السيد المشير.. كفاك قبولا لإهانة المجلس الأعلى للقوات المسلحة والجيش المصرى، وكفاك ترددا فى اتخاذ الإجراءات الحازمة التى تعيد الأمور إلى نصابها، إنك بهذا تعيد أبطال ومقاتلى جيش أكتوبر المنتصر ذو العزة والكبرياء الذى هو كنز هذا الوطن، وأنت أحد رجالاته، إلى حالة الذل والانكسار التى شملتهم بعد هزيمة عام 67، إن هذا الجيش لا يستحق منك هذا، فى أحداث ماسبيرو كان جنود الشرطة العسكرية يحرسون إحدى المنشآت الهامة فى الدولة، إن لم تكن أهمها على الإطلاق وهى مبنى التليفزيون فى ماسبيرو، بناء على أوامرك وأوامر من يلونك فى التسلسل القيادى، فكيف تعتب عليهم ويعتب عليهم غيرك من كتيبة المنتقدين بلا عقل الساخرين بلا أدب من الكتاب والإعلاميين، قيامهم بواجبهم فى الدفاع عن المبنى الذى كلفوا بالدفاع عنه، ثم كيف تترك جنود الشرطة العسكرية يقومون بمهمتهم دون أن توفر لهم الأسلحة والذخائر المناسبة، إضافة إلى ضرورة وجود احتياطى تكتيكى يندفع لمؤازرتهم عند تعرضهم لأى هجوم، أليست هذه مبادئ التكتيك الذى يعرفه قادتهم جيدا، فماذا وفر لهم الجيش من ذلك؟ لقد كان ما حدث لهؤلاء الجنود والشهداء الآخرين هو نتيجة سوء التخطيط وعدم الجدية، ناهيك عما أصاب باقى ضباط وجنود الجيش كله من إحباط وما يعتمل فى نفوسهم - وما أدراك بما يعتمل فى نفوسهم - نتيجة مشاهدتهم لزملائهم جنود الجيش وهم يفرون أمام بعض المرتزقة والرعاع المسلحين بالأسلحة والحجارة والمولوتوف ثم يسقطون على الأرض ليداسوا بالنعال حتى الموت، ولا يجدون فى أيديهم ما يدافعون به عن أنفسهم أويحفظوا حياتهم، هل تدرك معنى هذا بالنسبة لباقى وحدات الجيش؟
ثم نأتى بعد ذلك إلى الحملة الظالمة المجنونة لإدانة جنود الشرطة العسكرية بما لم يفعلوا ولم يرتكبوا، وتحميلهم مسئولية ما قد يكون قد ارْتُكِبَ بواسطة بعض أهالى الأحياء المحيطة بالمبنى الذين إندفعوا للدفاع عن الجيش رمز عزتهم وكرامتهم عندما رأوا ما يتعرض له جنوده من قتل وعدوان على يد البلطجية والمنفلتين.
إن القول بأنهم ضربوا المسيحيين هو قول داعر، إنما هم تصدوا لمن كان يحول الاعتداء على المبنى واحتلاله مستعينا بالغوغاء والبلطجية، دون انتقائية أو طائفية، لا فرق بين مسلم ومسيحى أو حتى بوذى، ومثلهم فى هذا مثل الجندى سليمان خاطر الذى كان يدافع عن موقع التبة التى يحرسها فى سيناء ضد المهاجمين بناء على تعليمات قيادته.
يبقى السؤال الذى يتجنب الجميع الوقوف عنده والإجابة عليه، ماذا كان يحدث لو أن المتظاهرين الغاضبين الذين تم حشدهم من قبل بعض المتعصبين رافعى الصلبان بلا مبرر، ماذا كان يحدث لو أن هؤلاء المتظاهرين وقفوا وقفة احتجاج صامتة على كوبرى 6 أكتوبر بالمشاعل بدلا من الصلبان كما وقف متظاهروا الأمس وقفة رمزية بالشموع أعلى كوبرى قصر النيل تضامنا مع أحداث ماسبيرو، أسأل غاضبا ماذا كان يحدث لو وقفوا وقفة سلمية مماثلة وعبروا عن احتجاجهم وأوصلوا شكواهم إلى المسئولين ؟ طبعا هذا لم يكن ليحدث لأن من خطط للمسيرة كان يرمى إلى الاحتكاك بالجيش، أو إذا أحسنا النية لم يكن يتوقع – نتيجة سوء تقديره - ما سيئول إليه الوضع عند وصول المتظاهرين إلى ماسبيرو والدخول فى مواجهة مع الجنود المكلفين بالدفاع عن المبنى.
أنا هنا أدين ألف مرة مَن خطط ودبر وشارك فى هدم سور الكنيسة المزمع بناءها فى أسوان فهذا عمل إجرامى لا يجوز وليس من الإسلام فى شيئ، وبنفس القدر أدين ألف مرة مَن خطط ودبر وشارك فى خروج المسيرة، فلولا تعصب هذا وغباء ذاك لما سقط هؤلاء الشهداء.
السيد المشير..
المفترض أنك الآن القائد الأعلى للقوات المسلحة وواجبك أن تعمل على رفع معنويات ضباط وجنود الجيش وأن تقوى عزيمتهم وتشد من أزرهم للدفاع عن الوطن ومواجهة أعدائه، فهل ما تم تداوله من قرارات ومقالات وتعليقات وتسونامى إعلامى معادى للجيش وللمجلس خلال الأسبوع الماضى يحقق ذلك ؟ أم أن النتيجة كانت معاكسة؟
إن التخلى عن دعم الجندى أثناء أداء مهمته يسبب له مرارة وإحباطا شديدا، فما بالك بإدانته ولومه على أداء هذا الواجب وتأثير ذلك على معنوياته وإيمانه بقيادته، إن جيشا مثل هذا لن يصلح للدفاع عن الوطن، وسيسارع بالفرار أمام العدو كما فر أمام قاذفى الحجارة ومطلقى الرصاص وحارقى عرباته المدرعة فى ماسبيرو.
حفظ الله مصر من أبنائها.. قبل أعدائها
* لواء أركان حرب وخبير إستراتيجى