انطلقت معركة فاصلة فى مستقبل مصر وهى انتخابات مجلس الشعب. هذا المجلس القادم سيكون له تأثير بالغ على دستور البلاد الذى يحدد توجهها لعشرات السنوات، سيكون انتخاب مجلس الشعب هو انتهاء فعلى للشرعية الثورية وبدء لشرعية دستورية. سيصبح نواب هذا المجلس هم الممثلون الشرعيون لشعبهم ولهم وحدهم حق الكلام باسمه أمام الحاكم أيا من كان. ستكون على نواب الشعب مهام جسام أولها ضمان إنهاء المرحلة الانتقالية بالشكل والسرعة التى تحفظ مطالب الشعب فى دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
تأتى معركة انتخابات مجلس الشعب فى أجواء جديدة من الحرية وغياب خطر التزوير. إن اضطراب الأوضاع السياسية وسيولتها يجعل كل منا قلقا يميل للترقب ولكن أمام حجم التحديات التى تهدد مستقبل مصر تتجيش داخلنا أحاسيس التصميم على المواجهة والتحدى. هذه معركة ستحدد تركيبة مجلس فيصلى يقع ما بين أخطار تسيد فصيل واحد أو تسيد مشايعى الحزب الوطنى وجماعة آسفين يا ريس وفلول المعارضة الذين كانت قلوبهم مع أسيادهم من أمن الدولة وتعودوا على تهميش مصالح الوطن أمام حساباتهم.
يأتى هذا المجلس ليقوم بثورة تشريعية تفك أسر مصر من غابة القوانين الرجعية المتضاربة وليكون الجهة التى تطهر مصر من الفساد وتتصدى للإهمال والهدر.
هناك ألغام محورية فى أرض هذه المعركة من اليوم الأول متمثلة فى الوضع الأمنى غير المنضبط وكم التجاوزات والبلطجة المنتظرة، وهناك لغم خطير آخر قادر على إفساد مصداقية هذه الانتخابات. لنتخيل السيناريو الآتى: إقبال كبير من كتلة تصويتية بالملايين تقف فى طوابير بالغة الطول تتقدم ببطء مستفز وكل من يدخل يغيب فى متاهات الإجراءات بدءا من استخراج اسمة وحتى ينتهى من العثور على مرشحة الفردى وقائمته محل اختياره من بين مئات المرشحين وعشرات القوائم.
الوقت محدود والعملية بالغة البطء والطوابير متراصة، هل ننتظر أن يكون الجميع هادئا ومتفهما ومتعاونا أم ننتظر من الواقعية من يثير المشاحنات بل ويلجأ للعنف الذى يهدر الوقت الذى لا يسع أصلا. ماذا عن كبار السن وأصحاب الأمراض التى تمنع من الوقوف طويلا والأمهات المسئولات عن أولادهم وغيرهم الكثيرين؟ هل أعددنا العدة لكل هذا بعدد لجان يتناسب فعلا وبالحساب مع هذه الملايين المتوقعة وهذه الاحتياجات الخاصة، أم سنفاجأ ساعتها وكعادة الدولة المصرية دائما أو كما يتفاجأ منتجو مسلسلات رمضان بقدومه.
هل نستعد ونزيد عدد اللجان ونطيل الزمن المتاح لعملها ونيسر أسلوب عملها أم نواجه الهرج والمرج من ناخبين ثائرين مرهقين لا يستطيعون الوصول لصناديق الانتخابات، ثم نواجه الطعن على أى نتيجة لهذه الانتخابات بسبب غفلة الإدارة عن واجبها وعدم كفاءتها لمهمة القيادة.
على جهة الإدارة فى هذه البلاد أن تحسب الحسابات جيدا وتعرف مقدما وبدقة ماذا هى فاعلة بالضبط تجاه احتياجات حفظ الأمن والنظام وبالمثل تجاه احتياجات عملية إدلاء المواطنين المقبلين على المشاركة بأصواتهم بما يمنع عنهم العذاب الذى سيحولهم إلى مواطنين كافرين بالديمقراطية المصرية وممتنعين عن أى مشاركة.
حان وقت معاملة المصرى بكرامة، فالعذاب ليس حقا على المصريين، وعلى جهة الإدارة أن تتقى غضب هذا الشعب الذى أصبح لا يخاف.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صلاح خضر
الله ينور عليك يا د أشرف