دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، أعضاء مجلس الأمة والحكومة، الثلاثاء، إلى إنهاء خلافاتهم الحادة، مشيرا إلى أن احتجاجات المعارضة "تجاوزت كل الحدود وتخطت ثوابتنا الوطنية".
وقال الأمير خلال افتتاح الدورة الجديدة فى مجلس الأمة "يؤلمنى ما يعانيه وطننا من توتر وتازيم سياسى بين مجلس الأمة والحكومة وانحدار لغة الخطاب السياسى".. وأضاف "علينا نبذ خلافاتنا والتوجه نحو تنمية البلاد علينا متابعة الأحداث الخطيرة، التى يجرى حولنا" فى إشارة إلى التظاهرات التى تجتاح بلدانا عربية.
وانتقد الشيخ صباح المعارضة للجوئها إلى الشارع وتوجيهها اتهامات خطرة إلى نواب ومسئولين.. وندد بـ"التشكيك دون دليل وبرهان بتهم الرشوى والفساد والخيانة والعمالة".
وتشهد الكويت أزمات متلاحقة بين حكومة رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد والمعارضة التى تطالب بإقالته.
وتصاعدت حدة التوتر فى الآونة الأخيرة إثر إطلاق المعارضة حركة احتجاج بعد فضيحة فساد لا سابق لها متهم بالضلوع فيها حوالى 15 نائبا (من أصل خمسين فى مجلس الأمة) وعلى الأرجح مسئولون فى الحكومة.
وقد تظاهر أكثر من عشرة آلاف شخص بينهم نواب وناشطون الأربعاء، مطالبين الأمير بإقالة رئيس الوزراء، ابن أخيه.
وقد أرغمت الفضيحة وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح على الاستقالة بعد أن اتهم النائب المعارض مسلم البراك الحكومة بالقيام بعمليات تحويل غير مشروع للخارج عبر السفارات الكويتية.
وأوضح أن مكتب رئيس الوزراء أجرى "485 تحويلا لأموال مشبوهة" تقدر بعشرات ملايين الدولارات، وخصوصًا إلى جنيف ولندن ونيويورك منذ أبريل 2006.. وعرض وثائق عن عمليات التحويل.
من ناحية أخرى انسحب نواب كويتيون من كتلتى العمل الشعبى، والتنمية والإصلاح، ونواب آخرين من قاعة مجلس الأمة "عبد الله السالم"، بعد البدء فى انتخاب أعضاء اللجان البرلمانية اليوم، وذلك تنفيذا لوعودهم السابقة بذلك.
كما لم يصافح النواب أحمد السعدون ومسلم والبراك وفيصل المسلم ووليد الطبطبائى، رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد فى استراحة النواب أثناء السلام على أمير الكويت وولى العهد.
وقد وافق مجلس الأمة بالإجماع على مناقشة كادر المعلمين، ومكافأة الطلبة، تمهيدا لإقرارهما، بعد طلب نيابى قُدم لرئاسة المجلس لمناقشتهما، غير أن الحكومة قدمت طلبا عبر وزير التربية أحمد المليفى، لتأجيل مناقشة كادر المعلمين، ومكافأة الطلبة، وذلك لمدة أسبوعين، مما أثار ذلك سخطا نيابيا، استدعى قيام رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافى لرفع الجلسة مؤقتًا لمدة ربع ساعة لإخلاء القاعة من الجمهور، وسط احتجاجات نيابية.
وقد أكد رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد رغبة الحكومة الصادقة فى التعاون الإيجابى مع مجلس الأمة معلنا ترحيبها بكل نقد موضوعى بناء يعزز الجهود المشتركة لمزيد من الإنجازات التى تصب فى صالح الوطن والمواطنين، وأن النظام الدستورى للبلاد يقوم على أساس فصل السلطات مع تعاونها بما يمنع التداخل والازدواجية فى الممارسة ويحترم الحدود الدستورية لكل سلطة بلا خلط أو غموض، مضيفا أنه لا ضرر فى أن يكون هناك اختلاف فى الرأى وتباين فى الاجتهاد طالما كان رائدة المصلحة الوطنية ومادام الحوار هادفًا ومحكومًا بإطار الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة والقوانين المرعية.
وجدد فى كلمته- فى افتتاح دور الانعقاد العادى الرابع من الفصل التشريعى الثالث عشر لمجلس الأمة - احترام الحكومة للحريات العامة وحق الجميع فى التعبير وإبداء الرأى فى إطار الضوابط التى حددها القانون، والتى تراعى المصلحة الوطنية ولا تضر بالصالح العام فى إشارة إلى استنكار الحكومة التعسف فى استخدام الإضراب
والامتناع عن العمل أو التهديد بها لتعريض مصالح البلاد والمواطنين للضرر كوسيلة للضغط.
واعتبر أن ذلك الأمر مخالف للقانون وينطوى على إضرار واضح بالمصلحة العامة، مبينا أن الاستجابة لأى مطالب لن تكون إلا وفق دراسة موضوعية عادلة تجسد الحرص الدائم على مصالح جميع المواطنين، وبما يحقق العدالة والإنصاف ويتمتع الجميع بثروة بلده وخيراته وبالرفاهية حاضرًا ومستقبلا.
وشدد على أن الاستقرار السياسى شرط جوهرى وضرورى من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادى والأداء المثمر لأى مجتمع، وأن الوحدة الوطنية هى السياج الذى يحمى المجتمع ويمدنا بقوة ذاتية لحماية الإنجازات والطموحات لبناء مستقبل زاهر، مشيرا إلى أن حصيلة ما تحقق فى دور الانعقاد الماضى لمجلس الأمة لم يصل إلى الطموحات المطلوبة بسبب النهج السلبى للممارسات النيابية، والاستجوابات والأسئلة التى لم يحصد منها المجتمع شيئا.
وقال إن الكويت محاطة بالعديد من المستجدات والمتغيرات بالغة الدقة والخطورة ولها أبعادها السياسية والاقتصادية والطائفية على المجتمع، مما يتطلب اليقظة والحكمة فى التعامل معها، والمزيد من الوحدة والتلاحم بين كل فئات المجتمع الكويتى.
ومن ناحيته أكد رئيس مجلس الأمة الكويتى، جاسم الخرافى، هنا اليوم ضرورة أن يحرص الجميع على تكريس الحوار الديمقراطى الراقى والبعد عما يسىء للآخرين بما من شأنه أن يخلق شرخًا فى العلاقات الاجتماعية ويهدد ما حرص عليه المجتمع الكويتى من روح الود والتآخى والتماسك.
وقال فى كلمة له فى افتتاح دور الانعقاد العادى الرابع من الفصل التشريعى الـ13 لمجلس الأمة أن الاختلاف فى الرأى بشأن القضايا الوطنية يجب أن يبحث ويعالج فى الإطار المؤسسى ووفق القواعد الدستورية والإجراءات اللائحية الحاكمة للممارسة النيابية.
وشدد على ضرورة الحرص على أداء وطنى عالى المستوى يكون فيه كل من مجلس الأمة والحكومة قدوة فى الممارسة الديمقراطية ونموذجا فى الحوار العقلانى البناء وبتكريس الاحترام المتبادل والتعاون الدستورى الإيجابى والتحديد الواضح للأولويات الوطنية والالتفاف الحقيقى حول رؤية وطنية تعلو فيها مصلحة البلاد على كل غاية.
وأكد أن معالجة أوضاع الاقتصاد الوطنى تكتسب أهمية خاصة وتبرز كأولوية "فى هذه المرحلة" لاسيما مع ما يشهده الاقتصاد العالمى من تحولات وما تنبئ به مؤشراته المستقبلية من مخاطر وتحديات تحد من نموه وقد تؤدى به إلى حالة من الركود، وأن هذا يتطلب مناخًا وطنيًا إيجابيا يسوده الاستقرار والتعاون والحوار الديمقراطى الهادف والممارسة السياسية البناءة وإعلاء المصلحة الوطنية.
وبين أن الإصلاح الاقتصادى يجب أن يصاحبه إصلاح سياسى فى مختلف دوائر وجوانب العمل الوطنى على صعيدى الفكر والممارسة وعلى قاعدة من التلاحم والوحدة والشراكة الوطنية.
أمير الكويت يدعو النواب والحكومة إلى إنهاء الخلافات
الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011 02:37 م
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح