساس لإتمام الزواج.

كان الحزب الوطنى فاسدا، ولا جدال فى ذلك، وأضر بمصر، ولا خلاف على ذلك، ووقف ضد التقدم فى مصر، لكن هل يوجد لدى الشيخ عمر سطوحى ما يؤكد أن كل أعضاء الحزب الوطنى غير مسلمين، وبالتالى لا يجوز تزويجهم من مسلمات؟!

سلاح الفتاوى الدينية كان يستخدمه النظام السابق لتبرير جرائمه، وأدى فتح هذا الباب إلى الاستسهال فى تناول قضايا دينية من غير المختصين، وغير المعنيين بها، وامتد هذا الخطر- على سبيل المثال- إلى الدكتور محمد البرادعى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، بعد عودته إلى مصر قبل ثورة 25 يناير، حين انتفض اتحاد عمال مصر ليحتل دور دار الإفتاء، ويصدر بيانا على شكل فتوى يشكك فى إسلام الرجل، وجاء ذلك فى سياق استخدام النظام كل الوسائل، بما فيها سلاح الدين للوقوف ضد التغيير. ومع الرفض الكامل لهذا المسار، فإنه لا يجوز إعادة إنتاجه بنفس الطريقة حتى لو كان ذلك ضد أعضاء الحزب الوطنى الذى نكرهه جميعا، ولا نتمنى أن نرى وجوهه مرة أخرى فى أى حقل سياسى.

وأهمس فى أذن الشيخ سطوحى متسائلا: لماذا لم تشمل فتواه رموزا وشخصيات كانت تعارض مبارك ونظامه فى العلن، وتعقد معه الصفقات فى السر؟.. وأخيرا هل نحن نعيش الآن مقدمات استخدام سلاح التكفير؟