وقع اختيار مهرجان أبوظبى السينمائى على المخرج الإيرانى أصغر فرهادى للفوز بجائزة "مخرج الشرق الأوسط" لهذا العام والتى سيتسلمها فى الدورة الخامسة من المهرجان المقامة فعالياتها حاليا فى حفل خاص يقام فى 20 أكتوبرفى فيرمونت باب البحر.
فرهادى هو المخرج الرابع الذى يحوز على جائزة "فاراييتى" التقديرية فى المهرجان، وقد عُرف بفيلمه "عن إيلى" الذى قدم مهرجان أبوظبى السينمائى عرضه الأول فى الشرق الأوسط عام 2009.
هذا ورُشح "انفصال نادر وسيمين" آخر أفلام فرهادى لجائزة أوسكار فى فئة الأفلام الناطقة بلغة أجنبية، ممثلاً إيران لعام 2012، وسيتم عرض هذا الفيلم ضمن مسابقة أفلام مهرجان أبوظبى السينمائى هذا العام.
نال فرهادى الإعجاب لسرده المتقن للقصص وتطويره الشخصيات بحنكة، ليغدو الأكثر متابعة من بين المخرجين الإيرانيين المبدعين، يبنى فرهادى أفلامه على التشويق والعمق النفسى، وقد فتنت هذه الأفلام المشاهدين فى إيران والعالم، وتدور أفلامه على الدوام حول التفكك الأسرى، والعدالة الإسلامية، ومواضيع متعلقة بالجنس والإيمان والطبقات، وهى معروفة بانعطافاتها فى الحبكة وتبدل زاوية الرؤية، بما يضع المشاهد أمام تحد متواصل يتمثل بتحريضه على التساؤل والمحاكمة الأخلاقية.
ولد فرهادى عام 1972 فى أصفهان، وبدأ مسيرته بتلقى الدروس فى الجمعية الإيرانية للسينما الشابة، بينما كان يدرس المسرح والسينما فى جامعة طهران، كتب وأخرج عدداً من المسرحيات، وأنجز أفلاماً قصيرة، قبل أن يعمل فى التلفزيون الإيرانى. أول أفلامه الروائية الطويلة جاء بعنوان "الرقص على الغبار" (2003) وحاز إعجاباً نقدياً وجماهيرياً، وعرض فى مهرجانات عالمية، ليتبع ذلك بفيلم ثان بعنوان "مدينة جميلة" (2004)، كما قدم فى عام (2006) فيلمه "أربعاء الألعاب النارية"، مكرساً نفسه كواحد من أبرز المخرجين الإيرانيين.
لفت فرهادى أنظار العالم عام 2009 من خلال فيلمه "عن إيلي"، والذى مثلت فيه النجمة الإيرانية غولشيفته فاراهانى، وفاز الفيلم بجائزة الدب الفضة لأفضل مخرج فى مهرجان برلين السينمائى، يروى الفيلم قصة مجموعة من الشبان الإيرانيين فى رحلة إلى بحر قزوين سرعان ما تتحول إلى مأساة وصراع حين تواجه الشخصيات ثقافة مجتمعها والخداع اليومى الذى تعيشه.
آخر أعمال فرهادى "انفصال نادر وسيمين"، والذى يقدمه مهرجان أبوظبى السينمائى هذا العام، عرض للمرة الأولى فى مهرجان برلين السينمائى محققاً نجاحاً تاريخياً، حيث نال جائزة أفضل فيلم وحظى بطله وبطلته بجائزة التمثيل – وهو إنجاز لم يحققه أى فيلم إيرانى من قبل فى مهرجان غربى، يقدم "انفصال نادر وسيمين" دراما تصاعدية تدور حول صراع عائلة علمانية من الطبقة الوسطى مع عائلة فقيرة متدينة، فى ملاحقة لأسئلة متعلقة بالعدالة والحقيقة والشرف، إنه فيلم يسلط الضوء على تعقيدات وتناقضات المجتمع الإيرانى المعاصر.
يصف بيتر سكارليت المدير التنفيذى للمهرجان تجربة فرهادى قائلاً: "إنه معلم فى تورية المعانى ووجهات النظر، إذ يقدم لنا سبراً هو الأكثر دقة للحياة اليومية فى إيران بما يتفوق على الأفلام الوثائقية، إنه الآن فى فيلمه الخامس، وأتمنى أن يواصل عمله المتقن فى خطه الخاص الذى جعله ثروة وطنية وحقق من خلاله نجاحات عالمية، إن الدرامية المحبوكة بإتقان وروعة صياغتها جعلته محط إعجاب الناس من مختلف المشارب، وإننا سعداء بأن نرحب به مجدداً فى المهرجان".