هانى محمد طنطاوى يكتب: أردناها ثورة وحولناها إلى فوضى

عندما ثار الشعب المصرى وانتفض فى 25 يناير، انتفض للتخلص من حكم غاشم دام 30 سنة، تراجعت مصر فيها إلى الوراء بسبب الفساد، وعندما تخلصنا من مبارك وأعوانه، تخيل البعض أن هناك مفتاحا سحريا سيحل جميع مشاكل 30 سنة فى شهر أو شهرين، ولم يحتكم البعض إلى العقل والمنطق، وينتظر حتى تأتى حكومة جديدة ورئيس جديد، ونعطيهم مهلة من الوقت لإصلاح ما فسد، وترميم ما تم هدمه، ثم نبدأ فى عرض المظالم والطلبات، فما فسد فى 30 عاماً يحتاج عدة أعوام، وليست أسابيع أو شهوراً للترميم والإصلاح.

ولكن للأسف الشديد شوه البعض الحلم الجميل إما بالتسرع، وإما بالطمع فحولنا شوارعنا إلى فوضى، وتعللنا بغياب الأمن، ورغم أهمية الأمن، إلا أن الانضباط والالتزام لا يحتاج إلى رقيب حتى محاكمة الفاسدين حولناها إلى استعراض تلفزيونى نتيجة حب البعض للظهور الإعلامى، وطمع البعض فى التعويضات حتى الشهداء بخسناهم حقهم بالزج بمن ليس منهم للحصول على مكاسب، فأضعنا حق الشهيد الحقيقى، حتى الحرية الإعلامية استغللناها أسوأ استخدام بإفراد البرامج للسبابين والشتامين ومدعى الوطنية تحت غطاء الحرية، وكم من الجرائم ترتكب باسم الحرية التى انتهزها البعض للاعتراض على أى شىء، وربما على كل شىء، حتى المطالب بالحقوق شوهناها بالتظاهرات اللاسلمية، وباختطاف البعض، واحتجاز البعض والتكسير وقطع الطرق والسكك الحديدية.

الثورة والتخلص من الحكم الفاسد كان حلم الغالبية العظمى من الشعب المصرى الذى عاش أسبوعين من أجمل أسابيع حياته من التضامن والتكاتف، والذوبان فى بعضه البعض، ولكن للأسف التسرع والأنانية، والطمع قد يحول الثورة إلى فوضى، فهل نستفيق ونعود إلى الطريق الصحيح نحو الحلم الجميل؟