د.عاصم الدسوقى

عواجيز الفرح الذين لا يعجبهم العجب!!

الخميس، 20 أكتوبر 2011 04:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثلما كشفت أحداث «ثورة» 25 يناير عن القيم الإيجابية عند المصريين، فقد كشفت تداعيات الثورة وخاصة بعد الحادى عشر من فبراير عن كثير من السلبيات التى أصبحت تهدد الثورة وتحرم الشعب المصرى من قطف ثمارها فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة حتى لقد بدأت غالبية الناس تركن إلى اليأس.. ومما يؤكد هذا كثرة المجموعات التى انشقت عنها الأرض وكل منها ترفع راية الثورة بلا معنى أو مغزى، مع أن بعضها خرج من هامش النسيان الذين ظلوا فيه سنوات وسنوات، وبعضها خرج من مقبرة التاريخ يريدون إحياء مبادئ وأفكار لم تعد تتناسب مع الظروف الموضوعية التى أصبح المجتمع يعيش فيها، وجميعهم يختلفون فى الأفكار والتوجهات والمرجعيات إلى درجة التناقض ولهذا يفشلون فى التحالف والتنسيق بسبب اختلاف أولويات كل منهم، ومن ثم نراهم يدخلون فى تحالفات سرعان ما ينشقون عنها إلى تحالف آخر حتى لقد التبس أمرهم على عامة المواطنين وجعل أغلبهم غير قادرين على التمييز الصحيح، مما يجعل العصبية أساس التفاضل والاختيار.
غير أن أسوأ ما كشفت عنه الثورة من سلبيات موقف المتحدثين باسم تلك المجموعات من تاريخ مصر وذلك فى معرض تبرير موقفهم السياسى.

ففى تحليلهم لثورة يناير وأهدافها وأسباب انفجارها تسمع العجب العجاب، فرغم أن الثورة قامت كما بدا من ظاهر أحداثها احتجاجا على سياسة مبارك على مدى ثلاثين عاما بكل ما نتج عنها من فقر وبطالة وتشرد، وكانت تطبيقا للسياسة التى وضع بذرتها السادات منذ منتصف السبعينيات، إلا أن هؤلاء المتحدثين يقولون إن الثورة قامت ضد الحكم العسكرى الذى شهدته مصر منذ ثورة يوليو 1952، وعلى هذا فليس هناك أفضل عندهم من العصر الملكى.. عصر الحريات الليبرالية الذى قضت عليه ثورة يوليو دون مبرر.

وعند هذا المنعطف من المجادلة يتكشف لنا أحد العيوب التى تنخر فى روح الشخصية المصرية ألا وهى الانتقاد الذى لا يرى صاحبه أى حسنة فيمن ينتقده، وليس النقد الذى يعنى الموضوعية فى تناول الظواهر.

وهؤلاء المنتقدون هم عواجيز الفرح الذين يجلسون فى ركن من أركان قاعة الفرح وعيونهم ترصد العروسين بحثا عن أى عيوب، ويلاحقون الرائح والغادى من «المعازيم»، ويتلاسنون على كل شىء بينما يلتهمون أصناف الطعام والحلوى وهم قعود.

ما العصر الملكى الذى يتباكى عليه عواجيز الفرح فلم يكن ليبراليا بأى معنى من المعانى بل كانت الحريات فيه مفقودة ويعلم ذلك جيدا الذين عاصروا ذلك الزمن ومازالوا أحياء أو الذين درسوا تاريخه.. فالحريات المنصوص عليها فى دستور 1923 ليست حريات مطلقة ولكنها مقيدة بحدود القانون والأخلاق والتقاليد والآداب العامة، ومن يراجع صحف تلك الفترة يجد فيها بعض مساحات بيضاء مما يعنى مقص الرقيب ودون وضع مادة بديلة، وهو العصر الذى شهد محنة الشيخ على عبدالرازق والدكتور طه حسين جزاء اجتهادهما فى التفكير وإعمال العقل، ولو كانت هناك حريات حقيقية كما يظن بعض الكارهين لثورة يوليو لما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:

إذا نطقت فقاع السجن متكأ.. وإن سكت فإن النفس لم تطب
أيشتكى الفقر غادينا ورائحنا.. ونحن نمشى على أرض من الذهب
ويا عواجيز الفرح.. إذا كنتم عاجزين عن التمييز بين الرجال الذين حكموا مصر، ولا تدركون مغزى أن يرفع الثائرون صورة عبدالناصر ويهتفون باسمه، وتضعون الجميع فى سلة واحدة.. فأنتم تستحقون ما أصبحتم فيه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة