منذ أن اندلعت ثورة يناير المجيدة، وزال الضباب عن تبعاتها، وأنا أحاول جاهداً أن أدقق النظر، وأصرف الاهتمام الكامل إلى فئة هى الأخطر على مجريات الثورة، فبرغم ما يعده المختصون من إجراءات وقوانين وتشريعات تساهم فى استبعاد فلول الحزب الوطنى المنحل، أو تقنين مساهمته فى الحياة السياسية القادمة، أراهم يتجاهلون من هم أخطر منهم، ولا يمارسون أقل درجات الوعى حتى يهتدى عامة الشعب إلى من يبنى له ومن يبنى لنفسه، فقد شهدت هذه الأيام، والتى ازدحمت بالمتغيرات والمتابعات، أجلها وأبرزها الانتخابات التشريعية التى تدق الأبواب، وتتخبط فيها القرارات والقوانين، ولم يهتد القائمون عليها على وسيلة مثلى لتنفيذها، وبين كل هذا الحراك المثير، نجد هناك فئة لا تنتمى لأحد مطلقاً سوى صالحها الشخصى، تتلاعب بمشاعر البسطاء، وترتكز على مقومات نجاح مستمدة من عاطفة الفقراء، وعامة البسطاء من الشعب، تحترف القفز على أى حدث، وتحتك بأى عمل بسطوة المال الذى تملكه، فتنزعه من أصحابه والقائمين عليه، وتضعه فى قائمتها الخدمية حتى تستخدمه كسلاح تنحنى له جباة هؤلاء البسطاء، إنهم فئة رجال المال الذين يرون فى أحمد عز المثل الأعلى بل لا يدركون حقيقة كونه خلف القضبان الآن، ولا يستطيعون أن يصرفوا أنفسهم عن بريق السلطة والكرسى، انتشروا بصورة غريبة يجوبون الأرياف والعشوائيات، ويتلاعبون بمشاعر البسطاء، ويريدون من جديد أن يثبتوا لناس ولمن حولهم أن المال هو السلاح الوحيد الذى ينجيهم مما هم فيه، معتمدون على النقص الكبير فى خدمات الدولة، وعلى حالة الفوضى العارمة فى بعض المؤسسات التى لم تقف بعد على قدميها، ومن ناحية أخرى فترى المهد التى تعيشها الأحزاب الحقيقية التى ولدت من رحم الثورة ولم تولد سفاحاً كبعضها الآخر، ويشهرون سلاح المال فى كل كبيرة وصغيرة، ومن العجيب أنهم فى أغلب الأحوال وبالنظرة الدقيقة لم يكونوا فى العهد القريب بمنأى عن الإفساد السياسى، فقد كانوا هم ومن على شاكلتهم الممول الرئيسى للحزب ومرشحيه، ولم يتخاذلوا أبداً عن نصرته، ومنهم من كان يجلس فى الصفوف الخلفية منتظرا إشارة أمانة السياسات له لدخول ملعب السياسية جزاء دعمه المتواصل، تلك الفئة التى لم تحمد الله على كون أمرها لم يتم فضحه بالشكل العلنى، فدفنت رؤوسها بالرمال وانصرفت، لكنها استغلت جهل البعض بها، وارتدت الأقنعة، وخاطبت الناس والبسطاء على أنها من رحم الثورة أتت، ومن أجل الفقراء والمساكين عملت، وأرادت أن تأكل على كل الموائد، بلا أدنى حرج، وكلما تعالت بعض الأصوات من شباب الثوار أو من العقلاء، رشقوهم بأعمال البلطجة، وضيقوا عليهم الخناق لإسكاتهم، وغمروا الناس بالعطايا للهجوم عليهم وعدم تصديقهم، وتفضلوا عليهم ببعض حقوقهم، ويريدون من جديد أن يجعلوا الوصاية للمال، فلا ينتظرون حل المشكلات من جذورها أو تشريع ما يعوق حدوث المشكلات، بل هم ينتهجون نهج سابق العهد من التشويه ووضع الرتوش والحلول غير الجذرية التى تصب فى صالحهم بشكل مؤقت ولا تعود بالنفع الكامل على الشعب، يا سادة لماذا ننشغل بالفلول وهم معلومون للجميع، وإحصائهم سهل وبسيط، ونغفل عن هؤلاء المتحولين والمتلصصون، ولصوص الثورات، إن اهتمامنا بمن يريد أن يشغل الحياة السياسية المستقبلية، وسوف يكون فى وقت لاحق هو عماد الأمة وهو المشرّع وهو من يقر القوانين، أهم ألف مرة من النظر للخلف، النظرة للفلول نظرة خلفية لا تهم بقدر النظرة لمن يستخفون بالبسطاء ويحشدون أموالهم وزويهم وعائلاتهم للظفر بالسطلة بجانب المال، ويجذبون المجتمع ومصر إلى سابق عهدها رويداً رويداً، ليتنا الآن ندرك هذا الخطر البالغ والمتمثل فى رأس المال الغاشم، ومن هبطوا على الحياة السياسية من الخارج والداخل، ومن ينفقون أموالاً تصل إلى حد الجنون فى سبيل الحصانة، نريد أن نتوجه إلى الريف والعشوائيات ونحفظ لهم أصواتهم الانتخابية، فهم كثيراً ما تربطهم العصبية والحرج فى مجتمعهم المترابط وتجلهم بغير قصد يحيدون عن مصلحة الدولة العليا، ومستقبلها الواعد المنشود، ينقصهم فقط التوعية ونشر الوعى، وتركهم فريسة الإغراءات المالية، والخدمات السطحية، إنما هى مسئولية الدولة والقائمون عليها، وسوف تسألهم مصر الجديدة عما أجرموا فى حقها للمرة الثانية، وعن تركهم مقاليد الأمور فى يد كل من هو فارغ الذهن، خاوى الفهم تكتظ جيوبه وحقائبه بالدولارات والعملات الأجنبية، ينفق حيث يشاء فى سبيل تشويه المستقبل وإسقاط الدولة من جديد..
سجن أحمد عز
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
ياخوفى .... يابدران
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد سعيد علام
الواجب الوطنى
عدد الردود 0
بواسطة:
D / mostafa el 7adry
احسنت ياأستاذ أحمد
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الله البلتاجي
آأقسم بالله ده اللي هيخرب البلد