شاكر رفعت بدوى يكتب: حديث النفس

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011 05:03 م
شاكر رفعت بدوى يكتب: حديث النفس صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدثتنى نفسى فى حوار صامت جرىء تعودت فيه على صراحتها الشديدة لأعطى الفرصة كى أرد عليها الحجة بالحجة والدليل بالبرهان لأغتال الشر فيها وأقتلعه وأزرع بدلا منه خيرا أرويه بالإيمان والحب.. قالت لى نفسى فى ليلة ظلماء حالكة السواد ربما اختارتها لأنها وجدتنى وحيدا بعيدا عن الناس.. قالت لى نفسى فى تلك الليلة المظلمة وهى تغازل ضعفى وسألتنى: ما جدوى أن تفعل الخير وأنت تلاقى مقابلة كل شر ونكران؟.. ألا تذكر- وما زال الحديث على لسانها- أنك قد أعطيت فلانا من وقتك وجهدك وعلمك ثم بعد أن نال مراده تنكر لك وأعرض عنك بل وأشهر سيفه لك، وكأنه قد صدق من قال "علمته الرماية فلما اشتد ساعده رمانى".. وتستكمل النفس حديثها الصامت وتسألنى: ألا تذكر عزيزى أنك قد وصلت أرحامك وأقرباءك وهم فى المقابل لم يكلفوا أنفسهم بأن يصلوك أو يسألوا عنك، بل هم دائما قساة بغاة عليك؟ وفى مقابل ذلك أراك تودهم وكأنك تبارك ظلمهم لك وانقطاعهم عنك.. وتعقب النفس على حديثها وتقول.. ألا زلت يا سيدى بعد كل هذا مصرا على أن تفعل الخير رغم ما يبدو من بؤس حالك وهوانك على الناس؟.. ألا زلت مصرا على أن تستأثر لنفسك بالشر وتترك غيرك ينعمون بالخير؟.. ألا زلت مغرما بأن تهدر وقتك وجهدك ومالك وعلمك فيما لا يجدى ولا يفيد؟ ولو أنك تركت الناس على حالهم ولم تفعل الخير لأرحت نفسك وتركتهم ينعمون بالكراهية ويتركوك تنعم بالراحة والطمأنينة.. وبعد أن أنهت النفس حديثها الصامت وجدتنى أصمت لأفكر فيما قالت، خاصة أن حديثها قد جاء فى لحظة ضعف انتابتنى بعد ما لاقيت ما لاقيت جزاء فعل الخير فى أحد أصدقائى.. ورغم حزنى الشديد على ما لاقيت إلا أننى لم أكن لأوافق هوى نفسى فى كل ما قالت؟.. نعم أوافقها فى أن كل إنسان منا يبحث عن السعادة والراحة ولكن لا يجب أن تستأثر به أنانيته فى أن يرى الشر يحلق فوق غيره ويؤثر لنفسه السلامة وهو بمقدوره أن يمنعه أو يبعده عن صاحبه.. لقد فات على نفسى أننا لا ننتظر من فعل الخير جزاء ولا شكورا.. ومقابلة الخير بالشر من البعض ليس مقياسا حقيقيا نقيس به جدوى ما نفعل.. فيكفينى أننى حينما بذلت جهدى ووقتى وعلمى على من علمته أنه قد وصل إلى أرفع الدرجات وانتفع بعلمه غيرى.. ورغم تنكره لى فى البداية إلا أن صبرى على جحوده واحتوائى له جعله بعد ذلك أسيرا لى معترفا بفضلى.. أما أقربائى الذين أصلهم.. فسأظل أصلهم وأودهم رغم مقاطعتهم لى دون سبب واضح.. لأننى أصل الله فيهم.. فصلة الأرحام كما يبينها لنا رسول الآنام عليه أفضل الصلاة والسلام إنما هو وصل لمن قطعك.. هذه حقيقة صلة الرحم.. يعنى أن صلتى لهم رغم مقاطعتهم لى زيادة لى فى الثواب.. فكيف أحرم نفسى من خير كثير ادخره الله عز وجل لكل من وصل أرحامه.. خير لا تراه العيون ولكن تراه النفوس القوية والقلوب النورانية.. يقول صلى الله عليه وسلم "افعل الخير فى أهله وفى غير أهله.. فان صادف أهله فهو أهله.. وان لم يصادف أهله فانت أهله".

إن عواقب الخير محمودة حتى وإن صورت لنا أنفسنا غير ذلك.. وإنما القوى منا من انتصر على نفسه وهزمها.. وبعد نهاية هذا الحديث الصامت بينى وبين نفسى شعرت أنها قد سحرها البيان فصمتت وابتسمت وطلبت منى حوارا جديدا لموضوع آخر.. فوعدتها بالبقية إن كان فى العمر بقية.





مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

شامية

جهاد النفس ..والمعاملة مع الله

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر الصيدلي

بنك المعاملة كلما امتلكنا منه الكثير كلما استطعنا ان نمنح أكثر

عدد الردود 0

بواسطة:

د صفاء العدل

مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

سلمى محمد

مقالة رائعة

عدد الردود 0

بواسطة:

امجد عطا

اعطى الله للنفس فجورها وتقواها..فهى من يختار....

ربنا يصلح حالنا جميعا....

عدد الردود 0

بواسطة:

د هاني أبوالفتوح

أطال الله تعالى عمر الأستاذ المبدع الكاتب الكبير شاكر رفعت بدوي

عدد الردود 0

بواسطة:

شاكر رفعت بدوي

دمتم لنا شموعا تضئ

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد سالم

كنا نقرىء الضيف ...ونصل الرحم ..ونشارك فى الافراح والاتراح

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة