قام مسئولو الانتخابات بتونس بفرز الأصوات اليوم الاثنين، بعد أول انتخابات حرة فى تونس بعد عشرة أشهر من إشعال بائع الخضر محمد البوعزيزى النار فى نفسه، فى احتجاج أطلق شرارة انتفاضات الربيع العربى.
وتشير معظم التوقعات إلى أن حزبا إسلاميا معتدلا سيخرج بأكبر نصيب من الأصوات، وهى نتيجة تثير قلق العلمانيين، وقد تتكرر فى دول عربية أخرى عندما تجرى انتخاب خلال فترة ما بعد الربيع العربى.
وتجاوزت نسبة الإقبال على التصويت لانتخاب جمعية تستمر عاما، وتعد دستورا جديدا للبلاد 90 فى المائة، فى علامة على تصميم التونسيين على ممارسة حقوقهم الديمقراطية الجديدة بعد عقود من القمع.
وقال الرئيس الأمريكى باراك أوباما، إن الثورة التونسية التى اندلعت فى يناير كانون الثانى والتى بدأت بالبوعزيزى وانتهت بهروب الرئيس السلطوى زين العابدين بن على إلى الخارج، "غيرت مجرى التاريخ".
وأضاف فى بيان أصدره البيت الأبيض: "تماما مثلما احتج عدد كبير من المواطنين التونسيين سلميا فى الشوارع والميادين للمطالبة بحقوقهم وقفوا اليوم فى طوابير، يدلون بأصواتهم لتحديد مستقبلهم".
وآثار إحراق البوعزيزى نفسه مدفوعا بيأسه من الفقر والقمع الحكومى احتجاجات حاشدة أجبرت بن على على الفرار من تونس، وألهمت هذه الاحتجاجات بدورها انتفاضات فى مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين تعيد رسم المشهد السياسى للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقال مسئولو الانتخابات إنه مع فرز هذا العدد الكبير غير المتوقع من بطاقات الانتخاب من المحتمل ألا يتم إعلان النتائج قبل يوم الاثنين، وحتى بعد ذلك.
وذكرت الإذاعة الرسمية، أن عمليات الفرز التى لم تكتمل فى مدينتى صفاقس والكاف أظهرت تقدم حزب النهضة الإسلامى، وقالت الإذاعة، إن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وهو حزب يسارى علمانى جاء فى المركز الثانى فى صفاقس، وجاء حزب التكتل، وهو جماعة اشتراكية أخرى فى المركز الثانى فى الكاف.
وقال حزب النهضة نقلا عن محصلة غير رسمية خاصة به للأصوات التى أدلى بها العدد الكبير من التونسيين الذين يعيشون فى الخارج، إن الإشارات توضح أنه حقق نتائج طيبة، وقام التونسيون فى الخارج بالإدلاء بأصواتهم قبل أيام من الانتخابات التى جرت أمس الأحد فى تونس.
وقال عبد الحميد الجلاصى مدير الحملة الانتخابية لحزب النهضة أمام تجمع لموظفى الحزب، إن النهضة كان الأول على الإطلاق فى كل مراكز الاقتراع الخارجية، وأضاف أن الحزب حصل على أكثر من 50 فى المائة.
وربما يؤثر مصير حزب النهضة على الانتخابات فى مصر المقرر إجرائها الشهر المقبل، والتى تأمل أيضا جماعة الإخوان المسلمين أن تتصدرها.
والمجلس المؤلف من 217 عضوا والذى يقوم التونسيون بانتخابه، سيتولى إلى جانب صياغة دستور جديد اختيار حكومة مؤقتة جديدة ويحدد مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ويقول دبلوماسيون غربيون إنه من غير المحتمل أن يفوز حزب النهضة بأغلبية المقاعد فى المجلس بمفرده، مما يجبره على تكوين تحالفات مع أحزاب علمانية ومن ثم تخفيف نفوذه، ويقول الغنوشى الذى أمضى 22 عاما منفيا فى لندن، إن حزبه ينتمى للإسلام الوسطى مثل رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، ويقول إن حزبه سيحترم حقوق المرأة، ولن يحاول فرض قواعد أخلاقية شخصية على التونسيين، ولكن احتمال فوزه بنصيب من السلطة مازال يجعل بعض الأشخاص يشعرون بعدم ارتياح فى تونس.
وقال المهندس المعمارى زايد تيجانى (26 عاما) بعد إدلائه بصوته: "لست متفائلا جدا بشأن نتيجة الانتخابات".
وأضاف، بينما كان يصطحب شابة ترتدى قميصا وسروالا جينز: "أعتقد أن الإسلاميين بوسعهم الفوز، لا أريد ذلك، فهم ربما يحاولون تغيير طريقة حياتى".
وفى أنحاء تونس امتدت صفوف لمئات الأمتار خارج مراكز الاقتراع من الصباح الباكر للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات قد تضع معيارا لدول الشرق الأوسط الأخرى، التى تشهد انتفاضات الربيع العربى.
وقالت كريمة بن سالم (45 عاما)، عند مركز اقتراع فى منطقة لافاييت بوسط تونس: "هذه أول مرة أدلى فيها بصوتى، وقد طلبت من الأولاد أن يعدوا الغداء لأنفسهم.. اليوم أنا خارج الخدمة، أو بالأحرى أنا فى خدمة بلدى".
ويمكن أن يكون فوز النهضة الأول من نوعه فى العالم العربى منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فى الانتخابات التشريعية الفلسطينية فى 2006، وكاد الإسلاميون أن يحققوا الفوز فى الانتخابات الجزائرية فى 1991، وألغاها الجيش مما أشعل صراعا دمويا استمر سنوات.
لكن المراقبون يقولون، أن هناك توترا داخل الحزب بين الخط المعتدل للغنوشى والإسلاميين الأكثر تشددا بين قواعد الحزب.
وفى ختام حشد انتخابى يوم الجمعة قالت سعاد عبد الرحيم المرشحة التى لا ترتدى الحجاب، إن النهضة يمكن أن يحمى مكتسبات المرأة.
لكن فى تجسيد لتناقضات الحزب كانت هناك العديد من الكتب التى تباع على هامش الحشد لكتاب سلفيين يؤمنون بضرورة الفصل بين الرجل والمرأة فى الأماكن العامة، ويقولون أن الانتخابات منافية للإسلام.
المؤشرات تؤكد تقدم "النهضة"مع بدء فرز الأصوات بالانتخابات التونسية
الإثنين، 24 أكتوبر 2011 10:08 ص