يعد الأسير الأول للثورة الفلسطينية، وكان سببا فى استقالة عدد من أفراد الحكومة الإسرائيلية آنذاك من بينهم جولدا مائير وموشى ديان اللذان كانا يصران على تنفيذ حكم الإعدام فيه على خلفية نسف جسر تستخدمه السيارات العسكرية الإسرائيلية قرب (بيت جبرين) بمحافظة الخليل.
هو اللواء المتقاعد محمود بكر حجازى (75 عاما)، شبل من أشبال الشهيد عبدالقادر الحسينى، والذى اعتقلته قوات الاحتلال فى العام 1965 على خلفية عملية الخليل ووجهت له تهمة قتل أطفال ونساء.. وحكم عليه بالإعدام، إلا أنه تقلص إلى 6 سنوات فقط.
وروى حجازى، ما تعرض له من تعذيب وضغوط نفسية بالسجون الإسرائيلية منذ اعتقاله وحتى لحظة خروجه، من أجل أن يعترف بمعلومات عن رفاقه فى عملية الخليل إلا أنه ظل صامدا، مشيرا إلى أن فلاسفة وعلماء نفس حضروا التحقيقات للتعرف على شخصيته إلا أنهم لم يستطيعوا اختراقه. وقال "لم يزعجنى حكم الإعدام حتى أنه عندما كان يدخل على الطبيب الإسرائيلى لم يلحظ أى تغيير على ضغطى العصبى أو النفسى.. وعندما سألنى عن شعورى أجبته بأننى وأنا طفل كنت أحب الأرجوحة وحاليا أنا أحب أنا أتأرجح، فى إشارة إلى حبل المشنقة".
وأضاف "نحن معشر الثوار عندنا الموت والحياة كأسنان المشط.. وأننى كنت أقول لنفسى ما هو الفرق إذا مت أمس أو اليوم أو الغد؟.. لقد تساوت عندى الحياة والموت وأصبح لا فرق بينهما لأنه كان يحكمنى قرار واحد هو انتمائى لبلدى فلسطين وكنت أشعر وأنا فى المحكمة الإسرائيلية أن الشعب الفلسطينى واقف أمام جلاديه".
وتابع "طلبت من المحكمة الإسرائيلية طلبين أولهما محام يدافع عنى شريطة ألا يكون من تحت علم إسرائيل والثانى أن يعتبرونى أسير حرب إلا أنهم رفضوهما وحكموا على بالإعدام، ثم انقسمت الحكومة ما بين مؤيد ومعارض للحكم".
وقال "إن جولدا مائير وموشى ديان وغيرهما استقالوا من الحكومة لأنه لم ينفذ الإعدام بحقى.. قائلين إننا لن نجلس على كرسى يفرض عليه (زعيم المخربين) فى إشارة إلى الزعيم الراحل ياسر عرفات إرادته.. حيث هدد أبوعمار وقتها بالثأر إذا تم إعدامى". وتابع "رفضت بعد ذلك استئناف حكم الإعدام وظللت مرتديا البذلة الحمراء 45 يوما ثم جددت الطلبين السابقين، وتم الموافقة على الأول بينما رفض الثانى، وبمجرد أن وافقوا على المحامى سقط حكم الإعدام".
وأشار أول أسير فلسطينى محمود بكر حجازى إلى أن جولدا مائير وموشى ديان حاولا قتله فى زنزانته عبر دس السم فى الطعام، إلا أنه نقل إلى المستشفى وهو فى حالة خطيرة جدا وأجريت له عملية جراحية بالمعدة وكان بينه وبين الحياة "شعرة صغيرة". وأضاف "بعد حرب 67 بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية 54 أسيرا، وفى ذلك الوقت تم اختطاف حارس مستعمرة يدعى شموئيل روزين بايزر وأصر أبوعمار والقيادة الفلسطينية على أن يكون أسير مقابل أسير.. إلا أن إسرائيل رفضت وأبدت استعداداها لإطلاق جميع الأسرى سواى".
وأضاف "أبوعمار أصر على أسير مقابل أسير ووقتها أصابنى الغرور خاصة وأن الأسرى الـ54، كان أغلبهم أكاديميين ورجال علم أفضل منى.. وبعد مفاوضات ومناقشات تمت الموافقة.. وكانت أول عملية تبادل ما بين الثورة الفلسطينية المعاصرة وإسرائيل".
وأشار إلى أن عملية التبادل جرت برأس الناقورة فى 28 فبراير لعام 71 عبر الصليب الأحمر الدولى.. ووقتها علقت الصحف فى شتى أنحاء العالم بأن جولدا مائير جلست على كرسى رئاسة وزراء يفرض زعيم الثورة الفلسطينية إرادته عليه. وتابع "انتقلت بعد ذلك للعيش فى بيروت وتزوجت فلسطينية وأنجبت منها ثلاثة
أولاد وثلاث بنات وبقيت فى لبنان 12 سنة، ثم ذهبت إلى اليمن وعدت إلى فلسطين فى عام 1994، وأقمت فى غزة عاما ونصف العام، ثم توجهت إلى رام الله وأعيش فيها حتى الآن".
وعن صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، قال حجازى "نحن فخورون بهذه الصفقة لأننا استطعنا كسر إسرائيل فهى انتصار للشعب الفلسطينى رغم أننا دفعنا ثمنا غاليا جدا.. إلا أن لى بعض المآخذ عليها وهى أن جمال سمهدانى الذى اغتاله إسرائيل كان يجب ذكره ولا يتم التغافل عنه.. والشهيدان محمد فراونة وحامد الرنتيسى اللذان قاوما حتى يستطيع رفاقهما اختطاف الجندى الإسرائيلى مازالت جثامينهما لدى الاحتلال.. فلماذا لم يتم استردادهما كى تزفهما أمهاتهما كعرسان فى هذا الوقت". واختتم أول أسير فلسطينى كلامه مخاطبا قادة إسرائيل "أنتم لم تبلغوا سن الرشد بعد لأن من مصلحة شعبكم السلام وحسن الجوار والتخلى عن السادية التى تمارسونها ضد الشعب الفلسطينى والشجر والحجر والزيتون والتين".
أسرى – صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة