المشهد الدامى الذى صنعته أحداث ماسبيرو يوم الأحد الماضى كان مشهداً غاية فى البشاعة والقبح، إلا أنه لم يكن مفاجئاً أبداً، لأننا فى حقيقة الأمر استكثرنا على أنفسنا أن يظل العالم محتفظاً لنا بالصورة المبهرة التى قدمناها بتلك الملحمة الهائلة التى أدهشت الدنيا وصارت مصدراً لإلهام العديد من شعوب الأرض.
ونحن نحمد الله أننا عملنا طوال الشهور الماضية بكل الدأب والإخلاص على تشويه هذه الصورة الجميلة المتحضرة التى بدونا عليها، وأكدنا لهم أننا لسنا كذلك دائماً، هكذا قمنا بكل ما نقدر عليه حتى توجناه بما جرى فى ماسبيرو، وما ذلك كله إلا بفضل نخب انصرفت لخلافاتها وتركت البلد لقوى سواء من هنا أو من هناك إما أن تستولى على ثورته أو تورده موارد التهلكة.
حتى كتابة هذه الكلمات، وأنا أكتبها على مضض باعتبارى كنت راغباً فى الجلوس لقراءة بعض القصص والحكايات، تلقيت عدة اتصالات من أصدقاء عرب يهمهم شأن مصر وتتعلق بها آمالهم، لم تكن خشيتهم على ثورتها فقط ولا من أن نكون غافلين عما يتربص بها وبوحدتها الوطنية، بل صدمهم ما كان فى مشهد ماسبيرو من الوحشية والكراهية المفرطة فضلا عن امتلائه بالقتلى والحرائق والدماء.
وأستمع الآن إلى تأكيد القوات المسلحة فى مؤتمرها الصحفى أن أفراد هذه القوات لم يكن معهم ذخيرة، وأن بينهم، أيضاً، شهداء قتلوا بالرصاص. وإذا كان ذلك كذلك، فإن خطورة الأمر إذن هائلة. خاصة والبلد هربت إليها كميات لا حدود لها من الأسلحة.
- 2 -
- أثناء حواره مع الإعلامية منى الشاذلى مساء الثلاثاء الماضى، كان الدكتور حازم الببلاوى الذى تحدث عن استقالته التى تقدم بها إلى المجلس العسكرى، قد شرع فى تقديم، بناء على طلبها، رؤيته لأحداث ماسبيرو.
وفى اللحظة المناسبة بالضبط، أى ما إن بدأ نائب رئيس الوزراء المستقيل يستطرد ويقول، حتى بوغتنا بانقطاع الصورة، وهى ظلت منقطعة زمناً ثم جاءت. وقالت الإعلامية الأريبة باسمة:
«عادى، يعنى هو الإرسال كان بينقطع قبل 25 يناير، وبعد 25 يناير برضه».
الصورة، معرضة للانقطاع أو الاختفاء أو الاختباء، طبعاً، لكن المهم فى الأمر أنها ما إن جاءت حتى رأينا النائب المستقيل يكف عن مواصلة شرح رؤيته التى كان شرع فيها وينتقل بكلامه إلى موضوع آخر. وأنا من ناحيتى لم أظن أبداً أن المجلس العسكرى متفرغ بشدة إلى هذه الدرجة، بمعنى أنه لم يمد أصابعه ويقطع الصورة عن الرجل وهو يتكلم، بل هى مسألة راجعة للدقة واليقظة التى يتمتع بها وزير الإعلام الوقور، وهو الأمر الذى يتوافق وتغطية تليفزيونه الحكومى بالأمس فقط لأحداث ماسبيرو، من تهافت وتحريض غير حكيم، فيا لها من تعاسة! ويا له من بؤس!
-3-
- يظن عبدالفتاح أن البلد انفلت عياره وصار مستباحاً بل بدأ ينحل ويتآكل. أنا لا أظن ذلك طبعاً. ثم إنه يتحدث عن الأحزاب والجماعات حديثاً لا يليق ويقول إنها تأتلف وتختلف ليس على أساس من المبادئ لأنها واضحة ولا تستوجب أى خلاف، بل على أساس من حجم المكاسب المتوقعة.
وما يحزن عبدالفتاح أيضاً أن الجميع نسى رجل الشارع الصغير الذى هو جسد هذه الثورة، بل راحوا يعملون على سرقة حلمه وحرمانه من وطن حر وعادل يصون كرامته ويسود فيه القانون وتتكافأ الفرص أمام كل أبنائه.
ويظن عبدالفتاح، أخيراً، أن جهود هذه القوى الخفية نجحت فى دفع المواطن الصغير العادى إلى السخط على الثورة، اعتقاداً منه أن الثورة هى السبب فى هذا التردى الذى يعيشه، مع أن الثورة ليس بيدها قرار، ولا تحكم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مش فاهم
حد فاهم حاجة.......... المقال مفيش فيه جملة مفيدة
قول جملة واحدة مفيدة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم م ج
اصدقائك العرب اكثر استنارة من كثيرين من المصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
حكيم
المعني في بطن الشاعر
مقال ملئ بمن هو بين السطور, وسجل يا تاريخ!!
عدد الردود 0
بواسطة:
بسمة نور
؟
مين عبد الفتاح ده؟؟؟؟؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد حسام
كلامك كباقى كلام طبقه أنصاف المثقفيين التى أيتليت بها مصر و هذا ردى عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد صابر
شيزوفرنيا الثوره و أنتقائيه النخبه
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام عارف عبد الراضى
صدمة ...
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل نصيف رفلة
مقال بليغ ورائع وواضح لكل من يعرف اللغة العربية وما يحدث بمصر وبالتلفزيون الهزيل وبرغبة ال
لاتعليق بعد ذالك
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف حماد
واصل كالسيل المجتاح