أى حزن هذا الذى يخيم على البلد وعلينا؟! وكيف نخرج سالمين من الفخ الذى نصبه اللاعبون بالنار؟!
الكلام جنب الكلام يساوى كلاما لا معنى له، رجال الدين الرسميون من الطرفين يقومون بمهامهم الموسمية كرجال إطفاء، والإعلاميون أيضا، سيدات التليفزيونات سيلبسن الأسود ورجالها سيغيرون رابطة العنق، لن يتحدث أحد عن فصائل الدم الذى سال، كلهم سيرفضون الوقيعة بين الشعب والجيش الذى حمى الثورة، بدليل أنه عين وزيرا للإعلام برتبة خفير لحماية الفوضى.
لن يتحدث أحد عن افتقاد ابتسامة مينا دانيال التى كانت تلوح لك وأنت تتجول فى وسط البلد لتؤكد لك أن الثورة نجحت أو فى طريقها للنجاح، سيدخل عبر الهاتف شيوخ الفتنة ليقولوا لك إن الأقباط لهم كل الحقوق وإنهم ضد الفتنة، والمؤامرات الخارجية موجودة بالطبع، ناهيك عن دور البلطجية وفلول النظام السابق، ولا بأس من شوية سيف اليزل وتحركات مرشحى الرئاسة.
وسط البلد ليلة الأحد كانت خارجة من حرب، كنت تمشى منتظرا خروج أشباح تم إطلاقها بفعل فاعل، تنتظر خروجها مع كل التفاتة، اختفى أصدقاؤك فجأة، معظمهم أغلق هاتفه، تبحث عن مكان مضىء تعرف فيه أحدا دون جدوى.
تقف أمام دار القضاء العالى حتى يمر عشرات الشباب الذين يهتفون ببذاءة ضد أشقائنا المسيحيين، شباب لا يشبه شباب الثورة، لا تعرف كيف تجمعوا ومن أين أتوا؟ تكون إلى جوارك سيدة خمسينية تستند إلى السور الحديدى الذى يحوط محطة جمال عبدالناصر مرتجفة، وتنظر إلى الذين ينتظرون انتهاء الغارة العنصرية المقبضة حولها، وتردد بدون توقف «ما حدش يرد عليهم.. اللى بيشتم بيشتم نفسه»، بكيت وشعرت بالخوف، وبدأت أمشى فى الشوارع، تفاديت الطرق الجانبية التى عادة ما أستخدمها للوصول، لم أكن متحفزا كما يفعل الذين تلتقى عيناك بأعينهم، ليست هذه هى القاهرة المتسامحة الآمنة الآسرة الدافئة الحنونة الجميلة، وليس هؤلاء أهلك.
البكاء وأنت بمفردك فى مثل هذه الظروف ليس حلا، ولكنه عقاب للروح، لست مضطرا أن تخفى دموعك هذه المرة، لأنك لأول مرة تشعر أنك غريب، غريب لدرجة مؤلمة، لا تعرف أين ذهب بلدك المضىء؟
اتصلت بطفلى ليلى وحسن وفى ذهنى ذكريات ليلة 28 يناير، اتصال يخلو من المداعبة والكلام، «انكسفت أكلم» أصدقائى من الأقباط والذين لم أصنفهم على أنهم أقباط، لأنك لا تعرف ماذا ستقول لهم، ولا تعرف أرقام الذين يدافعون عن القتلة ويتحالفون معهم، لكى تقول لهم إن مبارك والعادلى وحسن عبدالرحمن والوهابيين وإسرائيل سعداء بكم.
كيف وصلت إلى البيت ليلتها؟ لا أعرف.. ماذا فعلت من ساعتها؟ لا أعرف، وما الذى ينبغى أن أكتبه وسط هذه الكوابيس ووسط هذه الأكاذيب.. لا أعرف.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أبوالسعد
الاحساس شئ رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
رأفت وهبه
لا تحزن
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم م ج
لغة المشاعر هي اقوى العبارات
عدد الردود 0
بواسطة:
نيفين
هذا عزاء
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد مجدي
الكلام