د.عبدالجواد حجاب يكتب: الحروب الاستباقية

الإثنين، 24 أكتوبر 2011 12:14 ص
د.عبدالجواد حجاب يكتب: الحروب الاستباقية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحرب الاستباقية نوع من أنواع الحروب اخترعه اليمينيون الجدد فى الحزب الجمهورى الأمريكى مع أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وأعلنه ودرسه لنا جورج بوش الابن ودونالد رامسفيلد وكولين باول وكونداليزا رايس، ومن هذا المنطلق دخلت جيوش الغرب إلى العراق وقامت بتفكيك الدولة وإعادة تركيبها لصالح أصدقاء الغرب من العراقيين، وفى النهاية ثبت أن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل كمبرر لهذه الحرب الاستباقية.

بمبدأ الحرب الاستباقية القائم على تخمينات ومعلومات استخبارية خاطئة ومفبركة دمرت بلادا وشعوبا فى الكثير من دول العالم. والحرب الاستباقية فى ثقافة الاستعمار الجديد لها مبررات كثيرة منها حماية المدنيين وحماية الأقليات وهى عناوين براقة وجذابة للضعفاء والمخدوعين والمأجورين، لأن النتيجة الحتمية لهذه الحروب الاستباقية هى الدمار والضياع فى النهاية مع الكثير من المقابر الجماعية والمفقودين والجوع والفقر والرجوع إلى عصور ماقبل التاريخ.

الحروب الاستباقية يخطط لها الاستعماريون الجدد تخطيط محكم ويبدأ بإنفاق الملايين والمليارات على الكثير من المنظمات والهيئات التى تدعى أنها منظمات حقوقية ومدنية، والتى ليس لها هدف إلا إحداث شروخ فى الصف الداخلى للمجتمعات المستهدفة وبالفعل ينجح هؤلاء فى هدم أسس وكيان وبنيان أى مجتمع فى إطار منظومة دولية تقوم بهذا العمل بحرفية وإتقان وحبكة يمكنها أن تخدع الجميع عقلاء أو صقورا.. أقولها بلغة أخرى مجموعات دولية ومحلية الإعلام أهم وسائلها تقوم بصناعة فتن وصفها النبى محمد صلى الله عليه وسلم بأنها فتن كقطع الليل المظلم.. فتن تضعفنا وتجلعنا كغثاء السيل، ومن هذا الضعف تتداعى علينا الأمم تحت مظلة القانون الدولى والإنسانى لتمزقنا إربا.

السؤال المهم ماهو المدخل الطبيعى لدول الاستعمار الحديث للتدخل فى شئوننا نحن المصريين وفرض إرادتهم علينا؟ الإجابة يعلمها كل طفل فى مصر، وهى الفتنة الطائفية واللعب بالنار فى نسيج الوطن.

السؤال الثانى هل نشاهد ونرى ونسمع عن تجهيزات لأحداث فتنة طائفية فى مصر؟ بكل صراحة نعم وألف نعم حرب إعلامية تستخدم الفيديوهات من شتى الاتجاهات وبرامج تختار من النخبة مايلائم أهدافها ومتطرفين فى الفكر والدين من كل الأطراف يتهمون بعضهم البعض بالكذب علنا على الشاشة التليفزيونية وطبعا تهم التطرف والإرهاب جاهزة كالوجبات الأمريكية السريعة، والغريب أن الكل فى النهاية يقول نحن لانريد إظهار الحقيقة نحن لا نروج للفتنة.. نعم حكومتنا نائمة بحجة أنها انتقالية تسير الأعمال فقط، ومؤسسات دينية مغيبة عن الحياة عن عمد وبقوانين قراقوش.. الأزهر والكنسية لا يسمح لهم بالكلام أو الفعل والآخرون يقومون بدور القيادات الدينية فى الإفتاء فى كل مناحى الحياة.. وشعب الكل يحاول الالتفاف على إرادته الحرة فى التعايش بسلام فى كل قرى ونجوع مصر، كما عاش الآباء والأجداد آلاف السنين.

وبالفعل حدثت أهوال لم تعرفها مصر من قبل قتل على الهوية الدينية وحرق وهدم لدور عبادة، والغريب أن أحدًا لم يقدم لمحاكمة ولا أحد أصدر قانونا يمنع التمييز أو قانون ينظم بناء دور العبادة بطريقة سلسة بدون ألغام معروفة للجميع.. أقولها بصراحة وشفافية لا أحد يحترم القانون فى مصرنا المحروسة والكل يحاول ويحاول أن يلتف وينفذ من ثغرات القانون التى زادت وتعددت فى العصر البائد على مدى قرون.. ويشهد التاريخ على خطايانا جميعا التى أدت إلى إحداث جروح تنزف فى قلب الوطن قبل ثورتنا المباركة وبعدها دماء مصرية فى الزاوية الحمراء والخانكة والكشح والقديسين وإمبابة والقلعة وأطفيح والمريناب، وأخيرا ماسبيرو. لايصح أبدا أن نجلس أيدينا على خدودنا ونقول أياد خارجية وأياد سوداء ولانفعل شيئا كسياسيين ورجال إدارة ورجال دين ورجال قانون.

سؤال ثالث ماهو السد المنيع أمام أى تدخل خارجى فى مصر؟ بطريقة أخرى من يحمى حدود مصر ويحمى إرادة شعب مصر فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد؟ الإجابة طبعا معروفة قواتنا المسلحة ومجلسها الأعلى.. من هنا بدا المخربون بالتشكيك فى نوايا المجلس العسكرى وتقدموا خطوة وبدا التهديد العلنى لقوات الجيش المصرى العظيم وأخذتهم الجرأة وقاموا بالاعتداء على القوات المسلحة، وبالفعل قتلوا آباءنا الجنود الشرفاء.

وبدا الهجوم الضارى فى جميع أنحاء العالم على جيش مصر الشريف وتم تصوير الأمر على أن الجيش اعتدى على أبناء الشعب المصرى بطريقة بربرية وهى الدهس والهرس.. ثم الأدهى من ذلك التمرد على كل ما يصدره المجلس من قرارات والتشكيك فى لجنة تقصى الحقائق والتشكيك فى نزاهة القضاء، ذلك التمرد الذى يزداد ضراوة مع بدا الانتخابات البرلمانية الحرة التى ستنقلنا جميعا إلى عصر النهضة، الذى يحلم به كل المصريين.

فى نفس الوقت فى الخارج أقباط يطالبون بالحماية الدولية وفلان نصب نفسه رئيسا للدولة القبطية وآخر يطلب من إسرائيل التدخل وتعبئة أعضاء الكونجرس وأعضاء فى البرلمانات الأوروبية ضد بلدنا مصر المحروسة.. ومظاهرات ضد المجلس الأعلى ورئيسه فى أوروبا وأمريكا واستراليا وكندا وكلها بلاد الاستعمار الحديث ونفس المظاهرات على نفس النغمة فى مصر كأنها سيمفونية يعزفها أعداء الوطن بذكاء منقطع النظير.

السؤال الأخير هل يتم التحضير لحرب استباقية على مصر الثورة؟ أعتقد أنها حرب فرض الإرادة علينا وتركيعنا والأيام القادمة ستجيب لنا عن هذا السؤال الهام وخاصة أنهم يبشروننا بالأسوأ القادم.. ولكن الأكيد لنا جميعا أن قلب مصر مجروح وتحتاج لمن يضمد جراحها من العقلاء.. وفى النهاية أنا شخصيا متفائل لأن الشعب المصرى أغلبه من العقلاء ولايريدون الفتنة ولا الخراب.. كل الشعب المصرى يعرف تماما أن الفتنة نائمة وملعون من أيقظها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة