هل تذكر يا عزيزى القارئ عندما كنا صغارا؟ هل تستطيع أن تعود بذاكرتك إلى الوراء لتتذكر عندما بدأنا المدرسة؟ عندما بدأنا ندرس مادة الدراسات الاجتماعية.. كان أول ما يعلموننا أننا دولة الفراعنة الذين حيروا العلماء بإنجازاتهم.. ثم علمونا أننا دولة الرؤساء الذين قهروا إسرائيل.. وأننا دولة السد العالى..والتعليم المجاني..والقراءة للجميع..
ولكنهم نسوا يا صديقى أننا نرى الأهرامات بينما نرى الفراعنة وقد أصبحوا مومياءات تزين متاحفنا، وأن رؤسائنا قهروا إسرائيل وتفرغوا بعدها لقهر شعبهم، وأن التعليم المجانى لم ينتج سوى أجيال لا تعرف كيف تقرأ، لكن على هذا دربونا، نحن وأجيال قبلنا,جعلونا نكبر على الحب بأثر رجعى، بأن من كان بطلا يوما، فهو بطل إلى الأبد، وبأن من ضحى مرة، فهو مناضل حتى النهاية، وكأننا يجب أن نعمى عن أخطاء وتجاوزات البعض على طول الخط فقط لأنهم ذات يوم بعيد، قاموا بالصواب مرة..
ولا أعرف لم لا يريد أحد من القادة حتى الآن أن يستوعب فكرة أننا تغيرنا.. فمبدأ الحب بأثر رجعى لم يعد له وجود بين أبناء جيلنا على الأقل، لأننا دفعنا ثمنه بالدم والدموع والقهر والإذلال سنوات طويلة من حياتنا، دفعناه بكل حياة فقدت وكل شاب دفن وكل تصرف قام به مسؤول غير أمين على مكانه فحطم به أشياء كثيرة فى واقعنا المؤلم أصلا لقد شربنا الكدر وتجرعنا الألم المرارة من كؤوس القادة، ثم بعد كل هذا نرى البعض مازالوا يتهمون جيلنا هذا بالتهور والتقلب وعدم الاستقرار.
فنحن تعلمنا ألا أحد يستحق الثقة المطلقة، وأن نعيد النظر فى كل شىء ألف مرة حتى فى قراراتنا واختياراتنا وفى كل شخص ساندناه أو اخترناه إذا أثبت لنا بالتجربة خطأ قناعاتنا السابقة، تعلمنا أن ننحى قلوبنا جانبا، فلم تعد تجدينا فى شىء، لذا لا يطالبنا أحد بأن نهيم حبا بالقوات المسلحة لأنها حمتنا يوما ولم تطلق رصاصا على ثوار يناير فمعذرة، ولكن أولا هذا واجبهم وثانيا يناير كان منذ 9 اشهر لو أنكم تذكرون!!
ولا يتعجب منا أحد من أننا ننتقد حكومة شرف اللتى فرحنا بها ذات يوم أو ينتقد الأطباء وزيرهم الذى دعموه من قبل فلم يعد لكل ما فعله هؤلاء قبل مناصبهم أى قيمة الآن، ولن يعفيهم من اللوم مثلما لا يجوز أن تعفى الذكريات الوردية ولا حتى النوايا الحسنة أحدا من العقاب.
نعم يا سادة لقد أصبحنا شبابا بلا قلب وأنتم أجبرتمونا على أن نصبح كذلك فإنه من أعمالكم، ولم يعد بيننا وبينكم سوى عقولنا اللتى تبحث فى نتائج تصرفاتكم وقراراتكم ووظائفكم على أرض الواقع وليس على أرض الخيال، فزمن الوعود والخطب والتذكير بما كان قد ولى، ولى ولن يعود، ولذلك وبينما وضعت الحبر الفسفورى هذه الأيام على يدى للمرة الثانية فى عام واحد، من أجل انتخابات نقابة الأطباء هذه المرة,وبينما نحن على أعتاب انتخابات مجلس الشعب والرئاسة، أقول لكل من أنتخبتهم ولمن سأنتخبهم أعضاء مجلس أو رئيسا ولكل من فاز بالمنصب، لقد منحتكم مثل الآخرين تصريح عمل مؤقت، منحتكم إياه بكامل رضاى وبمطلق حريتى وكل دعمى، وهو تصريح سأظل مراقبة له ولآدائكم فيه، ولكنى أيضا أعدكم أننى لن أتردد لحظة واحدة فى سحبه منكم إذا تأكد لى أنى أخطأت الاختيار ذات يوم، وأحسب أن كثير من شباب مصر وبناتها ينتوون ذلك أيضا، فلا تطمئنوا إلى كراسيكم يا سادة، ولا تأمنوا جانب سواعد دفعتكم، فكما ستجدون دعمنا قويا إذا صلحتم، ستجدون على عكسه غضبنا هادرا ومدويا إذا فسدتم.. والله ولينا جميعنا وهو نعم النصير.
د.شيماء عبادى تكتب: المجلس العسكرى والحب بأثر رجعى
الأحد، 23 أكتوبر 2011 03:40 م