هناك سؤال يتبادر فى الأذهان منذ وقوع الجريمة الكبيرة أمام مبنى ماسبيرو بالقرب من من ميدان عبد المنعم رياض والتى أثرت فى قلوب المصريين جميعا، وهو من المسؤل عن هذه المهزلة التى راح ضحيتها أكثر من 26 قتيلا و300 مصابا معظمهم فى حالة خطيرة، ولماذا التعامل الوحشى من قبل رجال القوات المسلحة ضد المتظاهرين الأقباط -إخواننا - الذين يعبرون عن رأيهم بديموقراطية وحرية قد اعتقدنا أنها اتسعت كثيرا بعد ثورة 25 يناير التى أذهلت العالم فى نجاحها وإخفاقاتها فى الوقت نفسه فى بث الاستقرار والأمن وتحقيق التقدم المجتمعى، إلا أننا فوجئنا بصورة بشعة كنا قد تعودنا عليها فى زمن مبارك والنظام البائدن واعتقدنا أن الثورة بمبادئها المعروفة الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية قد أرستها، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وأصبح المتظاهرون المعبرون عن مطالبهم المشروعة يقمعون ويضربون ويقتلون، ويتعرضون للدهس بسيارات الجيش والشرطة.
وبقدر الكوارث التى شهدتها مصر طوال تاريخها بداية من عام الرمادة فى عهد سيدنا عمر بن الخطاب ومروراً بسنوات العجاف فى عهد سيدنا يوسف والمجاعات المتتالية فى العهود المختلفة، مثل عهد الدولة الفاطمية ووصولاً إلى العهد الملكى ثم العهد الجمهورى الحالى وبقدر عمق التعايش الهادئ، الذى شهده كل من عاش على الأرض المصرية.. فكراً وسلوكاً وفلسفة وعملاً على مر العصور، بقدر ما ظل الشعب المصرى بشبابه ورجاله وأطفال ثابتاً على الحق وعلى المبادئ التى أرساها بدمه فى مختلف الحروب التى خاضها ضد العدو ولطخ بدماء شهدائه الطاهرة معظم الأراضى المصرية، لذا فإن الأصابع الأجنبية عادة ما تستغل العوامل الداخلية من فتنة طائفية لتلقى بالزيت على النار، وتصنع ما يسمى بالفوضى ومن ثم سقوط الدولة. بالأمس كان الإنجليز واليوم ربما الأمريكيون والإسرائيليون والوهابيون والقاعدة ومعهم بعض المنابر الإعلامية والصحفية التى تروّج المعلومات الخاطئة والأفكار المنحرفة والآراء المضللة.. فقد ساعد هامش الديمقراطية الذى نعيشه حالياً أن تكون المعلومات المتاحة عن الأحداث موجودة إلى حد ما، فالذى تحجبه وسائل الإعلام الحكومية تنشره وسائل الإعلام الحزبية والخاصة أو المستقلة وما لا يقال كحقائق تتناولها الشائعات بالتضخيم والمبالغات، وإذ بالنار تسرى فى الأعماق حتى لو بدا السطح هادئاً فى بعض الأحيان، لذلك فكل يوم تثبت الأحداث أنه لا غنى عن إقرار الديمقراطية الحقيقية وحرية النقد والتعبير والتفكير وحرية الإعلام فى أن يعرض الحقيقة وليس الأكاذيب وإقرار العدالة الاجتماعية داخل المجتمع وأن يعتبر كل مسئول فى الدولة بداية من رئيس الجمهورية حتى أصغر مسئول أن فى يديه أمانة هى مصر وأنه مسئول عن هذه الأمانة التى سوف نسأل عنها يوم القيامة.. فسيدنا عمر قال: "لو تعثرت دابة فى العراق لسئل عنها عمر"، ولابد من الاعتراف بالواقع والإقرار بالحقيقة، فالواقع والحقيقة يؤكدان أن هناك توتراً فى عديد من قرى مصر ومدنها بين الناس فى كل المحافظات.
وقد تكون هناك الشائعات المعدة سالفاً التى تتناقلها الألسنة فى المجالس أو تنشرها المنشورات المطبوعة كالصحف الصفراء فى الشوارع، وبعض القنوات العربية والأجنبية التى ما أن ترى جنازة وتتمادى فيها بالصراع والتهويل، التهوين أحياناً.
فلابد من وضع ضوابط على تناول الإعلام للملفات الساخنة والحساسة داخل المجتمع لاسيما ملف الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، وعدم الانجراف وراء العاطفة الجياشة، خاصة فى الأمور المصيرية التى تتعلق بمستقبل البلاد، ونرسخ شعار المسلم والقبطى إيد واحدة من أجل الوطن مصر أغلى الأوطان!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة